بعد مرور 4 سنوات على اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني بغارة أميركية في مطار بغداد أوائل يناير 2020، كشف الجنراك فرانك ماكينزي، قائد القيادة المركزية الأميركية آنذاك، خبايا تلك العملية.
ففي كتابه “نقطة الانصهار” أوضح ماكينزي، أنه منذ توليه القيادة في مارس 2029 سئل عما إذا كان هناك خطة لاستهداف سليماني وردور الفعل الايرانية المحتملة عليها.
تحركاته مرصودة
كما كشف أن تحركات القيادي الإيراني الذي ذاع صيته خلال السنوات الماضية، كانت معروفة مسبقاً من قبل الأميركيين في كل مرة كان يزور العراق، حيث كان دوما يحط في مطار بغداد.
إلى ذلك، أوضح أنه قبل 36 ساعة من مغادرة سليماني دمشق متوجها نحو بغداد، كانت المخابرات الأميركية تعي أي طائرة ستقله. واعتبر أنه مع تزايد شهرة سليماني، تزايد غروره أيضاً، وفق ما نقلت صحيفة “ذي أتلانتيك”.
كما أضاف القائد الأميركي الذي أشرف على الضربة التي استهدف قائد فيلق القدس، أن الأخير ” أصبح دكتاتورياً، وراح يتصرف في جميع أنحاء المنطقة دون استشارة الاستخبارات الإيرانية، أو الجيش، أو حتى الحرس الثوري في كثير من الأحيان”.
وأكد ماكنزي أن سليماني ” أيد بكل ذكاء عودة القوات الأمريكية إلى العراق، ما دفع الولايات المتحدة إلى تولي المهمة المتعبة والثقيلة المتمثلة في هزيمة تنظيم داعش”ثم عمل على قتل واستهداف عناصر القوات الأميركية وقوات التحالف، من أجل اخراجهم من العراق”.
“لا يمكن المساس به”
كذلك، روى كيف تضخمت ثقة سليماني بنفسه، حتى بات يعتقد أنه لا يمكن المساس به.
حتى أنه حين سُئل عن امكانية ملاحقته، قال عام 2019: “ماذا سيفعلون، سيقتلونني؟”
وكقائد للقيادة المركزية اعتبر ماكنزي أن اغنيال سليماني أجبر قادة إيران على إعادة حساب تصعيدهم الذي استمر أشهرا ضد القوات الأميركية.
درس مهم
كما اعتبر أن عملية سليماني قدمت درساً صارخاً إلا أن لم يعط الأهمية التي يستحقها، مفاده أن طهران تحترم القوة الأميركية وتستجيب للردع.
فعندما تتراجع القوة الأميركية، تتقدم إيران، حسب قوله.
ويعد سليماني شخصية مركزية في التاريخ الحديث للعلاقات الأميكية الإيرانية. إذ على مدار 30 عامًا، أصبح وجهًا مهما للحرس الثوري (IRGC)، الذي يعتبر فرعا مستقلا هم القوات المسلحة الإيراني، مكلف بضمان سلامة النظام.
انضم القيادي القتيل إلى الحرس الثوري عام 1979، أي قبل عام واحد من ضرب صدام حسين لإيران.
وفي الحرب التي تلت ذلك، اكتسب سليماني سمعة قوية، وترقى إلى رتبة قائد فرقة بينما كان لا يزال في العشرينات من عمره.
ثم خرج من الحرب محملاً بازدراء مرير لأميركا، التي حملها مسؤولية هزيمة بلاده، عبر مساعدتها للعراق.
أما بين عامي 1997 و 1998، فأصبح سليماني قائداً لفيلق القدس، وهي مجموعة نخبة داخل الحرس الثوري، تركزت عملياتها غير التقليدية خارج الحدود الإيرانية.
وشكل سليماني قائدا لا غنى عنه في تطور فيلق القدس، حيث اعتمد على طلاقته في اللغة العربية لتوسيع نفوذ بلاده في المنطقة.
كما كان على اتصال مباشر مع المرشد الإيراني، علي خامنئي، بل أصبح مثل ابن له. بعدها، رقي إلى رتبة لواء في عام 2011، وبحلول عام 2014 أصبح أشبه بـ “بطل في إيران”، بعد أن سلطت عليه مجلة نيويوركر الشهيرة الضوء، على الرغم من أن الغموض ظل يحيط باسمه.
يذكر أن سليماني كان اغتيل بضربة أميركي في يناير 2020، في مطار بغداد، بعد أشهر من الهجمات التي استهدفت القوات الأميركية في العراق وسوريا، حرض عليها قائد فيلق القدس.
وأدت تلك الضربة في حينه إلى تصاعد التوتر الأميركي الإيراني، وسط توعد طهران بالانتقام، إلا أن ردها اقتصر وقتها على توجسه بعض الصواريخ نحو قاعدة أميركية، ما أدى إلى إصابات طفيفة بين الجنود.