الرئيسية > اخبار محلية > أهداف خفية وأبعاد خطيرة.. جماعة الحوثي تقول إنها أفرجت عن 3 آلاف أسير

أهداف خفية وأبعاد خطيرة.. جماعة الحوثي تقول إنها أفرجت عن 3 آلاف أسير

روّجت جماعة الحوثي مؤخرًا لخبر يفيد بإطلاق سراح أكثر من ثلاثة آلاف سجين بمناسبة ما تسميه "الاحتفال بذكرى المولد النبوي" في خطوة أثارت جدلًا واسعًا بين الحقوقيين وأسر المختطفين على حد سواء. فبينما قدمت الجماعة هذا الإعلان على أنه "عفو جماعي" يعكس روح المناسبة الدينية، اعتبره ناشطون ومنظمات حقوقية مجرد مسرحية دعائية جديدة تهدف إلى التغطية على سجلها الأسود في الاعتقالات التعسفية والإخفاء القسري.

 

مسرحية بغطاء ديني

بحسب ما نشره القيادي الحوثي عبدالسلام الحوثي المعيّن في منصب النائب العام، فقد شملت عملية الإفراج 3,349 شخصًا من السجون المركزية ومراكز التوقيف في العاصمة وعدة محافظات، على رأسها الحديدة التي تصدرت القائمة بـ1,020 مفرجًا عنهم، تلتها أمانة العاصمة وصعدة وذمار. هذه الأرقام الضخمة أثارت شكوكًا واسعة، خاصة في ظل غياب أي شفافية أو تأكيد من مصادر مستقلة.

 

فأسر المختطفين الذين ينتظرون منذ سنوات أي بارقة أمل، فوجئوا بأن أسماء أبنائهم لا تظهر ضمن قوائم المفرج عنهم. هنا يتكشف جوهر الكذبة: الحوثيون يعلنون أرقامًا لامعة، لكن الواقع يقول إن آلاف المعتقلين السياسيين والناشطين والصحفيين لا يزالون خلف القضبان، يتعرضون للتعذيب وسوء المعاملة بعيدًا عن أي "عفو" حقيقي.

 

أهداف خفية للكذبة

اللافت أن هذه الكذبة لم تكن مجرد دعاية موسمية، بل تحمل أهدافًا استراتيجية متعددة:

 

التلميع السياسي والإعلامي: تحاول الجماعة إظهار نفسها كسلطة مسؤولة تتخذ خطوات "إنسانية" أمام الرأي العام المحلي والدولي، مستغلة البعد الديني للمولد النبوي.

 

التخفيف من أعباء السجون: اكتظاظ المعتقلات وتردي الأوضاع الصحية شكّل عبئًا متزايدًا على الحوثيين، فكان الحل انتقائيًا عبر إخراج سجناء محددين.

 

التجنيد القسري: كثير ممن أُفرج عنهم لم يغادروا إلا بعد توقيع التزامات بالانضمام إلى جبهات القتال أو إبداء الولاء للجماعة، ما يجعل"العفو" أداة لتغذية آلة الحرب.

 

إخفاء الانتهاكات المستمرة: في الوقت الذي يُروّج فيه للإفراجات، تتواصل حملات الاعتقال التعسفي ضد المعلمين والطلاب والناشطين، ما يكشف التناقض الفاضح بين الخطاب والواقع.

 

انعكاسات إنسانية قاسية

إعلان الحوثيين عن الإفراج المزعوم لم يجلب الفرح للأسر بقدر ما عمّق جراحها. كثير من الأهالي عاشوا لحظات انتظار مؤلمة، ليكتشفوا أن أسماء أبنائهم غير مدرجة. هذا الأمر ولّد إحباطًا مضاعفًا، وأكد أن الجماعة تتلاعب بمشاعر الناس وتستثمر آلامهم في عروض إعلامية لا علاقة لها بالإنسانية.

 

في الحديدة على وجه الخصوص، وصف نشطاء محليون الإعلان بأنه "مهزلة"، مشيرين إلى أن الجماعة تسعى لتغطية سنوات من الاعتقالات التعسفية التي استهدفت المدنيين والناشطين. وما تزال هذه المحافظة وغيرها مسرحًا لحملات جديدة، حيث يُجبر الطلاب على تدريبات عسكرية في المدارس، ويُعتقل المعلمون الرافضون للسياسات الطائفية.

 

الوجه الآخر: الاعتقالات مستمرة

المفارقة أن خبر "العفو" جاء متزامنًا مع موجة اعتقالات واسعة في محافظات مثل تعز والبيضاء، حيث تحولت المدارس إلى مراكز اعتقال وتجنيد. فقد اعتُقل عشرات المعلمين في تعز بتهم واهية، فيما حُولت مدارس في البيضاء إلى ساحات تدريب عسكري للطلاب. هذه الممارسات تكشف أن "العفو" الحوثي ليس إلا غطاء دخاني يهدف لإخفاء سياسة قمعية منهجية.

 

ابتزاز ومساومة

شهادات محلية أكدت أن كثيرًا من عمليات الإفراج تمت بعد مساومات واضحة، حيث أُجبر بعض المعتقلين على توقيع تعهدات بالانخراط في صفوف الجماعة أو حضور دورات طائفية. بهذه الطريقة، تحولت السجون إلى مراكز ابتزاز وتجنيد، وأصبح "العفو" المزعوم وسيلة لإدامة السيطرة وإرهاب المجتمع، بدلًا من كونه إجراءً إنسانيًا.

 

الخلاصة

ما روجت له جماعة الحوثي عن إطلاق سراح آلاف السجناء ليس سوى كذبة منظمة تستغل المشاعر الدينية والإنسانية لتحقيق أهداف سياسية وعسكرية. فالسجون ما زالت مكتظة بالمختطفين، والاعتقالات مستمرة بوتيرة متصاعدة، والضحايا وذووهم يعيشون بين ألم الغياب ووهم الوعود. إنها مسرحية إعلامية رخيصة، تكشف أن الجماعة لا تسعى إلى العدالة أو الإنصاف، بل إلى ترسيخ قبضتها القمعية عبر استثمار الكذب كسلاح سياسي.