الرئيسية > اخبار المهرة > جريمة بشعة الكل فيها ضحية.. فمن هو الجاني..؟

جريمة بشعة الكل فيها ضحية.. فمن هو الجاني..؟

كتبه محمد الهارب 

صاحب الثروة والمال يبحث عن نفسه ومشغول في جمع المال . 

 الخزانة -مفتوحة أمام الجميع . 

الباب - على مصراعيه. 

الحارس - مشلول. 

المشرف المختص -مطنش ومشغول. 

الضابط المسؤول ماهو  فاضي والأمور طيبة. 

الضحية للأسف هم أطفال المستقبل من أبناء وأحفاد صاحب الثروة والمال الأبرياء كونهم لايعلمون وعندما يكبرون سيجدون الخزانة فارغة وثروتهم نهبت من جذورها ولم يترك لهم إلا الماء والرمل والصخور . 

هذا واقع الحال وهذا ماشاهدناه مكتوباً خلف السطور في لوحة المستقبل المجهول لأطفال  هذا الجيل والأجيال القادمة من أبناء المهرة محافظة الأمن والسلام والحب والؤئام هذه المحافظة التي كانت ولازالت حاضنةً للثروات وراضعةً للفقر والحرمان .

 

الثروة السمكية هي أحد أهم وأكبر الثروات الطبيعية التي تحتظنها المهرة ،، بل هي الكنز  الغالي والثمين  الذي حافظ عليه أبناء المهرة جيلاً بعد جيل . 

الثروة السمكية هذه الخزانة الربانية ،، هذه النعمة الإلهية المتنوعة والمتجددة،، 

تتعرض اليوم للنهب والسلب والعبث والإبادة الجماعية . 

تتعرض للتدمير والتهجير والجرف العشوائي بكل وسائل الصيد المحرمة دولياً دون رقيب أو حسيب . 

جريمة بشعة مع سبق الإصرار والترصد في حق الأجيال القادمة . 

هذه الجريمة هي محور حديثنا في هذا التقرير الخاص عن الجاني والضحية في عملية الجرف العشوائي ونهب الثروة السمكية بالمهرة .   

  - المكان : سواحل محافظة المهرة وبالتحديد ساحل محيفيف بالعاصمة الغيضة .

الزمان : 24 ساعة في اليوم حيث البحر مفتوح وكل الوسائل متاحة. 

ماهي الجريمة - سلاح الجريمة - مسرح الجريمة - نوعها - حجم الضرر -  من هو الجاني - من هو الضحية - من هو المسؤول عن ظبط الجريمة...؟ 

تساؤلات كثيرة تبحث عن الإنصاف في نقل الحدث والعدالة في طرح الإجابة. 

لهذه الأسباب تحركنا إلى عمق البحر وقلب الحدث وتجولنا في البر والتقينا بكل الأطراف لنصل إلى الحقيقة وننقلها بأمانة كمايجب أن تكون. 

 

ماهو الجرف العشوائي وكيف يتم..؟ هنا كانت البداية ومن هنا توجهنا إلى مرسى القوارب بساحل محيفيف حيث تعرفنا على الخيط الأول في عملية الجرف العشوائي وهو سلاح الجريمة المستخدم في الإبادة الجماعية لنهب وتدمير الثروة السمكية. 

شبكة الحوي أو مايسمى الشباك الإسرائيلي وهو سلاح فتاك يتميز بفتحات صغيرة يجرف الأخضر واليابس الصغير والكبير وهو محرم دولياً كما هو محرم في لوائح وأنظمة الثروة السمكية بالمهرة ومع ذلك تجده حاضراً بقوة على مرأى ومسمع الجميع. 

ليس هذا فحسب ولضمان التدمير الشامل لمراعي الأسماك وبيوضها وأماكن تواجدها هناك سلاسل حديدية ثقيلة واخشاب جانبية   تضاف إلى هذة الشبكة يتم ربطها بحبال وتربط في مؤخرة القارب ليسحب الشبكة وهي في طريقها تمسح قاع البحر وهنا تتوزع الأدوار لهذا السلاح المحرم حيث تتكفل السلاسل الثقيلة بسحق مايعترضها من مخابئ ومراعي ومنازل وبيوض الأسماك لتجبرها على الخروج إلى الشبكة التي لاترحم صغيراً ولاكبيراً وتأخذ مايعترض طريقها مهما كان حجمه ونوعه . 

 

تزودنا بهذه المعلومات ومع ذلك لم نستوعب الفكرة ولم ندرك حجم المشكلة وقررنا مشاهدة الحدث على الواقع .

 

الأمواج تتلاطم والبحر معكر المزاج وغير مستقر كأنه يستنكر الجريمة ويتبرئ من ظلم الإنسان لأخيه الإنسان. 

