أطلقت القوات الجنوبية عملية عسكرية لتطهير مديرية «نصاب» بمحافظة شبوة، من العناصر الإرهابية التابعة لتنظيم القاعدة التي نشطت مؤخراً في المديرية بالتنسيق مع ميليشيات الحوثي الإرهابية.
وأشارت مصادر ميدانية إلى أن العملية تهدف إلى القضاء على ما تبقى من الإرهابيين الفارين من أبين.
وتزامنت العملية في «نصاب»، مع اندلاع معارك بين القوات المرابطة في شبوة، وميليشيات الحوثي الإرهابية في جبهة «حريب» جنوبي مأرب، عقب محاولة تسلل لعناصر حوثية في المديرية.
ويأتي إطلاق العملية العسكرية عقب تزايد الأعمال الإرهابية لتنظيم «القاعدة»، حيث شن التنظيم سلسلة تفجيرات بالعبوات الناسفة. وشهدت محافظتي أبين وشبوة منذ منتصف ديسمبر 2022 نحو 8 هجمات إرهابية بالعبوات الناسفة وقع مجملها في بلدات «وادي عومران»، «المحفد» و«مودية» وخلفت عشرات القتلى والجرحى. وخلال نوفمبر الماضي، أسفرت سلسلة هجمات لتنظيم «القاعدة» عن سقوط 17 قتيلاً وجريحاً، بينهم ضابط برتبة «رائد»، فيما نجا ضابطان بارزان آخران من التفجيرات الإرهابية ذاتها. كما وقع هجوم إرهابي في بلدة «المصينعة» في مديرية «الصعيد» جنوبي شبوة، فيما وقع تفجير آخر واستهدف القوات اليمنية المشتركة في بلدة «النصارة» في المحافظة ذاتها، بالتزامن أحبطت القوات المشتركة هجوماً بعبوة ناسفة أخرى في المدخل الغربي لمدينة «عتق».
في غضون ذلك، تجدّدت الاشتباكات بين الجيش اليمني وميليشيات الحوثي الإرهابية في محافظة تعز، جراء اعتداءات للميليشيات الإرهابية.
وأفاد المركز الإعلامي لمحور تعز بأن اشتباكات متقطعة تجدّدت في ثلاثة قطاعات عسكرية، «محيط جبل هان غرباً، والدفاع الجوي شمال غرب المدينة، وجبهة الطوير بالريف الغربي للمحافظة». ومع مواصلة الميليشيات الإرهابية وضع العراقيل أمام أي محاولة لإعادة إرساء الهدنة الأممية، تتزايد مخاطر الزج بهذا البلد من جديد، في دائرة الصراع الدموي، الذي كانت وتيرته قد خفتت نسبياً، خلال فترة سريان تلك التهدئة، بين أبريل وأكتوبر من العام الماضي.
فالتصريحات النارية التي يدلي بها قيادات العصابة الانقلابية، بشأن اعتزامهم استئناف المعارك، والهجمات التي تنفذها ميليشياتهم بالصواريخ والطائرات المُسيّرة على موانئ تصدير النفط اليمنية، تضع اليمن بأسره، على حافة العودة إلى حالة الحرب الشاملة، التي أشعلها الانقلاب الحوثي الدموي، على الحكومة الشرعية أواخر 2014. ومن شأن إمعان الميليشيات الحوثية في تبني هذا النهج العدواني، تبديد أي آمال يعلقها اليمنيون، على الجهود التي يضطلع بها المبعوث الأممي الخاص لبلادهم هانس جروندبيرج، لتجديد العمل بالهدنة، التي مُدِدَت مرتين وأدت خلال شهورها الستة، إلى حدوث تراجع كبير في عدد القتلى والجرحى والنازحين كذلك. ويعني ذلك، حسبما قال المحلل نيفيل تيلر، إن «التهدئة لم تكن سوى فترة وجيزة لالتقاط الأنفاس في غمار حرب ضروس، لا يروح ضحيتها سوى اليمنيين العاديين، وذلك في ظل قناعة متوهمة، يتبناها المسلحون الانقلابيون، قوامها أن بمقدورهم حسم الصراع عسكرياً، وبسط سيطرتهم على اليمن بالكامل».
وفي تصريحات نشرها موقع «يوراشيا ريفيو» الإلكتروني، أشار تيلر إلى أن هذه القناعة، تجعل الدعوات الدولية والإقليمية للميليشيات الحوثية للالتزام بالهدنة من جديد محكومٌ عليها بالفشل، وهو ما يعني تقويض آمال ملايين اليمنيين، في إمكانية أن ينعموا بمستقبل أفضل، عبر التوصل إلى تسوية سلمية للصراع الحالي. واستعرض المحلل البارز، الممارسات العدوانية الحوثية، التي أعقبت انتهاء تمديد التهدئة قبل أكثر من ثلاثة شهور، وعلى رأسها انتهاكات الميليشيات الانقلابية لوقف إطلاق النار، الذي يتم احترامه بشكل ضمني من جانب الأطراف الأخرى، منذ ذلك الحين، فضلاً عن تهديد الحوثيين لشركات النفط التي لا تزال تعمل في اليمن، بالاستيلاء على ممتلكاتها، بجانب مواصلتهم التشبث بمواقف متصلبة، في ما يتعلق بالخلاف القائم، حول كيفية تسديد رواتب الموظفين الحكوميين. ويعزو محللون هذه المواقف، لإحساس ميليشيات الحوثي بقوة زائفة، ناجمة عن مواصلتها تلقي معدات وأسلحة من الخارج، فضلاً عن استغلالها لفترة الهدنة، لإعادة تنظيم صفوفها، وتكثيف حملات التجنيد، التي طالت حتى الأطفال والقُصَّر اليمنيين، بالرغم من التعهدات التي كانت العصابة الانقلابية، قد قطعتها على نفسها للأمم المتحدة، بعدم الإقدام على ذلك.
ويجمع المراقبون، على أن ميليشيات الحوثي الإرهابية تتحمل المسؤولية، عن استمرار هذه الأوضاع المأساوية، بعدما عصفت بالأمل الوحيد الذي لاح للتمهيد لإنهاء الصراع، مُتمثلاً في هدنة العام الماضي، التي قادت في ذلك الوقت، لأطول فترة استقرار في اليمن، منذ اندلاع الصراع.