عقب دحر المليشيات الحوثية الارهابية من بيحان واسقاط سلطة الاخوان، وانتشار قوات دفاع شبوة، رشحت مستجدات جد خطيرة، حيث عاد نشاط التنظيمات الارهابية وتصاعدت عملياتها، كرد فعل على تراجع نفوذ جماعة الإخوان، وهو ما حتم سرعة إستئناف القوات المسلحة الجنوبية عمليات حربها على الإرهاب في كلا المحافظتين شبوة وأبين.
لتنطلق عمليتي ”سهام الشرق“ و”سهام الجنوب“ اللتين تمثلان امتداداً عضوياً متواصلاً ومتطوراً لمعارك القوات المسلحة الجنوبية ضد التنظيمات الإرهابية، منذ تحرير العاصمة عدن من المليشيات الحوثية في 2015 م وهي في الوقت ذاته امتداداً لحرب وطنية وإقليمية ودولية ضد الإرهاب وتنظيماته.
في الـ 23 من أغسطس 2022 ، وجه الرئيس القائد عيدروس الزبيدي و استجابة لمناشدات المواطنين، بإطلاق عملية “سهام الشرق” لتطهير مديريات المنطقة الوسطى بمحافظة أبين من العناصر الإرهابية، وبعدها بأيام إنطلقت عملية موازية وبذات الاهمية بمحافظة شبوة أطلق عليها إسم ”سهام الجنوب“.
كانت أهم مقومات الإعداد الجيد لعملية ”سهام الشرق “ وبما يضمن نجاحها، الدعم من قبل الأشقاء الإماراتيين، وإشراف الرئيس القائد عيدروس الزبيدي وتوحيده للجهود والإمكانات العسكرية والأمنية بمحافظة أبين، وإلتفاف المواطنين والقبائل خلف قواتهم المسلحة.
المرحلة الأولى
في المرحلة الأولى من عملية سهام الشرق، جرت عمليات تمشيط واسعة وتدمير أوكار تنظيم القاعدة الإرهابي والسيطرة على عدد من المخازن والأسلحة والذخائر وأجهزة الاتصالات لا سيما في أودية “الخضر”؛ أحد أوكار تنظيم القاعدة.
حاولت عناصر التنظيم القاعدة الإرهابي، المواجهة والاشتباك المباشر مع وحدات قواتنا في الخط الساحلي بأحور، غير أنها تقهقرت وهزمت، لتتجه قواتنا إلى أحد الاتجاهات الاستراتيجية بمديرية احور وتمكنت من إحكام السيطرة الكاملة على “وادي موجان” أحد المعاقل الرئيسية لتنظيم القاعدة الإرهابي.
المرحلة الثانية
تميزت عملية سهام الشرق بالدقة والتخطيط المحكم ، عوضا عن العنفوان الحماس في أوساط الابطال المقاتلين واخوانهم المواطنين.
قبل انطلاق المرحلة الثانية من سهام الشرق، صوب مديريات المنطقة الوسطى شن تنظيم القاعدة الإرهابي في صباح ال 6 من سبتمبر، هجوما مباغتا على حاجز لقوات الحزام الأمني بمديرية احور، ارتقى على إثره 21 شهيد، ولقي 12 عنصر من عناصر التنظيم مصرعهم، تزامن ذلك مع هجوم شنته المليشيات الحوثية بجبهة يافع وارتقاء قائد اللواء الرابع دعم واسناد العميد هدار الشوحطي شهيدا، وإزاء ذلك التخادم والتكامل القائم بين تنظيم القاعدة ومليشيات الحوثي سارعت قيادة قواتنا وبدعم من دولة الإمارات العربية المتحدة للبدء بالمرحلة الثانية من عملية سهام الشرق في 11 سبتمبر/ أيلول الماضي.
في مديرية مودية حاول التنظيم الاستماتة في الدفاع على اهم وابرز اوكاره ومعسكراته، عمد على إحاطتها بهالة من شبكات الألغام والعبوات الناسفة وفي 12 سبتمبر واثناء اقتحام قواتنا وانتشارها في ذات الاتجاه، نفذت عناصر التنظيم عدد من عمليات التفجير ارتقى على اثرها شهداء أبطال من قواتنا وجرح آخرين.
غير أن قواتنا واصلت زحفها وسط ترحيب المواطنين ، لتحكم السيطرة على “شعب شقير” و”الحميمة” قبل إقتحام أكبر أوكار تنظيم القاعدة الإرهابي على مستوى الجزيرة العربية ” وادي عومران.
في المحور الاخر طهرت قواتنا وامنت مفرق الوضيع” و”عزان” و”وادي النسيل”، فيما أمن “آل باقيناش” و”المدارة” في مودية، وعلى محور ثالث تقدمت القوات الجنوبية باتجاه مديرية المحفد شرقا.
