قد تغير الأفعى جلدها لكن هل يخلصها ذلك من سمومها؟ قطعا لا، كذلك إخوان اليمن، التنظيم الذي يحاول الظهور بعباءة جديدة بحثا عن موطئ قدم.
فهذا التنظيم ما فتئ يلون جلده كلما أجبرتهم منعطفات الواقع على تغيير تكتيكاتهم ومواقفهم السياسية، تأكيدًا لثقافة الانتهازية، دعامتهم الأساسية.
هذا ما خلص إليه خبراء ممن يعتبرون أن التحركات الأخيرة لإخوان اليمن عبر حملة تغيير قياداتهم في محافظات عديدة، ليست سوى خطوة لارتداء عباءة جديدة ينفذ من خلالها التنظيم تكتيكات جديدة في ظل الأزمة التنظيمية التي تواجهها رافعته السياسية حزب الإصلاح.
ومؤخرا، أجرى الحزب الذي يعتبر الذراع السياسية للإخوان، حملة تغييرات واسعة لهيكل قياداته وتدويرها على مستوى المحافظات منها في مأرب وأمانة العاصمة وصنعاء والحديدة والجوف وسقطرى والمهرة وحضرموت.
ورغم صعوبة التكهن بالتأثير السريع والمباشر للتغييرات الإخوانية الأخيرة، نظراً لرمزية بعض المناصب القيادية ومحدودية تأثيرها المنفرد، إلا أن خبراء أكدوا أنها تأتي انطلاقًا من فكر متقلب لتنظيم يقتات على جميع الموائد، والمتسلق على أكتاف الآخرين للوصول إلى غايات دنيئة وفرض نفسه على حساب القوى الحية المتواجدة على الأرض.
واعتبر خبيران في حديثين منفصلين لـ"العين الإخبارية"، أن التغييرات الإخوانية تستهدف ركوب موجة المستجدات المتوقعة التي يترقبها اليمنيون والأطراف السياسية في المشهد اليمني العام، والتلاعب بعواطف المواطنين.
امتصاص الإخفاق
يقول الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية باليمن، والباحث السياسي صالح علي الدويل باراس، إن حملة تغيير قيادات الإخوان في عديد المحافظات "جاءت لامتصاص حالات الإخفاق التي تجرعها التنظيم في الأعوام الأخيرة".
وأضاف باراس أن الإخوان، "منذ التفافهم على انتفاضة 2011 وتحويلها إلى ركيزة إخوانية، أخفقوا في حمايتها وحماية مشروعهم، وأخفقوا في صد الانقلاب، وقال قياداتهم حينها: لسنا أبو فاس، وحاولوا أن يتسلقوا على إنجازات التحالف العربي لدعم الشرعية، لكنهم لم يحققوا انتصارات لا في الجنوب ولا في الشمال وكل محاولاتهم باءت بالفشل".
وأكد الخبير أن الإخوان بارعون في التكتيك والالتفاف وصنع الشعارات وخلق الأعداء واصطناع القضايا التي يدّعون فيها المظلومية، أما الرؤية الاستراتيجية فهي ثابتة في نظرتهم للسلطة وللأحزاب وللشراكة.
كما أن حل أزمات المجتمعات لا يعنيهم حتى وهم شركاء في السلطة، بل إن ما يشغلهم أن تتضاعف الأزمات وعدم حلها ليصل المجتمع إلى قناعة بنجاعة مشروع تمكينهم، بحسب باراس.
جلد الأفعى
شبّه الباحث السياسي صالح باراس حملة تغيير القيادات الإخوانية في المحافظات بـ”تغيير الأفعى لجلدها”، معتبرا أنه ”تغيير ظاهري تظل فيه الأفعى أفعى، والتغييرات القيادية في المحافظات الهدف منها هو إعادة قبول الإخوان في المحافظات والمديريات وإعطاء انطباع بأنهم حزب مدني يتجدد”.
ويضيف: ”بينما الحقيقة أن الإخوان منظمة حركية تهيمن عليها بيعة سمع وطاعة، ولا يعنيها تغيير دماء جديدة لأن التربية الإخوانية وحلقاتها تصنع فردًا إخوانيًا يتكرر عقائديًا وتنظيميًا وإن اختلفت القسمات الشخصية من فرد لآخر من حيث علاقة ذلك بالإرهاب”.
باراس أكد أن "المشروعين الإخواني والإرهابي يتفقان، لكن الفارق أن الثاني يقدم خطابه متشحًا بالسلاح وينفجر في المختلف معه، بينما الأول يحاول أن يقدم نفسه بلبس مدني وخطاب مدني يقبل الآخر، لكن تظل الغايات الحركية واحدة”.
حالة تيه
من جانبه، قال رئيس مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات، صالح أبو عوذل، إن تنظيم الإخوان يعيش حالة من التيه، فهو يعتقد أنه سيخرج كطرف كاسب من الحرب، لكنه خسر الكثير، وبات اليوم محاصرًا في نطاق جغرافي ضيق.
وأضاف أبو عوذل أن "هناك محاولات إقليمية للبحث عن موطئ قدم لإخوان اليمن في المحافظات الجنوبية".
ويؤكد أن "تنظيم الإخوان في اليمن هو الوجه الآخر لميليشيات الحوثي، فهما ينطلقان من نفس الفكر والمعتقد، والحديث عن إعادة تدوير القيادة أو تحديثها، ليس أمرا حقيقيًا، فتنظيم الإخوان في اليمن سلالي القيادة، مثله مثل جماعة الحوثي".
ويختم أبو عوذل تصريحه بالقول إنه ”إذا ما تحدثنا عن علاقة الحوثيين بالإخوان فعبد الملك الحوثي درس في بداية حياته بمدارس الإخوان، لذلك هذه الجماعات متحدة في الفكر والمعتقد، بعيدًا عن الشعارات”.