قطع رجل الدين اليمني والقيادي في حزب الإصلاح الإخواني عبدالمجيد الزنداني صمته الطويل وعاود الظهور فجأة من خلال شريط مصوّر وجّه فيه دعوة ضمنية للتصالح بين جميع القوى السياسية اليمنية وجماعة الحوثي تحت يافطة نصرة غزّة والتضامن مع سكّانها.
وكان الزنداني الذي شغل منصب رئيس مجلس شورى حزب الإصلاح إلى جانب عضويته في هيئة علماء اليمن قد اختفى وابتعد عن الأضواء منذ أن تحوّل ادعاؤه اختراع دواء ناجع لداء فقدان المناعة المكتسبة “الإيدز” من الأعشاب، إلى فضيحة مدوية وموضع للسخرية منه والتندر به على نطاق واسع.
ودعا الزنداني في الشريط الذي بثّه من مقر إقامته في تركيا جميع القوى السياسية اليمنية إلى التوحد ورفض الخلاف والسعي للصلح فيما بينهم، قائلا إنّ ذلك سيمكّن جميع القوى من مناصرة فلسطين وشعبها.
ولم تأت هذه الدعوة منعزلة، بل في سياق حالة أشمل من التقارب بين قيادات فرع جماعة الإخوان في اليمن وجماعة الحوثي المسيطرة على صنعاء وأجزاء واسعة من الأراضي اليمنية، برزت مؤخّرا تحت مظلة دعم حركة حماس الفلسطينية في حربها مع إسرائيل.
ويرغب الإخوان في تقاسم الدعاية التي يجنيها الحوثيون من وراء استهدافهم لخطوط الملاحة في البحر الأحمر وباب المندب وبحر العرب. كما أنّ لتحوّل موقفهم من الحوثيين الذين يعتبرون من أعدائهم بسبب طردهم لقواتهم من معظم مناطق شمال اليمن، خلفيات سياسية تتمثّل أولا في التوافق مع موقف بلدان المحور الذي ينتمون إليه ممثلا على وجه الخصوص في قطر وتركيا، فضلا عن استعدادهم لمرحلة ما بعد التسوية في اليمن والتي قد تقتضي إرساء حكم قائم على نوع من الشراكة يرغب الإخوان في تأمين مكان لهم ضمنه.
وجاءت دعوة الزنداني بمثابة بداية حملة ترويج للمصالحة مع الحوثي انضمّ إليها سريعا ابنه الأكبر محمد.
وقال الزنداني الابن إنّ الناس تلومه على موقفه من الحوثيين وعلى نسيان احتلالهم لصنعاء وجامعة الإيمان ولبيوت قيادات حزب الإصلاح وتفجيرها، مجيبا عبر منشور له على منصة إكس “لم ولن ننسى ذلك ولكن من باب الواجب علينا والوفاء لأمّتنا ولأهلنا في غزة وفلسطين أن نعلق ذلك العداء بيننا وأن ننبذ الخلاف ونوحد صفوفنا في وجه كل قرار أميركي يدعم العدوان على غزة ويصنف كل من يدعمها في موقفها كإرهابي سواء كان ذلك الموقف حقيقيا كما هو في نظر البعض أو كان صوريا كما هو في نظر البعض الآخر”.
وأضاف في منشوره “هذا هو موقفنا من ذلك ما لم يستجد أمران؛ الأول إيقاف العدوان على غزة.. والثاني تجدد العدوان علينا من قبل الحوثي في مناطق الشرعية فعند ذلك يجب علينا دفع البغي ورد العدوان”.
وأثار كلام القيادي الإخواني ردود فعل من قبل العديد من النشطاء اليمنيين. وسأل الكاتب السياسي كامل الخوداني ابن الزنداني قائلا في تعليق عبر منصة إكس “متى قاتلت الحوثي حتّى تعلّقوا قتالكم معه”.
وخاطب الصحافي اليمني سام الغباري عبدالمجيد الزنداني بالقول “شخصيا أوافق على مقترحكم الجميل بنبذ الخلاف اليمني الداخلي والاتفاق من أجل فلسطين على شرط واحد: أن يعلن عبدالملك الحوثي اعترافه الثابت بأن رشاد العليمي هو الرئيس الشرعي لليمن وأنه مستعد للانضواء تحت رئاسته”. وأضاف عبر منصة إكس “إذا استطعتم إقناع الحوثي بذلك فأنا أول المباركين، وإن شاء الله يكون ببركة فلسطين إنهاء الحرب اليمنية مع الأذرع الإيرانية داخل منطقتنا العربية”.
وهاجمت الناشطة الحقوقية نورا الجروي الزنداني قائلة إنّه “يتحمل مسؤولية الدماء التي سفكت في اليمن فقد كان المحرض على الفتنة.. وإشعال الفوضى في اليمن والاستعداد لدولة الخلافة حد قوله”.
وأضافت “وصل به الأمر إلى تأييد التفجير الإرهابي الذي استهدف جامع دار الرئاسة (يونيو 2011) بهدف اغتيال رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الشورى وعدد من الوزراء والقيادات.. وها هو اليوم يعود بلحيته الحمراء ليدعو إلى التسامح والتصالح مع الحوثيين بعد أن نفذ أجندة تدمير اليمن وقتل شعبه”.