رغم هذه الأجواء الواضحة انطلقت رحلتنا إلى عمق البحر وقلب الحدث لنشاهد عملية الجرف العشوائي ونوثق هذه الجريمة بكل تفاصيلها وأركانها. 

 

 

بقيادة أمير رحلتنا الربان الشاب واثنين من الصيادين . 

انطلقنا إلى مسرح الجريمة وقلب الحدث سلاحنا العزيمة والإصرار وحب المغامرة. 

 تنسحب المناظر وتتلاشى الصور المألوفة أمام أعيننا واحدة تلو الأخرى وكأنها تودعنا في رحلتنا.  

 اختفت  صورة الشاطئ والقوارب الراسية. اختفت صور المباني والصيادين والمتجولين  والسيارات المتحركة.  يتلاشى حجم المباني والمدينة بشكل عام. 

قاربنا يشق طريقه نحو الهدف المنشود.  نودع الموجة ونستقبل الأخرى.  تتطاير قطرات المياه على جوانب القارب.  صوت المحرك يجبرنا على رفع أصواتنا ونحن نتبادل أطراف الحديث. 

لون البحر - هدير الأمواج - صوت المحرك  - اللقاء المتوقع بين القارب والموجة. 

هكذا أصبح الحال عندما تلاشت كل الصور والأصوات وسخب الدنيا من حولنا لترسم مشهداً غاية في الروعة والجمال مشهداً ثلاثي  الأبعاد عنوانه.. 

الماء - السماء -  القارب. 

وسر جماله.. عناية الله الحي القيوم وعظمته وحفظه لعباده . 

 لم نفكر بالوقت والمسافات ولم نحسب الدقائق والساعات لاندري كم ميلاً قطعنا بالتحديد حتى وصلنا إلى هدفنا ومبتغانا وهناك شاهدنا العجب العجاب . 

شاهدنا العبث بنعمة الله - شاهدنا القتل والتدمير الشامل - شاهدنا جريمة الإبادة الجماعية في أبهى صورها - شاهدنا غياب الدولة وانتحار القوانين والأنظمة واللوائح والقرارات. 

في عز النهار شاهدنا وحش الظلم والظلام شاهدنا سلطان  الأنا وحب النفس وسيادة اللامبالاة. 

هنا في عمق البحر  شاهدنا الجريمة ترتكب في وضح النهار . شاهدنا الجرف والسحب والسحق  والقتل والعبث .  

هنا في عمق البحر  تنتهي كل العبارات ويعجز اللسان عن الوصف. هنا نفسح  المجال للصور تتحدث عن نفسها .  

الروبيان أو الجمبري هو المستهدف والمطلوب من عملية الجرف العشوائي مع ذلك يصدمك هذا المنظر المؤلم عندما تشاهد الصياد يسحب الشبكة المليئة بأصغر أنواع الأسماك ثم يرمي بها الصياد ميته باحثاً عن الروبيان وما يحتاجه للبيع من السمك الأكبر أليس هذا عبثاً..؟ 

مانعرفه ويعرفه الجميع أن الصياد يجلس في مكان واحد ويصطاد السمكة بشبكة أو سنارة وغيرها من الوسائل المعروفة لكن ماشاهدناه  اليوم غير كل تلك المسميات ولايصح أن نقول اصطياداً بل سحباً جرفاً تدميراً تهجيراً . 

ماشاهدناه جريمة واضحة المعالم مكتملة الأركان وهنا تكمن المشكلة حيث الكل يمارس الجرف العشوائي والممنوع بينما الصياد العادي لم يعد له مكاناً في سوق المسموح . 

 مجموعات وفرق وقرى ومناطق كثيرة من الصيادين تتوزع على أماكن عدة في عمق البحر . 

كل فرقة تتكون من عشرات القوارب ومئات الصيادين تتمركز في مكان واحد وتعود في وقت واحد. 

ماشاهدناه اليوم مجرد نموذج لعشرات الفرق المنتشرة في عمق البحر. 

لاتصوروني رجاءً  انا مضطر يا اخواني ابحث عن رزقي ورزق أولادي ايش اعمل الكل يجرف الكل يعبث أمامكم اعرف هذا عبث لكن ماذا أعمل انا مضطر.. 

هذا جواب كل صياد قابلناه وسألناه وهذا مايفرض علينا ألف سؤال وسؤال..؟ 

إذا كان الجاني يعترف بأنه ضحية فمن هو الجاني الحقيقي ومن هو المسؤول الحقيقي عن هذه الجريمة التي تدمر الحاضر وتهدد المستقبل..؟ 

أين الرقابة البحرية ومادورها..؟؟ 

مارأي الهيئة العامة للمصائد والثروة في هذه الجريمة وماهي الإجراءات المتخذة من قبلها..؟ 

مادور وموقف  السلطة المحلية والمجلس المحلي والمحافظ بن ياسر على وجه الخصوص..؟