يغزو الدولار الأمريكي المجمد -دولارات بأرقام متسلسلة معطلة– السوق المصرفية اليمنية في صنعاء والمحافظات الشمالية، تحت غطاء وإدارة مليشيا الحوثي، الذراع الإيرانية في اليمن.
وسجل سعر الريال أمام العملات الأجنبية، مكاسب بتحركات طفيفة، في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي، خلال اليومين الماضيين عند 555 ريالاً للدولار، و145 للريال السعودي، ليلة الاثنين/ الثلاثاء.
وقال مصدر يعمل في إحدى دوائر مجلس القيادة الرئاسي، بالعاصمة عدن، لـ"نيوزيمن": "إن ميليشيا الحوثي أغرقت السوق المصرفية في صنعاء والمناطق الأخرى الخاضعة لسيطرتها، بدولارات مجمدة، حتى إن بعض البنوك تتداول هذه الأوراق النقدية دون أن تعرف ذلك.
وأضاف إنه وفقاً للمعلومات التي حصل عليها فإن أكثر من 60 مليون دولار من الدولارات المجمدة، دخلت السوق المصرفية في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي خلال الأشهر الثلاثة الماضية.
ينتشر الدولار المجمد بشكل كثيف في كل من تركيا والأردن والعراق وليبيا وسوريا ودول أخرى، ويتم بيعه عن طريق سماسرة وعصابات أو شبكات تهريب.
وتعد هذه الأموال سليمة لكنها فقط مجمدة لتسلسلها بالأرقام التي لا تدخل ضمن العمليات البنكية.
وأكد المصدر أن بعض المنظمات والوكالات الأجنبية العاملة في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي لعبت دوراً كبيراً في مساعدة الحوثيين بإدخال دولارات مجمدة، وتصريفها في السوق المصرفية.
وقال المصدر إن ميليشيا الحوثي أدخلت هذه الأموال إلى داخل شركات ومحال الصرافة والبنوك العاملة في صنعاء وفروعها في المحافظات الخاضعة لسيطرتها ويتم تداولاتها بين المواطنين.
ظهر مفهوم "الدولار المجمد" منذ اندلاع حرب الخليج الأولى في تسعينيات القرن الماضي، وكذلك خرجت من بنوك ليبيا عام 2011، ووصلت إلى دول عدة في المنطقة، وحتى دول آسيوية الرقابة النقدية فيها ضعيفة.
تقوم سلطات النقد الأمريكية "مجلس الاحتياط الفيدرالي" بتجميد كافة أرصدة النقد المنهوبة من البنوك المركزية للدولة التي تعاني من اضطرابات؛ بحيث لا يكون لها أي قيمة، ويتم تبليغ البنوك المركزية للبلدان عن هذه الدولارات من أجل تجميدها، استنادا للأرقام التسلسلية المسجلة في قواعد البيانات الخاصة بالمصارف.
وبحسب المصدر في الرئاسة، يتلقى البنك المركزي اليمني -عدن بلاغات من مجلس الاحتياط الفيدرالي عن هذه الدولارات وأرقامها التسلسلية من أجل تجميدها.
وتنفذ ميليشيا الحوثي منذ سنوات إجراءات لتمرير تداول الدولارات المجمدة، بإلزام المصارف بالتعامل بالدولار الأبيض طبعة ما قبل 2009، حتى تتمكن من تصريف مخزونها من الدولار المجمد.
وعلى الرغم من تأكيد خبراء المال، من أن سعر الدولار والريال السعودي أمام العملة المحلية الريال غير عادل في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي، وأنه مصطنع ووهمي، بكبح الحوثيين الطلب على النقد الأجنبي وتوجهه إلى مناطق الحكومة الشرعية، لكن معلومات استخدام الحوثيين للدولار المجمد أجاب على كثير من التساؤلات.
ولم يعط المصدر بيانات عن حجم الكتلة النقدية للدولارات المجمدة التي دخلت مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي خلال السنوات الماضية.
ومنذ نقل مقر وعمليات البنك المركزي اليمني إلى العاصمة عدن، في ديسمبر 2016، رفض الحوثيون هذه الخطوة واتخذوا إجراءات مضادة، مما أدى إلى إنشـاء كيانين متنافسـين للبنك المركزي في البلاد: أحدهمـا في صنعـاء تحت سـلطة مليشيا الحوثي والآخر في عدن تابـع للحكومة.
ويتمتع البنك المركزي صنعاء بنفـوذ أكبـر على المراكز السـكانية والمالية في البلاد لكن دون اعتـراف دولي، وهو معزول عن البنوك العالمية والمؤسسات المالية الدولية، وقنوات اتصاله بالبنوك الخارجية مغلقة.
في حيـن يتمتـع البنك المركزي اليمني -عدن باعتراف دولي، ولكن بسـلطة محـدودة على الصعيـد الوطني، ويواجه صعوبات بفرض سيطرته على السوق والبنوك وشركات الصرافة في المناطق المحررة ومناطق الحوثيين.
ووفقاً لتقرير سابق للبنك الدولي، فإن البنك المركزي - عدن غير قادر على مراقبة حركة التمويل للبنوك ومحال وشركات الصرافة للتأكد أنها تمول أنشطة اقتصادية حقيقية وليس مضاربات على الدولار