حققت الحملات المستمرة التي تقودها القوات الأمنية والعسكرية على امتداد الشريط الساحلي الغربي الممتد من راس العارة وحتى سواحل المخا نجاحات كبيرة، على رأسها تأمين الشريط الساحلي الذي ظل لسنوات طويلة منفذا رئيسياً لتهريب الممنوعات والبشر من دول القرن الإفريقي.
بحسب مصفوفة تتبع النازحين والمهاجرين الصادرة عن منظمة الهجرة الدولية، كانت سواحل محافظة لحج تعد النقطة الرئيسية في عمليات تهريب المهاجرين القادمين من القرن الإفريقي، خصوصا من دولة أثيوبيا. وأشارت المصفوفة أن شهر يناير 2023 دخل عبر سواحل لحج (7,904 مهاجراً)؛ وفي شهر فبراير وصل (7,791 مهاجراً) وارتفع هذ العدد في شهر مارس لنحو (15,714 مهاجراً). وسجل أبريل ومايو ويونيو ويوليو 2023 دخول (11,656 - 8،711 - 8,789 - 7,835 مهاجراً) على الترتيب.
وأرجعت المنظمة الدولية سبب زيادة عدد المهاجرين الأفارقة الوافدين إلى اليمن خلال الاشهر الأولى من العام الجاري إلى تحسن الأحوال الجوية وانخفاض دوريات خفر السواحل الجيبوتية واستمرار الصراع في دول القرن الإفريقي، إضافة إلى انتهاء الإجراءات الاحترازية المصاحبة لجائحة كورونا والتي حدت من تدفق المهاجرين في العام2021.
إغلاق منفذ لحج
ومع إعلان القوات الأمنية والعسكرية المشتركة بقيادة العميد حمدي شكري، حملة أمنية في مطلع أغسطس 2023، وما حققته من نجاحات في تشديد إجراءات الرقابة على خطوط تهريب البشر من دول القرن الإفريقي. تراجعت أعداد المهاجرين الواصلين بشكل لافت وكبير؛ حيث سجلت سواحل لحج خلال شهر أغسطس (2,249 مهاجراً) بانخفاض وصل إلى 71 في المائة عن الشهر الذي سبق الحملة. ومع استمرار الحملة وتكثيفها تراجع هذا العدد بشكل كبير جدا في شهر سبتمبر ليصل إلى نحو (548 مهاجراً) بنسبة تراجع 76 في المائة عن شهر أغسطس.
ووفقاً لمنظمة الهجرة الدولية فإن الحملة الأمنية في ساحل لحج ساهمت في تراجع أعداد الوافدين الأفارقة بشكل كبير جداً. مؤكدة أن التشديد في الحملة الأمنية خلال شهري أغسطس وسبتمر في سواحل لحج أدى إلى انخفاض ملحوظ في أعداد الوافدين عبر جيبوتي والقرن الإفريقي. وبحسب آخر تقرير لتتبع حركة المهاجرين لم يتم تسجيل دخول أي مهاجر إفريقي عبر سواحل لحج خلال شهر أكتوبر 2023 في سابقة هي الأولى منذ سنوات طويلة.
وأشار أسعد اليوسفي المسؤول الإعلامي للحملة الأمنية في رأس العارة أن الحملة في الوقت الذي قضت فيها على أوكار التهريب وبؤر الفساد وحدت من توافد المهاجرين الأفارقة وانتشار الجريمة التي كانت تعاني منها المديرية قبل دخول الحملة الأمنية أعادت تنظيم العمل في جمرك منطقة راس العارة التي كان تحت قبضة من يسيطر عليها وهذا أسهم في نهضة المديرية من خلال جملة من المشاريع التنموية.
حملات مستمرة.. واستقرار وتنمية
ونجحت الحملة الأمنية التي انطلقت في أغسطس الماضي، في الحد بشكل كلي من عمليات التهريب على الشريط الساحلي في لحج، خصوصا في مديرية المضاربة وراس العارة، التي كانت منفذاً حيوياً لعصابات تهريب البشر والممنوعات. وعملت القوات الأمنية والعسكرية منذ بداية الحملة على إحراق العديد من الأحواش والمواقع التي كانت تستخدم للتهريب على طول الشريط الساحلي، إلى جانب ضبط عدد من المهربين الذين يسهلون عملية نقل وإيواء المهاجرين غير الشرعيين.
