اصدرت اللجنة الوطنية للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان تقريرها الثالث عشر، كاشفةً عن حصيلة ثقيلة لانتهاكات جسيمة ارتُكبت بحق المدنيين خلال الفترة الممتدة من أغسطس 2024 حتى نهاية يوليو 2025.
التقرير، الذي يمثل امتدادًا لجهود اللجنة منذ انطلاقها في يناير 2016، وثّق ما مجموعه 3003 واقعة انتهاك جديدة، طالت 3766 ضحية من الجنسين، بينهم نساء وأطفال، لترتفع بذلك الحصيلة الإجمالية إلى 32953 حالة انتهاك و67538 ضحية، تُنسب جميعها إلى مليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني.
ورغم التحديات الميدانية، تمكنت فرق التحقيق من الاستماع إلى أكثر من 13 ألف شاهد وضحية، ومراجعة آلاف الوثائق والتقارير الطبية والأمنية، إلى جانب أدلة فوتوغرافية.
كما نفذت اللجنة زيارات ميدانية شملت مناطق تماس وسجون في محافظات عدن وحضرموت ومأرب وشبوة، إضافة إلى مديريات متضررة مثل حيفان والمسيمير، حيث تم توثيق مئات الوقائع.
التقرير أشار إلى أن النساء دفعن ثمنًا مضاعفًا للنزاع، من خلال التعرض للاعتقال والتهجير والعنف القائم على النوع الاجتماعي، فضلًا عن القيود المفروضة على حركتهن ومشاركتهن في الحياة العامة.
كما نظمت اللجنة جلسات استماع خاصة لضحايا الألغام والصحفيين والمعتقلين، تأكيدًا على التزامها بإشراك الضحايا في مسار العدالة.
ومن أبرز الانتهاكات التي رُصدت خلال الفترة المشمولة، 817 واقعة قتل وإصابة مدنيين، أسفرت عن سقوط 297 قتيلًا بينهم 43 طفلًا و21 امرأة، إلى جانب إصابة 693 آخرين، بينهم 149 طفلًا و70 امرأة.
كما وثقت اللجنة 206 حالة تجنيد أطفال دون سن الثامنة عشرة، و147 حادثة انفجار ألغام مضادة للأفراد، خلفت 36 قتيلًا و101 مصاب، بينهم نساء وأطفال.
التقرير سجل أيضًا أربع حالات استهداف للأعيان الطبية والطواقم العاملة فيها، و96 واقعة تهجير قسري، و695 حالة اعتقال تعسفي وإخفاء قسري، و13 واقعة تفجير منازل، إلى جانب ست حالات اعتداء على حرية الرأي والتعبير، جميعها ارتكبتها مليشيات الحوثي.
في سياق التحديات، أشار التقرير إلى صعوبات كبيرة واجهت فرق التحقيق، أبرزها القيود المفروضة على الوصول إلى الضحايا والشهود، وتضييق الفضاء المدني في مناطق سيطرة الحوثيين، إضافة إلى محدودية الموارد اللازمة لتوسيع أنشطة الرصد والتوثيق.
وعلى صعيد التعاون، عززت اللجنة علاقاتها مع السلطات الوطنية عبر لقاءات مع مجلس القيادة الرئاسي وعدد من الوزراء والمحافظين، كما شاركت في اجتماعات دولية مع بعثات الاتحاد الأوروبي والسفارة الأمريكية والمجموعة العربية لدى مجلس حقوق الإنسان، وقدمت مخرجات عملها في فعاليات أقيمت بمقر الأمم المتحدة في جنيف.
في ختام التقرير، دعت اللجنة إلى وقف فوري وشامل لكافة الانتهاكات، والالتزام بالقانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان، وضمان حماية المدنيين، وتمكين الضحايا من الوصول إلى العدالة، والتعاون الجاد مع اللجنة باعتبارها جهة وطنية مستقلة للمساءلة.
كما طالبت مليشيات الحوثي بوقف الانتهاكات، ورفع القيود التمييزية المفروضة على النساء، والإفراج عن المعتقلين والمخفيين قسرًا، ووقف تجنيد الأطفال، ورفع الحصار عن مدينة تعز، وتسليم خرائط الألغام، وضمان حماية الفئات الأكثر ضعفًا.
ودعت اللجنة المجتمع الدولي إلى تنفيذ قرار مجلس حقوق الإنسان رقم A/HRC/RES/57/37، وتأمين الملاحة في البحر الأحمر، ومواصلة الضغط للإفراج الفوري وغير المشروط عن موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المحتجزين في مناطق سيطرة الحوثيين.