كشفت الأمم المتحدة، مجددًا، عن الوضع الإنساني في اليمن، واصفة إياه بـ"المأساوي" – وهي الكلمة التي يبدو أنها أصبحت اسمًا ثانويًا للبلاد في كل تقارير الوكالات الدولية. إذ لا جديد يُذكر سوى تفاقم مستمر للجوع، المرض، والإهمال المنظم.
ووفقًا لجويس مسويا، مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة ونائبة منسق الإغاثة في حالات الطوارئ، فإن حوالي 17 مليون يمني يعانون من الجوع الحاد، فيما يتهدد سوء التغذية حياة 2.3 مليون طفل تحت سن الخامسة، و1.3 مليون امرأة حامل ومرضع. أرقام مرعبة تُروى في المؤتمرات، وتُنسى في صناديق التمويل المغلقة.
والمثير للسخرية أكثر من الحزن، هو أن تحذيرات الأمم المتحدة باتت تُشبه نشرات الطقس: "سيموت المزيد إن لم تهطل أموال المانحين"، بينما تستمر المنظمات في أداء واجباتها ببطولة شبه أسطورية، وبتغطية تمويلية تُكافئ علبة مياه معدنية لكل محتاج.
في غضون ذلك، أكثر من 771 مركزًا صحيًا مهدد بالإغلاق، وفقًا للمسؤولة الأممية، ما يعني أن قرابة 7 ملايين يمني قد يُتركون لمصيرهم دون رعاية طبية، في ظل واقع أصبحت فيه الإبرة والسرير أشبه بسلعة نادرة تفوق قيمتها جرام الذهب.
الأمم المتحدة – التي لا تزال تُردد على استحياء ضرورة "إطلاق سراح موظفيها المحتجزين" – أعربت عن قلقها العميق من نقص التمويل، داعية المجتمع الدولي إلى تذكّر أن هناك بلدًا اسمه اليمن، على الخريطة، يعاني من الجوع والموت والحرب… ولكن بلا نفط كافٍ لجذب الانتباه.
وبينما تسابق الأمم المتحدة الزمن لتوصيل الخبز والدواء في اليمن، يسابق أمراء الحرب والسياسة الزمن لنهب ما تبقى من مقدّرات شعب، تارة باسم “المقاومة”، وتارة باسم “الوصاية الإلهية”.
يُذكر أن أكثر من 4 ملايين يمني تلقوا مساعدات إنسانية شهرية خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2025، حسب التقرير الأممي، وهو رقم يبدو مبشّرًا حتى ندرك أن هذا الدعم قد يكون وجبة واحدة في اليوم... مع جرعة من الصبر القاتل.
فإلى حين أن يتذكّر العالم أن معاناة اليمن ليست فقط فقرة في تقرير إنساني، بل كابوس يومي يعيشه الملايين، سيبقى اليمني هو العنوان الأوضح لفشل السياسة، وتوحّش الحرب، وعجز الإنسانية.