وضع الحوثيون قوائم بالممنوعين من السفر عبر مطار صنعاء والمنافذ البرية، شملت كل أعضاء البرلمان الذين لا يزالون موجودين في مناطق سيطرتها، إلى جانب الإعلاميين والمسؤولين الموالين لها في الحكومة الانقلابية غير المعترف بها، والسياسيين المقيمين في مناطق سيطرتها، إلى جانب مجموعة من رجال الأعمال الذين لا تثق بولائهم، فضلاً عن ناشطين كانوا من ضمن المؤيدين لها في السابق، وغيَّروا مواقفهم.
وذكرت مصادر سياسية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الميليشيات الحوثية عممت بأسماء عدد كبير من السياسيين والإعلاميين والمسؤولين في حكومتها، خشية هروب هؤلاء وانشقاقهم عن سلطتها، ومن بينهم أحمد الرازحي، السكرتير الصحافي لرئيس مجلس حكم الانقلاب السابق صالح الصماد.
ظهرت القوائم مع بدء تشغيل الرحلات التجارية من صنعاء إلى الأردن، وضمت كل الإعلاميين الذين لا تثق بهم الجماعة وهم يعملون معها أو يعملون في مناطق سيطرتها ويلتزمون بتنفيذ تعليماتها، إلى جانب الناشطين الحقوقيين الذين يعملون أيضاً، ولكنها لا تثق في ولائهم، وفق المصادر ذاتها التي استدلت بالناشط عبد الوهاب الشرفي الذي أعيد من المطار ومنع من السفر، رغم تلقيه دعوة من مكتب المبعوث الأممي الخاص باليمن هانس غروندبرغ.
ومع تنامي التذمر في أوساط الجماعات السياسية التي تعمل في مناطق سيطرة الميليشيات، فإن قوائم الممنوعين من السفر شملت قيادات في الحكومة التي شكلتها الميليشيات؛ خشية أن ينشقوا عنها، ومن بينهم أيضاً وزراء وقيادات محسوبون على جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، إلى جانب قيادات في الحزبين الاشتراكي والتنظيم الناصري الذين يقيمون في مناطق سيطرتها؛ لأنها لا تثق بهم، وفق ما أكدته المصادر.
وشملت قوائم المنع من السفر رجال أعمال تشُك الميليشيات في ولائهم؛ لكن أبرز الأسماء ضمن قيادات في الجناح المدني لميليشيات الحوثي يعتقد أنهم يفكرون في الهروب، بعد أن وصلت العلاقة مع الجناح الأمني والعسكري مرحلة الصدام.
وشملت قوائم المنع قيادات مقربة من القيادي السابق في الجماعة صالح الصماد، الذين تعتقد الميليشيات أنهم أصبحوا في صفوف معارضيها، وأنهم يرغبون في الخروج للكشف عن خبايا الصراعات الداخلية بين أجنحتها، وعن حجم الفساد الذي يمارسه قادتها.
ومن ضمن المشمولين بالمنع قيادات فيما تسمى «اللجنة الثورية العليا» التي تولت السلطة عقب الانقلاب مباشرة، والذين تحول أغلبهم إلى صفوف المعارضين للممارسات، وفساد قادة أجنحة الميليشيات.
وأكدت المصادر أن هذه القوائم عُممت على النقاط الأمنية وحواجز التفتيش في مداخل صنعاء، وعلى خطوط التماس مع مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، خشية تمكن الممنوعين من الفرار، وذلك بالتزامن مع اتخاذ الجماعة قراراً بمحاكمة النائب أحمد سيف حاشد الذي يواصل نقد فساد الميليشيات.
وقال ناشطون ومثقفون في بيان تضامني، إنهم يتابعون عن كثب الممارسات المستهجنة لما تسمى هيئة رئاسة مجلس النواب في صنعاء، والتي تستهدف إسكات صوت أحمد سيف حاشد وإعاقته عن ممارسة دوره؛ حيث تراوحت تلك الممارسات بين الشتم والمنع من دخول مبنى البرلمان في صنعاء، والتلفظ بألفاظ نابية بحقه، ووصولاً إلى التوجه إلى النائب العام الحوثي بشكوى ضده، في مسعى إلى نزع الحصانة البرلمانية عنه. وأعلن الموقِّعون على البيان عن تضامنهم مع البرلماني حاشد، وحملوا سلطة الحوثيين كل المسؤولية عن الممارسات التي تستهدف إسكاته.
أما الناشط عبد الوهاب الشرفي الذي أصبح من أبرز المنتقدين لفساد الميليشيات، فقال إنه في البداية اندفع؛ لأنه كان يؤمل خيراً في الميليشيات؛ لكن اتضح له أنها أسوأ مما تخيله بعد أن تحولت من مكافحة الفساد إلى توظيفه، وفق تعبيره.
وأوضح أنه تجنب نشر وثائق الفساد ضد الجماعة إلا عند الضرورة، حتى لا تستخدم من قبل الفاسدين والنافذين للابتزاز ولمزيد من الفساد، وأضاف: «فضلنا الطرح العام الموجه والمحدد، لأن الفساد أصبح ظاهرة عامة يمارسه أغلب من يشغلون مواقع المسؤولية، والنافذون كذلك».
وتابع بالقول: «إذا فرض علينا الخروج عن أسلوبنا في التعاطي مع وثائق الفساد فسنخرج. صحيح أننا لن نخرج مختارين؛ لكننا لن نسمح بأن يضاف فوق الفساد تبجح وقلة حياء وادعاء شرف، جاهزون والأصابع على الزناد»، بحسب تعبيره.