قال مسؤولون محليون في أوكرانيا، إن هجمات روسية دمرت مصفاة نفط في منطقة بولتافا بوسط البلاد، وضربت “البنية التحتية الحيوية”، وهي على الأرجح مستودع وقود، بالقرب من مدينة أوديسا الساحلية.
واستهدفت ضربات روسية متتالية منذ مساء السبت، عدة مواقع حيوية داخل أوكرانيا، بعدما قصف سلاح الجو الأخير منشأة نفطية في مقاطعة بيلغورود بجنوب غرب روسيا المجاورة للحدود، مما أسفر عن إصابات عمال وأضرار بمنشآت نفطية، كما تم إجلاء سكان بعض المناطق في المدينة الواقعة بالقرب من الحدود مع أوكرانيا.
ويرى مراقبون وخبراء عسكريون أن القصف الجوي الأوكراني قد يؤثر على مسار المفاوضات بين الدولتين، في ظل أكثر من جولة محادثات لبحث وقف إطلاق النار ووقف العمليات العسكرية الروسية في أراضي أوكرانيا، التي بدأها الرئيس الروسي فلاديمير بوتن في 24 فبراير الماضي.
وتعليقًا على تلك الضربة، جاء رد الكرملين غاضبا، بأن الضربة الجوية الأوكرانية التي استهدفت مستودع وقود في مدينة بيلجورود الروسية، لا توفر ظروفا مناسبة لمواصلة المحادثات مع كييف، ثم شنت موسكو ضربات قوية كرد على الهجوم الأوكراني.
الضربة الأوكرانية
وفي أول اتهام بضربة جوية أوكرانية على الأراضي الروسية، أعلن حاكم مقاطعة بيلغورود الروسية، فياتشيسلاف جلادكوف، اختراق مروحيتين حربيتين أوكرانيتين الأجواء الروسية، بعدما حلقتا على ارتفاع منخفض، متجاوزة الرادارات والمدفعية ومنظومة الاعتراضات الجوية، ثم قصفتا مستودعا لتخزين الوقود.
عملية أوكرانية وصفها الباحث الروسي في الشؤون العسكرية، آندريه جاسانوف، بـ”الخطيرة في سير المعارك على الأرض”، معتبرا أن ذلك الهجوم “يكشف مدى القدرات العسكرية والدعم الذي تقدمه واشنطن والغرب لكييف، وليس في تلك الفترة بل من قبل انطلاق العملية العسكرية الروسية”.
وقال جاسانوف في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية”: “أوروبا تعمل بكل قوة مع واشنطن في إشعال الأمور داخل أوكرانيا وتعطيل أي عملية تفاوض، حيث تقوم بإرسال السلاح والتكنولوجيا المتقدمة من أجل استمرار القتال”.
بين الغضب والليونة
التقديرات العسكرية وموازين القوة، تشي أن ما قامت به قوات أوكرانيا الجوية يعد “انتصارا على روسيا في مسار حرب غير متكافئ القوة”، بين ثاني أكبر قوة في العالم وجيش أوكرانيا.
ورغم الغضب الروسي من الضربة الجوية الأوكرانية، أصبحت كييف تنتظر رد موسكو الرسمي على المقترحات التي طرحتها في المحادثات التي عقدت الثلاثاء الماضي، في مدينة إسطنبول التركية، التي استضافت جولة محادثات بين مسؤولين روس وأوكرانيين.
من جانبه، أعلن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن بلاده تحضّر الرد على المقترحات الأوكرانية، لافتا إلى “ليونة في موقف كييف خلال المشاورات، لا سيما فيما يتعلق بمسألة القرم ودونباس، فضلا عن مساعي انضمامها إلى حلف الناتو”.
وفي هذا الصدد، أكد جاسانوف أن الهجوم الأوكراني “الهدف منه هو إرسال رسالة بأنها تستطيع أن تهاجم الأراضي الروسية، وهذا غير حقيقي، فالحادث جاء على مدينة حدودية”.
التكتيكات ضد بوتن
من جانبه، رأى الخبير الاستراتيجي، سفيان السامرائي، أن أول ضربة عسكرية أوكرانية بواسطة طائرات الهليكوبتر داخل الأراضي الروسية على الحدود مع أوكرانيا، يعتبر “تطورا خطيرا ويشير إلى وصول الحرب إلى مراحل خطيرة، وقد تتغير مرحلة الرد من قبل الروس حسب الأهداف المحددة مسبقًا من الحرب”.
وأضاف السامرائي، في تصريحات خاصة لموقع “سكاي نيوز عربية”: “الضربة الجوية قد تقود إلى ردة فعل روسية ليست في حسبان الطرف الأوكراني والإقليمي والعالمي”، مشيرا إلى أن روسيا “ستظل تتمسك بما تسميه حياد أوكرانيا ونزع سلاحها النووي وعدم انضمامها إلى حلف الناتو”.
وحول رسائل الهجوم والتكتيكات ضد الرئيس الروسي، قال السامرائي: “تقسيم أوكرانيا هدف روسي تحدثت عنه موسكو صراحة خلال الأيام الماضية، لكن الرد الأوكراني حمل تكتيكا في طياته مغامرة (من لا يبكي على شيء)، كأن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يخاطب نظيره الروسي قائلا: (إن اجتهدتم لتحقيق هدف فصل الشرق الأوكراني فسنستهدف الغرب الروسي)”.
واستطرد: “تهديدات موسكو بمنع إمدادات الطاقة الروسية إلى الغرب وأميركا والتعامل بالروبل الروسي دون الدولار أو اليورو، لا تمرره الدول الغربية مرور الكرام، وستعمل بكل قوة على إحكام الخناق على موسكو؛ فهي بمثابة رسالة أميركية وأوروبية للقيادة الروسية، بأن تهديد إمدادات الطاقة للغرب، سيحمل في الوقت ذاته تهديدا مباشرا على المستوى الروسي”.
وفي وقت سابق مساء السبت، قال المتحدث الإقليمي باسم الخارجية الأميركية، صامويل وربيرغ، إن واشنطن “بدأت بالفعل عملية تسليم حزمة جديدة من المساعدات العسكرية إلى أوكرانيا، بما يشمل معدات وأسلحة وذخائر”، للمساعدة على صد الجيش الروسي.