شهد الرئيس عيدروس الزُبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، مساء الثلاثاء، الاحتفال الذي أقامته الجالية الجنوبية في مدينة شيكاغو بولاية إلينوي الأمريكية، على شرف زيارته والوفد المرافق له، الثانية للولايات المتحدة الأمريكية.
وألقى الرئيس الزُبيدي في الاحتفال، الذي حضره السنيتور ستيفن لانديك عمدة مدينة بريدج فيو، كلمة في ما يلي نصها:
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الصادق الأمين. إخواني وأخواتي، أبناء جاليتنا الجنوبية في ولاية شيكاجو: يسعدني اليوم بأن أكون بينكم، وشعوري لا يوصف وأنا ألتقيكم في بلدكم الثاني، أتلمس أوضاعكم، وأستمع منكم، وأشارككم يوم من أيام حياتكم المليئة بالنجاح والانجاز والحضور المشرف.
الحشد الكريم: أسمحوا لي أولاً، أن أتقدم بجزيل الشكر والامتنان لأبناء جاليتنا الجنوبية العظيمة في مدينة شيكاجو، على كرم الضيافة حفاوة الاستقبال، والشكر والتقدير لكل الذين احتشدوا اليوم لحضور هذا اللقاء، للتعبير عن دورهم المحوري في خدمة تطلعات شعبنا الجنوبي الحر الصامد، فالمهاجر الجنوبي كان ولا زال نموذجا للمواطن المحب لبلاده، والمرتبط بتراب وطنه في كل مكان وزمان، وقد سجل تاريخنا الوطني الجنوبي بأحرف من نور الأدوار الوطنية الخالدة للمغترب الجنوبي الى جانب وطنه وشعبه وقضيته على امتداد تاريخنا الجنوبي ماضيا وحاضرا، فما قمتم به من دور محوري في دعم الحركة الوطنية الجنوبية، منذ اندلاع الثورة الجنوبية التحررية، ما هو إلا دليلا على ارتباطكم الوثيق بوطنكم الأم وتربته الطاهرة، ومعايشتكم الحقيقية لمعاناة أھلكم في الداخل.
أبناء جاليتنا الجنوبية الكرام: إن ما سلجتموه وما زلتم من حضور مشـرف في بلد الاغتراب وعلى كافة الأصعدة، كان وسيظل مدعاة للفخر والاعتزاز لوطنكم وشعبكم، فقد قدمتم نموذجا مشـرفا للمواطن الجنوبي المعتز بقيمه ومبادئه وتاريخه وهويته، وسلجتم حضورا بارزا بين القوميات الأخرى في هذا البلد الكبير، وأثبتم للقاصي والداني أن المواطن الجنوبي قادرا على صناعة المعجزات متى ما تهيأت له الظروف للعمل والإبداع، بل ونقلتم صورة مشـرفة عن وطنكم الجنوب بالقيم العظيمة التي جسدتموها في تفاصيل حياتكم، وفي مقدمتها قيم التعايش والقبول بالآخر واحترام سيادة القانون والتنافس الجميل في نهضة بلدكم وازدهاره.
الحاضرون جميعا: لقد سرني ما رأيته من حضور كبير ومشـرف لأبناء جاليتنا الجنوبية في ولاية شيكاغو، وكلنا أمل بأنكم ستلبون نداء الوطن، للإسهام في بناء الجنوب والنهوض به كلا بما بما اكتسبه من خبرات و مهارات، فالجنوب لن يبنيه ولن يدافع عن أمنه واستقراره وسلامة أراضيه إلا أبنائه وفي مقدمتهم أنتم المهاجرون في دول الاغتراب.
أبناء جاليتنا الجنوبية: إن مشاركتنا في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة وللسنة الثانية على التوالي، إنما تأتي امتدادا للمشوار النضالي الطويل الذي يخوضه شعبنا لاستعادة دولته الجنوبية الحرة المستقلة كاملة السيادة، ذلكم الهدف النبيل الذي قدم من أجله الجنوبيون قوافل من الشهداء والجرحى، ومن هنا من الولايات المتحدة الأمريكية نجدد التأكيد بأننا ماضون في المسار الذي رسمه شهدائنا الأبرار بدمائهم الزكية حتى استعادة دولتنا كاملة السيادة، ولن نتراجع عن ذلك مهما كلفنا الثمن، ومهما طالت المسافات واشتدت علينا عواصف الخذلان، فنحن أصحاب حق، نناضل من أجل قضية وطنية عادلة، ولدينا من الصبر والإرادة والايمان ما يكفي لانتزاع حقنا المشـروع، فإرادة الشعوب لا تُقهر طال الزمان أو قصر.
