يعاني المجتمع اليمني من تُفاقم سوء الوضع الإنساني، حيث رصدت إدارة مُخيمات النازحين نزوح أكثر من 4700 أسرة تضم ما يقارب 26 ألف فرد داخلياً خلال النصف الأول من العام 2023، معظمها من محافظات الحديدة وتعز ومأرب وإب، مع استمرار التهديدات الحوثية.
وحذر محللون سياسيون وخبراء في اليمن من استمرار حالات النزوح الداخلي بسبب قصف المدنيين وزراعة الألغام من قبل جماعة «الحوثي»، وهو ما يفاقم من الوضع الإنساني الخطير الذي يتعرض له المدنيون والأسر في المخيمات، خصوصاً في ظل التغيرات المناخية التي تتعرض لها.
ويقول وكيل وزارة حقوق الإنسان اليمنية نبيل عبدالحفيظ إن أزمة النزوح تعد واحدة من الإشكاليات الكبيرة الناتجة عن الحرب، حيث نتحدث عن أرقام كبيرة، ما يقارب 4.5 مليون نازح، ومدى الانعكاسات الكبيرة لهذا الرقم على مستوى الاحتياجات والوضع الإنساني بشكل عام، وعمليات الإغاثة، والاحتياجات التعليمية والصحية.
وقال عبدالحفيظ لـ«الاتحاد» إن محافظة مأرب تضم 60% من النازحين، وهو ما يشكل تغييراً ديموغرافياً خطيراً في المحافظة التي أصبح النازحون فيها يشكلون ثلثي عدد سكانها، ولا يرتقي مستوى المساعدات الدولية لهذا العدد الكبير الذي يشكل عبئاً كبيراً على الحكومة الشرعية والسلطة المحلية، وينعكس على النازحين بإشكاليات كبيرة ومعاناة، ونقص الاحتياجات التي هي أكبر من الإمكانيات التي تقدم لهم.
وقال عبدالحفيظ إن جماعة الحوثي تقصف المدنيين في المناطق السكنية، وهو ما يسبب فزعاً واستمرار عمليات النزوح، ويدركون أنهم بذلك يشكلون عبئاً على الحكومة الشرعية، ولذلك يمارسون هذه الانتهاكات التي تتناقض مع القانون الدولي الإنساني الذي يجرم استهداف المدنيين في زمن الحرب، واستهداف المناطق الآهلة بالسكان.
وأشار عبدالحفيظ إلى أن من أسباب النزوح أيضاً الألغام التي زرعتها جماعة الحوثي.
ومن جانبه، قال المحلل السياسي اليمني الدكتور عبدالملك اليوسفي لـ«الاتحاد» إن جماعة الحوثي لا تزال تمارس التصعيد العسكري في اليمن بشكل مستمر، وآخرها الاشتباكات المسلحة في منطقة حريش، كما تؤدي الأعمال العدائية في مأرب وتعز والحديدة واستهداف المدنيين بالصواريخ الحوثية، إلى عمليات النزوح.
ولفت اليوسفي إلى أن الأرقام التي تم الإعلان عنها مؤخراً والتي تخطت 4700 أسرة يمنية نزحت من منازلها؛ انعكاس للتصعيد «الحوثي» المستمر الذي يستهدف المدنيين، وتأكيد على أن الجماعة لم تلتزم بالهدنة الأممية، وتتحدى التسوية السياسية التي أصبحت على المحك.
وشدد على أن هناك رغبة حقيقية لصناعة الاستقرار من قبل قيادة الدولة اليمنية، والتحالف العربي لدعم الشرعية والمجتمع الدولي، لكن هذه الإرادة تصطدم بسلوك حوثي غير المنضبط وغير الملتزم بما تم الاتفاق عليه.
وبدوره، قال المتحدث باسم وزارة حقوق الإنسان اليمنية وليد الأبارة إن ملف النزوح من أكثر ملفات الأزمة الإنسانية تعقيداً لاسيما وأن عدد النازحين يزيد على 4 ملايين نازح داخلي وخارجي، نتيجة الحرب التي شنتها جماعة الحوثي وانقلابها على الشرعية ثم الضغط على السكان لمغادرة منازلهم.
وأشار الأبارة في تصريح لـ«الاتحاد» إلى أن جماعة الحوثي تحاول تعزيز مواقعها وتمركزها الاستراتيجي على الأرض، وتعزيز سيطرتها على العديد من المناطق، وتمارس القمع والسلطوية الفاشية وتفرض الجبايات والتضييق كلها أدت إلى عمليات نزوح كبيرة.
ولفت الأبارة إلى أن من أسباب النزوح أيضاً عوامل التغيرات المناخية، حيث شهد اليمن هذا العام واحدة من أكثر الأمطار غزارة منذ قرابة 50 عاماً، أدت إلى حدوث فيضانات دمرت العديد من المنازل، وأتلفت مناطق زراعية شاسعة، وأدت إلى حدوث موجة نزوح، وتعرضت مخيمات النازحين للغرق والتلف، ونزوح متكرر إلى مناطق أخرى.