المرحلة الثالثة من عملية (سهام الشرق)
بدأت المرحلة الثالثة من عملية سهام الشرق ، باقتحام أكبر معسكرات تنظيم القاعدة الإرهابي “وادي عومران” تم تطويقه و رغم استماتة عناصر التنظيم للحيلولة دون سقوط “تورا بورا الجزيرة العربية ” حاول التنظيم الدفاع باستماتة، إلا أنه وفي يوم 18 سبتمبر/ أيلول، أعلنت قواتنا المسلحة الجنوبية على لسان المتحدث الرسمي المقدم محمد النقيب، السيطرة على معسكرين للقاعدة بـ “وادي عومران”، وبدء عملية تمشيط وتأمين ونزع شبكات الالغام والعبوات الناسفة.
وادي عومران وتنظيم القاعدة.. الخلفية التاريخية والأهمية الاستراتيجية
اختاره الأفغان العرب الذين شاركوا في غزو الجنوب صيف 1994 ليكون تورا بورا الجزيرة العربية، وذلك نظرا لتضاريسه وتحصيناته وامتداده الرابط بين مصادر الامداد – البيضاء صنعاء – وبنك الأهداف في الجنوب وخطوط الملاحة الدولية.
تعاقبت أجيال القاعدة المُصدرة إلى الجنوب، فيما بقي وادي عومران المعقل والمعسكر الرئيس للتنظيم في الجزيرة العربية.
على مدى عقدين ، لم سيبق ان اقتربت منه او اقتحمته اي عملية عسكرية سوى التي نفذتها قواتنا المسلحة الجنوبية بدعم من دولة الإمارات.
اقتحمته قواتنا في عملية السيل الجارف التي قادها الشهيدين عبداللطيف السيد ومنير ابو اليمامة في 2016 غير أن مليشيات الاخوان وجيشها أعادت القاعدة إلى الوادي في أغسطس 2019.
في 23 أغسطس 2022 أطلقت قواتنا المسلحة الجنوبية عملية سهام الشرق لتطهير المنطقة الوسطى بابين من سيطرة التنظيم لا سيما في المنطقة الوسطى حيث كانت العملية بدعم من دولة الإمارات العربية المتحدة.
في المرحلة الثانية تمكنت قواتنا من إطباق السيطرة على مداخل وادي عومران وفي منطلق المرحلة الثالثة تمكنت من اقتحامه، حاولت عناصر التنظيم وبمختلف الامكانيات القتالية ذات التقنية الحوثية إستعادة الوادي وباءت بالفشل وبخسارة معاقل اخرى.
المرحلة الرابعة
على عكس ما كانت تتوقعه عناصر تنظيم القاعدة الإرهابي، شكلت هجماتها بالعبوات الناسفة التي ارتقى على إثرها العديد من ابطال قواتنا شهداء، عامل دفع وقوة وإصرار على طردها واجتثاث شأفتها وملاحقتها أينما كان فرارها، ففي 24 سبتمبر/ أيلول 2022 ، اطلقت قواتنا المرحلة الرابعة من عملية سهام الشرق لتطهير مديرية المحفد من عناصر التنظيم الإرهابي، واستطاعت وحدات قواتنا الأمنية والعسكرية المشاركة بالحملة و بمؤازرة من أبناء المديرية، طرد عناصر التنظيم واقتحام اوكاره بالمديرية والانتشار في كافة المناطق والاودية والسلاسل الجبلية.
يومها أعلن محافظ أبين اللواء أبو بكر حسين، أن الوحدات العسكرية والأمنية وعلى رأسها الحزام الأمني والمقاومة الجنوبية، ستبقى في المعسكرات التي تم إسقاطها وبشكل مستدام، بما يحفظ أمن أبين ويمنع عودة الخلايا الإرهابية.
وأكد أن عناصر تنظيم القاعدة الإرهابي تنطلق وتتحرك من مناطق سيطرة مليشيات الحوثي في محافظة البيضاء اليمنية صوب الجنوب بهدف زعزعة الأمن والاستقرار.
عملية سهام الشرق 2
خلال هذه العملية وبدعم من دولة الإمارات، نفذت وحدات قواتنا العسكرية والأمنية، خطة وإستراتيجية تأمين كافة المديريات والمناطق التي تم تطهيرها وتحريرها من تنظيم القاعدة الإرهابي، وتعزيز الأجهزة الأمنية، واتخاذ كافة التدابير الأمنية بهدف تطبيع الاوضاع وحفظ الأمن والاستقرار والسكينة العامة، ومن جانب آخر مواصلة تتبع وملاحقة بقايا وفلول عناصر تنظيم القاعدة الإرهابي، التي عاد الكثير منها من محافظة البيضاء لتنفيذ مخططات حوثية ولعل أبرز هذه المخططات الخائبة، خلط الأوراق وإشغال قواتنا المسلحة الجنوبية بالحرب على التنظيم واستنزافها وعلى أمل أن ينعكس ذلك سلبا على تماسك الجبهات الحدودية.
حملة سيوف حوس
في صباح الـ6 من أغسطس 2023 م أطلقت قواتنا المشاركة في عمليات سهام الشرق، حملة أمنية واسعة لتعقب وتتبع وملاحقة فلول عناصر تنظيم القاعدة الإرهابي بمديرية مودية، وسميت العملية ب ”عملية سيوف حوس” وحققت منذ ساعاتها الأولى نجاحات وإنجازات كبيرة كان أبرزها إلقاء القبض على القيادي الميداني بتنظيم القاعدة الإرهابي المكنى بأبو القعقاع.
وكانت الحملة الأمنية امتدادا لعملية سهام الشرق واستكمالا لأهدافها في فرض الأمن والاستقرار والقضاء الكامل على الإرهاب بمحافظة ابين.
اطلق على الحملة اسم “سيوف الشهيد حوس” الشهيد القائد بطل الحرب على الارهاب العميد عبداللطيف السيد، وفاء للشهيد البطل توفيق الجنيدي “حوس” ورسالة منه في مواصلة المشوار على ذات الدرب في المعركة المصيرية على الإرهاب، وعلى ذات الوفاء والعهد نؤكد ان الجنوب بكل شرائحه وفي طليعتها قواته المسلحة والأمن سيوفاً، للسيد وحوس ،وكل شهداء الجنوب، أن الشعوب الحية تحزن على خيرة رجالها إلا أنها تنجب رجالا آخرين يحملون القضية والهدف، ويسيرون على الدرب حتى تحقيق الانتصار.
الحملة قبل وبعد استشهاد القائد المغوار عبداللطيف السيد، حققت نجاحات كبيرة، من جملتها السيطرة على معسكرات لتنظيم القاعدة الإرهابي، في وادي الرفض ووادي جنن ووادي الحجلة، والوصول إلى المناطق المتاخمة لمحافظة البيضاء اليمنية وكذا محافظة شبوة، وهو ما يمكن قواتنا على تحقيق هدف قطع شرايين إمدادات عناصر التنظيم من محافظة البيضاء الواقعة تحت سيطرة مليشيات الحوثي ومن جهة أخرى تمكنت قواتنا من تحرير موظفي الأمم المتحدة الذين اختطفهم تنظيم القاعدة في 2022م.
إن الإنجازات الكبيرة التي تحققت في عمليات سهام الشرق كان ثمنها باهظا، ثمن كوكبة من الرجال الأبطال الذين نذروا ارواحهم رخيصة في سبيل اجتثاث شأفة الإرهاب من أبين خاصرة الجنوب.
ونظرا لأهدافها و إنجازاتها ونجاحاتها التي تتعدى البعد الوطني والدولي وكذا تضحياتها اكتسبت تأييدا شعبيا منقطع النظير على مستوى المحافظة وكذلك على مستوى الجنوب، و لقيت ارتياحا شعبيا و التفافا جماهيريا جنوبيا عبر عن مدى فرحة أبناء أبين بتلك الانتصارات الساحقة وسرعة تطبيع الحياة في وقت قياسي، كما لاقت تأييدا اقليميا ودوليا واكتسبت قواتنا المسلحة الجنوبية ثقة الاقليم والعالم وتقديره لتلك الانتصارات والنجاحات وما اجترحته من بطولات وما حققته من انتصارات على الإرهاب.
أهم المعسكرات والمعاقل والاودية التي تم تطهيرها وتدميرها في عملية سهام الشرق
– وادي ومعسكر ” موجان ” احور
معسكر “عكد”و”سلي” في مديرية لودر
– وادي ومعسكر “السري” قرب جبال “موجان” في احور بخبر المراقشة
– وادي النسيل بمديرية مودية
– وادي ومعسكر عومران ( تورا بورا الجزيرة العربية )
– وادي ومعسكر الخيالة بمديرية المحفد
– معسكر ” الحجلة ” ضمن الاودية الواقعة بين م/ ابين وشبوة ومحافظة البيضاء اليمنية.
– وادي ومعسكر ” جنن ” بمديرية مودية
– وادي” الرفض” بمديرية مودية.
– الوصول إلى منطقة الحنكة التابعة لمحافظة شبوة والانتشار في شعاب ومناطق تستخدمها عناصر التنظيم كنقاط تجميع للدعم اللوجستي اضافة الى تجميع فلولها.
-كان لالتفاف أبناء القبائل حول قواتهم المسلحة الجنوبية دورا في بلوغ عملية سهام الشرق هذا المستوى العالي من النجاح