الأخوات والأخوة الحاضرون جميعا: أتينا إلى هذا البلد العظيم حاملين قضية شعبنا وهمومه وتطلعاته لاستعادة دولته الحرة المستقلة كاملة السيادة، كممثلين لشعب عظيم مؤمن بوطنه وقضيته، شعب تواق للحرية والحياة، شعب يتطلع لأن يسهم بفاعلية في إرساء قيم الحرية والعدالة والسلام كغيره من الشعوب التي خلد التاريخ نضالاتها لتقرير مصيرها.
أتينا نحمل قضية شعبنا الصامد في وجه الحصار والتجويع والإرهاب، لنؤكد للعالم بأننا شعب جبار لا يقهر، شعب يعتز بهويته ويقاتل عن وجوده، شعب يعشق الحياة ويقدس قيم السلام والتعايش والوئام، شعب ضحى بقوافل من الشهداء والجرحى من أجل حريته واستقلاله وسيادته على أرض.
أبناء شعبنا الجنوبي في أرض المهجر: نعلم أنكم لستم راضين عن مجمل الأوضاع التي يعيشها شعبنا في الداخل، وتشعرون بالإحباط ونحن نتفهم ذلك تماما، ونعي حجم المسؤولية الوطنية الملقاة على عاتقنا لانتشال شعبنا والخروج به من شرنقة الازمات المفتعلة، ومن هنا نؤكد لكم ولجماهير شعبنا في الداخل بأننا ماضون في ذات المسار الذي جسدته دماء الشهداء والجرحى، وسنكون حيث يجب أن نكون في الزمان المناسب والمكان المناسب، ولن نتوانى في اتخاذ القرارات المصيرية التي من شأنها أن تؤمن مصالح شعبنا، وتحمي ترابه وتحقق استقلاله وسيادته على أرضه، وهو عهدنا لشعبنا ولشهدائنا الابرار الذي ضحوا بأرواحهم رخيصة في سبيل ذلك.
السيدات والسادة: إن صبرنا ليس ضعفا أو تراجعا عن الأهداف والغايات، بل آثرنا أن نمنح الصبر مداه، لنثبت للعالم أننا دعاة سلام، وننشد السلام، لكننا في ذات الوقت قادرون على انتزاع حق شعبنا في استعادة دولته بالطرق التي نراها مناسبة وخياراتنا مفتوحة لتحقيق ذلك، وليعلم العالم بأن لا سلام ولا استقرار في منطقتنا إلا بعودة دولتنا الجنوبية المستقلة كاملة السيادة على حدود ما قبل العام 1990م.
السادة الحضور: لقد تمادى الحوثيون في إرهابهم، في ظل موقفًا دوليًا متراخيًا شجعهم على توسيع رقعة الصراع، فمنذ إلغاء قرار تصنيفهم كجماعة إرهابية من الدرجة الأولى، وهم يمارسون تصعيدا جديدا وخطيراً كل يوم، ويعملون -بدعم إيراني- لجر المنطقة إلى صراع واسع يؤثر على استقرارها ومستقبل شعوبها، علاوة على استهداف المصالح الدولية في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن وتهديد السلم والأمن الدوليين.
ومن هذا المنطلق، فإننا ندعم وجود سياسات استراتيجية رادعة واجراءات جادة، تكون الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها حاضرين فيها الى جانب شركاؤنا وحلفاؤنا الاقليميين المتمثلين في قيادة التحالف العربي كما كان عليه الحال في 2020 وما قبلها.
ختامًا، أجدد التحية لكم وأشكركم على حضوركم الفاعل، ودوركم الوطني في خدمة وطنكم وقضيتكم، وأحثكم على المزيد من التلاحم والتعاون والاصطفاف في هذه المرحلة الفاصلة من تاريخ شعبنا ومسيرته النضالية. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته