طالبت ورقة بحثية أعدها مركز دراسات مستقل، باتخاذ إجراءات قانونية حازمة ورادعة ضد الجماعات التي تموّل تنظيم القاعدة في اليمن في مقدمتها ميليشيا الحوثي وحزب الإصلاح الإسلامي بعد ثبوت تورطها في ذلك.
وأكدت الورقة نشرها مركز سوث24 للأخبار والدراسات، أن استخدام تنظيم القاعدة في اليمن لسلاح الطائرات المسيرة يعد تطوراُ خطيراً، يتطلب إجراء تحقيق جاد لمعرفة المصدر الذي زود التنظيم بهذا السلاح. داعيا إلى اتخاذ إجراءات قانونية حازمة ورادعة ضد الجماعات التي تموّل تنظيم القاعدة بهذه الأسلحة، أو تسهم في حصوله على المستوى المحلي والإقليمي، ويشمل ذلك جماعة الحوثيين وحزب الإصلاح الإسلامي والشخصيات القبلية التي قد يثبت تورطها.
وأوصت الورقة بضرورة بذل جهود مستمرة لمعرفة تفاصيل أكثر عن كيفية حصول القاعدة لسلاح الطائرات المسيرة وعن مصدرها، كجزء من مهام الحرب الدولية على الإرهاب. موضحا أن هذا السلاح جزء من أسلحة مختلفة حصل عليها التنظيم دون عناء من جهات ما (محلية أو خارجية) خلال السنوات الأخيرة، وهو أمر يستدعي التحقيق الجاد لمعرفة مصدر تزويد القاعدة به.
وأشارت الورقة التي كتبها فريق متخصص بشؤون الجماعات المسلحة ومكافحة الإرهاب في المركز، وتألفت من 23 صفحة، إلى أن وصول سلاح الطائرات المسيرة إلى تنظيم القاعدة أمر يتطلب الاستنفار بغض النظر عن محدودية استخدامه، كون ذلك قد يرتبط بسياسة التنظيم العملياتية لا بوفرة وعدم وفرة هذا السلاح لديه.
وأوضحت: إن وصول التنظيم إلى هذا النوع من السلاح يحتم على الإدارة الأمريكية إعادة النظر في مسألة تراجع اهتمامها بملف مكافحة الإرهاب في اليمن. لافتة إلى أنّ امتلاك القاعدة في اليمن لطائرات مسيّرة يستدعي تحركا دوليا عاجلا، حتى لا يتحول هذا السلاح إلى تهديد للملاحة الدولية في البحر الأحمر. كما أنه يوسّع التهديد الذي يشكّله التنظيم على المستوى الإقليمي والدولي.
وطالبت الورقة بتعزيز جهود مكافحة الإرهاب التي تقوم بها القوات الجنوبية التابعة للمجلس الانتقالي في جنوب اليمن، ودعمها لوجستيا واستخباراتيا لتتبع مصادر الأسلحة والشبكات المتورطة في عمليات البيع والتهريب لتنظيم القاعدة.
وجددت الورقة البحثية على أهمية تعزيز جهود قوات خفر السواحل اليمنية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن وقبالة سواحل محافظة المهرة الحدودية مع سلطنة عمان.
وناقشت الورقة البحثية ملف الأسلحة لدى تنظيم القاعدة المتشدد في اليمن، أو ما يُعرف بـ"تنظيم القاعدة في جزيرة العرب"، في ظل التطور الأمني الأخير المتمثل باستخدام الطائرات المسيرة من قبل التنظيم ضد القوات الجنوبية في محافظة شبوة.
واستعرضت توطئة الورقة عبر التسلسل الزمني تطور منظومة أسلحة القاعدة، ابتداء من العبوات الناسفة التي رافقت التنظيم منذ ما قبل وبعد تأسيسه في 2009، مرورا بالأحزمة الناسفة والرشاشات حتَّى السيارات المفخخة التي ازدهر استخدامها في 2012 من قبل القاعدة في عدن وحضرموت والبيضاء وشبوة وصنعاء.
وأشارت الورقة إلى حصول القاعدة على بعض المدافع والهاونات في ذات الفترة من قبل مشايخ قبليين في محافظة مأرب، مرورا بغنائم عسكرية هائلة من العتاد الثقيل تحصل عليها التنظيم من معسكرات الجيش اليمني في أبين وشبوة بين العامين 2011 و2012.
ولفتت الورقة إلى المرحلة اللاحقة لطرد الحوثيين من عدن والجنوب 2015، التي استطاعت فيها المقاومة الجنوبية ترتيب صفوفها إلى قوات مدربة محترفة، وبدء الحرب ضد تنظيم القاعدة بدعم مباشر من الإمارات، لا سيما في محافظات: عدن ولحج وأبين وشبوة وحضرموت.
وذكرت الورقة أن تنظيم القاعدة شارك في العامين 2019 و2020 إلى جانب القوات الحكومية التي ينتمي معظم أفرادها إلى حزب الإصلاح، في الحرب ضد القوات الجنوبية بمحافظة أبين، "بينما كانت محافظة شبوة ملاذه الآمن بعد خروجه من محافظة البيضاء في العام 2021".
واستفاضت الورقة في تقييم التطور النوعي الأخير المتمثل بوصول سلاح الطيران المسير إلى يد القاعدة في محافظة شبوة، واستخدامه لمرات عدة ضد قوات دفاع شبوة في منطقة المصينعة بمديرية الصعيد بشكل رئيسي.
واقترحت الورقة 3 مصادر محتملة لهذا السلاح وهي: التصنيع المحلي، مليشيا الحوثيين، القوات الموالية لحزب الإصلاح الإسلامي. واصفة المصدر الأول بالاحتمال الضعيف وإن كان واردا، وتميل إلى المصدر الثاني المتمثل بمليشيا الحوثيين.
وذكرت الورقة أسباب موضوعية قد تدفع الحوثيين لتزويد القاعدة، خصمهم المفترض، بالطيران المسير، من بينها توفير مبررات لمواصلة الاعتداء العسكري على الجنوب وإشغال المجلس الانتقالي.
وتطرقت الورقة إلى مؤشرات تعزز هذا الاحتمال، من بينها اعترافات أعضاء في القاعدة قبضت عليهم قوات دفاع شبوة، والتحول الداخلي في القاعدة المتمثل بصعود سيف العدل كزعيم محتمل خلفا للظواهري، وهو الرجل الذي يرجح أنه متواجد في إيران حاليا وينسق معها.
ولم تستبعد الورقة المصدر الثالث المحتمل، وهم "رفقاء السلاح السابقون"، في إشارة للقوات الحكومية الموالية لحزب الإصلاح التي طردتها القوات الجنوبية من أبين وشبوة بحلول العام 2021، التي ربما لجأت لتعويض خسائرها عبر تسليح القاعدة بهذه القدرات الخطيرة.
وتحذر الورقة بشكل مشدد على خطورة سلاح الطيران المسير لدى القاعدة الذي يتجاوز الفضاء المحلي إلى الإقليم والعالم، مذكرة في هذا الصدد بما حدث مع مليشيا الحوثيين المدعومة من إيران التي ضربت في السعودية والإمارات، وإسرائيل مؤخراً، وتهدد اليوم ممرات الملاحة الدولية ومضيق باب المندب.