وتمكنت الحملة خلال الأشهر الأولى من إعادة ترحيل ما يزيد عن(1200 مهاجر) إلى جيبوتي ونقل (4000 مهاجر) آخرين إلى مواقع تابعة لمنظمة الهجرة الدولية في العاصمة عدن للقيام بعملية إيوائهم تمهيداً لإعادتهم إلى وطنهم.
استمرار عملية تأمين الشريط الساحلي وتضييق الخناق على عصابات التهريب، ساهم بشكل كبير في إعادة الاستقرار إلى الشريط الساحلي في لحج. فخلال الأشهر الماضية نشرت القوات الكثير من وحداتها على طول الخطوط والطرقات المودية للمديرية، ناهيك عن الحملات المستمرة والمكثفة لمواقع وطرق التهريب البحرية.
الاستقرار الأمني الذي تعيشه مديرية المضاربة وراس العارة، انعكس بدوره على عملية التنمية وعودة الحياة من جديد. حيث شهدت المنطقة مؤخرا بدء مشروع مياه العارة المتعثر منذ عدة سنوات بتمويل بلغ 268 ألف ريال سعودي، والذي تنفذه السلطة المحلية في المديرية. كما شهدت استأنف محكمة العارة عملها عقب عملية التقطع التي تعرض لها رئيس المحكمة القاضي عبد الحكيم النجاشي، ورفضها العودة جراء الاختلالات الأمنية التي شهدتها المديرية قبل الحملة الأمنية. بالإضافة لعودة مشاريع الصندوق الاجتماعي لتنفيذ مشروع سبل العيش للمئات من شباب المديرية، حيث أنهى دورة تدريبية الأسبوع الماضي بمشاركة المئات من شباب مناطق المديرية.
وجاءت عودة الصندوق وبعض المنظمات للعمل في المديرية عقب الاستقرار الذي شهدته المديرية وزيارة مدير المديرية مراد جوبح وحمدي شكري قائد الحملة الأمنية للصندوق الاجتماعي للتنمية الذي كان أعلن انسحابه منتصف العام المنصرم بعد الاعتداء الذي طال موظفيه.
تنسيق مشترك
استقرار سواحل لحج، لم يكن بعيداً عن المناطق الساحلية القريبة منها والتي شهدت هي الأخرى حملات أمنية وعسكرية لمحاربة التهريب القادم من القرن الإفريقي.
يوضح محمد فضل الشاعري مدير مديرية ذو باب أن مديرية ذو باب تقع على امتداد شريط ساحلي كبير ابتداء من منطقة واحجة المحاذية لمديرية المخا وانتهاء بمنطقة السويدا المتاخمة لمديرية المضاربة وراس العارة.
وبحسب الشاعري فإن المديرية قسمت إلى جزئين الجزء الأول يمتد من السويداء والعرضي بباب المندب إلى مركز مديرية ذو باب فكان هذا دور التأمين لقيادة اللواء 17 عمالقة بقيادة العميد ماجد عمر الصبيحي والذي أبلى بلاء حسنا في الحد من ظاهرة تهريب الأفارقة وكان لهم دور إيجابي رغم الإمكانات الضئيلة وجزء آخر كلفت به قوات خفر السواحل بقيادة اللواء عبد الجبار الزحزوح في تأمين منطقة واحجة وحتى السيمل وهناك تنسيق بين القوتين وتم تنفيذ خلال المرحلة المنصرمة عملية ضبط لأكثر من جلبة على متنها أفارقة وتم ضبط العاملين على هذه الجلبات وهم تابعون لبعض المهربين وتم ضبطها وهي محجوزة لدى قوات خفر السواحل.
وتابع: في سياق حديثه نتطلع إلى مزيد من الجهود لمكافحة ظاهرة تهريب الأفارقة وتهريب الأشياء الأخرى ولدينا ثقة في القوات المشتركة لدعم هذه الوحدات لتتمكن من القيام بواجباتها بالصورة المطلوبة وإنهاء هذه الظاهرة التي باتت كابوسا على هذه المديرية كون عصابات التهريب لا يستهان بها ضمن شبكة عالمية، وسنعمل مع هذه القيادات قدر الإمكان لمكافحة هذه الظاهرة.