أعادت الأزمة التي تعيشها محافظة مأرب منذ أيام حول رفع تسعيرة البترول المنتج محلياً، الحديث من جديد حول مصير إيرادات المحافظة من النفط والغاز.
وشهدت المحافظة الأسبوع الماضي، مواجهات عنيفة بين الجيش وقبائل عبيدة بالمحافظة والتي ترفض قرار السلطات برفع سعر مادة البترول المنتجة محليا من مصافي صافر، بواقع 8 آلاف ريال للدبة سعة 20 لترا، بدلاً من 3500 ريال.
وأقامت القبائل ما يسمى بالمطارح القبلية بمنطقة العرقين ومنعت من خلالها خروج أي كميات من المشتقات النفطية المنتجة من المصافي، للضغط على السلطات بالعودة التي التسعيرة السابقة مع تخصيص 300 ألف لتر بترول يومياً لمحطات مديرية الوادي.
هذه الأزمة أعادت التذكير والحديث حول مصير إيرادات المحافظة من عائدات النفط المكرر محلياً وكذا الغاز المحلي منذ قطع توريدها إلى البنك المركزي عام مع اندلاع الحرب 2015م، واستمرار ذلك حتى مع نقل إدارته إلى عدن.
وتنتج المحافظة نحو 20 ألف برميل نفط يومياً، يتم تكرير ما بين 7 – 10 آلاف برميل منها في مصافي صافر وهو ما يعني إنتاج نحو 1,5 مليون لتر من المشتقات النفطية يومياً، في حين يتم تصدير باقي كمية النفط الخام عبر شبوة إلى الخارج وتحصل مأرب على نسبتها الـ25% من العائدات قبل أن تتوقف عملية التصدير جراء هجمات مليشيات الحوثي.
في حين تسيطر المحافظة على الإنتاج المحلي لمادة الغاز وتغطي 70% من الاحتياج المحلي، وبإنتاج سنوي يفوق الـ60 مليون إسطوانة غاز، وفق تصريح المدير التنفيذي لشركة الغاز محسن وهيط مطلع عام 2022م.
ولا تقدم السلطات المحلية أي أرقام رسمية حول حجم العائدات التي يتم تحصيلها من بيع النفط المكرر أو الغاز المحلي، وكيف يتم التصرف بها بعيداً عن الحكومة والبنك المركزي، ما يجعل منها أكبر وأهم بؤرة للفساد والعبث، لتعود إلى الواجهة من جديد مع هذه الاشتباكات والأزمة التي تشهدها مأرب.
اشتباكات يراها السياسي عبدالناصر المودع صراعاً "على فساد نفط مصفاة مأرب النفطية"، في مقال مطول له عن خلفيات الملف، ويؤكد فيه بأن هذا الفساد تزيد قيمته عن نصف مليون دولار يوميا في أسوأ الأحوال.
ويلفت المودع إلى أنه يتم -من الناحية النظرية- بيع منتجات المصفاة لمحطات النفط في محافظة مأرب وبعض القطاعات الخدمية والقطاعات الحكومية في المحافظة بالسعر المدعوم، غير أن جزءا كبيرا منه يتسرب إلى السوق من تلك الجهات ويباع بالسعر الفعلي.
لافتاً إلى أن فساد المشتقات النفطية في مأرب يتقاسمه أطراف عديدة أهمهم: سلطات محافظة مأرب/حزب الإصلاح، القادة العسكريون والأمنيون في مناطق النفط والغاز والمنشآت، شيوخ القبائل والنافذون وبالذات شيوخ قبائل عبيدة، حيث يتواجد النفط والغاز، الموظفون الكبار في شركة صافر ووزارة النفط، وبعض المسؤولين الكبار فيما يسمى الحكومة الشرعية.
ويرى المودع بأن الاشتباكات التي تشهدها مأرب هذه الأيام هي اشتباكات متفق عليها بين أطراف لوبي فساد النفط، هدفها إيصال رسالة للجهات التي طالبت بتحسين الإيرادات الحكومية وضبطها (السعودية، الإمارات، صندوق النقد الدولي، سفراء الدول المانحة) مفادها أن رفع الدعم عن مشتقات النفط والغاز يؤدي إلى عنف وفوضى.