مع اشتداد سخونة فصل الصيف في كل عام، تتجدد مشاهد الاحتجاجات من قبل أبناء العاصمة عدن ضد تدهور خدمة الكهرباء جراء استمرار عجز الحكومة في تحسين الخدمة منذ تحرير المدينة من مليشيات الحوثي قبل 8 أعوام.
وتتلخص أزمة الكهرباء في عدن وباقي المناطق المحررة في أن حجم التوليد من محطات الكهرباء لا يغطي أكثر من 50% من حجم الطلب والذي يتزايد كل عام، كما أن أغلب هذا التوليد يتم باستخدام وقود يعتبر الأعلى كلفة وهو وقود الديزل، والذي يجعل من إنتاج الكيلووات يصل إلى 350 ريالاً.
وفي حين يقر وزير الكهرباء مانع بن يمين في أكثر من تصريح له أن السبب الرئيسي في فشل الحكومة بملف الكهرباء يعود إلى غياب التخطيط الاستراتيجي المتمثل بإنشاء محطات استراتيجية تعمل بوقود أقل تكلفة، إلا أن العديد من الشواهد تؤكد أن أزمة الكهرباء تظل أزمة إدارة سيئة من الحكومة أكثر منها أزمة إمكانيات.
وأحدث هذه الشواهد هي محطة الطاقة الشمسية التي قدمتها دولة الإمارات إلى مدينة عدن بقوة 120 ميجاوات، وتم توقيع اتفاقية إنشائها مع الحكومة في ديسمبر من العام الماضي على أن يتم الانتهاء منها مطلع شهر يونيو الماضي، إلا أن المشروع لا يزال حتى اليوم يراوح في المرحلة الإنشائية.
القيادي بالمجلس الانتقالي لطفي شطارة أثار هذا الموضوع في تغريدة له على حسابه في "تويتر"، أرفق معها صوراً من موقع مشروع إنشاء المحطة ويظهر عدم استكمال المراحل الإنشائية، معلقاً بالقول: "حكومة فاسدة يجب حبسها لجريمتها قبل إقالتها".
وما يلفت الانتباه أن تغريدة شطارة تأتي بعد يوم واحد من الزيارة التي قام بها العميد الركن طارق محمد عبدالله صالح، عضو مجلس القيادة الرئاسي، رئيس المكتب السياسي للمقاومة، لتفقد مشروع توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية لمدينة المخا، والمقدم من دولة الإمارات، بالتزامن مع وصول المعدات الخاصة بتوليد الطاقة بعد أن تم استكمال 90 في المائة من الأعمال الإنشائية بعد مرور 4 أشهر على بدء العمل به.
ورغم صغر حجم مشروع المحطة المقدر بـ15 ميجاوات، مقارنة بمشروع محطة عدن، إلا أن البدء فيه جرى بعد أكثر من 4 أشهر على توقيع اتفاقية محطة عدن، ما يظهر حجم البطء الشديد في إنجاز المشروع من قبل الجهات المنفذة له، ما يعكس حجم اللامبالاة والتجاهل لمعاناة أبناء عدن، ويعزز الاتهامات التي يطلقها نشطاء وقيادات بالانتقالي منذ سنوات أن ملف الخدمات ملف للابتزاز السياسي.
ومع تزايد الاقتناع بصحة هذه الاتهامات، إلا أنها تطرح تساؤلاً هاماً لدى أبناء عدن حول دور الانتقالي في مواجهة هذا التوظيف السياسي بعد أن بات شريكاً في رأس السلطة العليا (مجلس القيادة الرئاسي) وجزءًا من الحكومة بعدد من الوزراء من بينهم وزير الكهرباء، وما يملكه من خيارات في متناول اليد لمعالجة ملف الكهرباء والتخفيف من معاناة أبناء العاصمة، بالتوازي مع الضغط الذي يمارسه منذ أشهر لإقالة الحكومة.
وعلى رأس هذه الخيارات الضغط بشكل قوي بالتسريع في إنجاز مشروع محطة الطاقة الشمسية وفضح الجهات المعرقلة له، مع بحث إمكانية أن يسهم الأشقاء في السعودية بهذا المشروع الذي يعد مشروعاً استراتيجياً، يمكن توسعته ليصل إلى نحو 600 ميجاوات، وهو رقم كبير لطاقة نظيفة لا تكلف وقوداً.
إلى جانب فتح ملف التعثر الغامض في مشروع تصريف الطاقة والذي يمنع منذ أكثر من عامين دخول محطة بترومسيلة بكامل قوتها 264 ميجاوات، والتي تعمل بنظام الغاز أو النفط الخام، مع متابعة مشروع صيانة المحطة القطرية 60 ميجاوات والتي تعمل بذات النظام، وجرى مؤخراً نقل التوربين الخاص بها إلى الخارج على نفقة الجانب القطري على أن يعاد تركيبها في أكتوبر القادم، بالإضافة إلى تنفيذ مشاريع صيانة للمحطات الحكومية العاملة بوقود المازوت (الحسوة +المنصورة).
مشاريع في حالة نجح الانتقالي في وقف العبث والمماطلة بها، ستعمل على استقرار خدمة الكهرباء للعاصمة عدن خلال الصيف القادم بأقل تكلفة، مع الاستغناء التام لمحطات الديزل، وهو ما سيمثل نجاحاً سياسياً للانتقالي وتحصينا لقاعدته الجماهيرية في الجنوب، وتسقط أهم ورقة في يد أعدائه لاستخدامه ضده.