القارئ لمنشوراتي سيجدني كتبتُ عن هذه الأزمة سابقاً، وهأنا ذا أعودُ لِلكتابةِ عن نفسِ الأزمةِ مجدداً؛ سأغيرُ الحروفَ وأبدلُ الكلمات، سأبدأ بتمهيد آخر وسأنهي بخاتمة مختلفة، ولكنني سأكتب بنفس المشاعر، بنفس الإحساس، بنفس الألم، سأكتب عن نفس الموضوع، عن نفس الأزمة، عن نفس الإقصاء، عن نفس السبب فالسبب في أزمة الأمس لا شكَّ أنه هو السبب في أزمة اليوم، والذي تسبب بدموعِ الأمس هو نفسه الذي أجبر دموعَ اليوم على النزول. طبيعتي أنني أكره التكرارَ كثيراً ولا أحب الكتابة في نفس الموضوع لأكثر من مرة، ولكن ماذا نفعل إذا كانت الأذان تختلق الصمم وتتعمد عدم السماع، ماذا نفعل إذا كان أخواننا يعانون أشد المعاناة نتيجة فساد بعض المسؤولين ولا أشمل الجميع؟! لن نتهجم بأي ألفاظ خارجة عن المعقول، ولن نقوم بسب أي أحد، ولكننا سنحاول قدر ما نستطيع أن ننقل الصورة كما هي موجودة دون مبالغة إلى الحد الذي نظلم به المسؤولين ودون تهاون إلى الحد الذي نظلم به أنفسنا. والآن هي بنا عزيزي لنقرأ قليلاً عن معاناة عتاب فيما يتعلق بأزمة الغاز التي أتعبتنا وأرهقتنا وعن عظيم ما نلاقيه في هذا الجانب. تمَّ تخصيص أربع مقطورات غاز شهرياً لمديرية سيحوت؛ أربع مقطورات كتقدير شخصي تبدو شبه كفيلة بإشباع سيحوت ولكن ومع ذلك ما يزال هناك نقص حاد في سيحوت وأزمة يعاني منها كل البسطاء في هذه المديرية...المهم دعنا في موضوعنا الأساسي واسمع عن الإجحاف بأم عينه؛ تخيل أن منطقة عتاب ذات الخمسة آلاف نسمة أو ما يفوق، والتي تقارب بيوتها الأربعمائة بيت هذا دون أصحاب المطاعم والمشارب والكافتيريا لا تحصل إلا على أربعمائة دبة غاز كل خمسة عشر يوماً! أربعمائة دبة!! أنا على يقين تام بأنَّ الذي وضعَ هذه التقسيمةَ إما أنَّهُ لم يرَ عتاب بعد ولا يعلم شيئاً عن عدد بيوتها وسكانها، أو أنَّهُ نطق بهذا الرقم خطأً ثم تمسك به، وإلا فكيف يعقل هذا؟! بيوت عتاب أقرب إلى أربعمائة بيت بغض النظر عن كل من يمتلك مطعماً أو مشرباً والتي من المعلوم أنها تحتاج إلى كميات هائلة من الغاز فلنقم بعدم مراعاة هذه المحلات وعدم توفير الغاز لها ولنكن سبباً في قطعِ أرزاقِ أصحابها ولنعتبر افتراضياً أن عتاب لا يوجد بها سوى البيوت فقط ولنقل: عتاب بلا مطاعم ولا مشارب، الآن معنا أربعمائة بيت فقط هذا إذا قمنا بإهمال تام للمطاعم والمشارب والتي يحتاج بعضها إلى ما يقارب دبة أو دبتي غاز يومياً ولنقم بالتقسيم لكل بيت في المنطقة دبة غاز بعد ١٥ يوماً، إذاً ماذا عن البيوت التي توجد بها عدة أسر ولا يكفيها الغاز إلَّا لمدة سبع أو ست أيام؟! هناك بعضُ البيوتِ التي توجد بها خمس أو أربع أسر ولا يكفيها الغاز إلا ما يقارب سبعَ أيام ثم ينتهي...أين العدلُ؟ ولكن مراعاةً من شيخ المنطقة لظروف البلاد وما تمر به، وقبولاً للتعايش مع الوضع تم الموافقة على هذا التقسيم على مضض وكره فما حيلة العاجز إلا الرضا؟ ولكن ليتَ تجارَ الأزمةِ وقفوا هنا، ليت من تسبب في حدوثِ هذه الأزمةِ اكتفى بذبحنا بهذه التقسيمة غير العادلة، بل كان لا بد من دفننا والقضاء علينا تماماً؛ فتخيل أنه حتى بعد مرور الخمسة عشر يوماً لم يتم توزيعُ الغاز في عتاب؛ بحجة أن الكمية التي أتت هذه المرة لا نصيبَ لعتاب فيها؛ فهناك من يحتاجها في سيحوت ليستعين بها على العيش والبقاء، إذاً وماذا عن عتاب؟!... هل تم إقصاؤها من المخصص تماماً؟ أليس من الأولى أن يتم التقسيم بالإنصاف؟ والعجيبُ في الأمرِ أنه حتى سيحوت نفسها تعاني من أزمة الغاز؛ أربع مقطورات ومازالت هناك أزمة... للفساد رائحة قوية نستطيع شمها! في عتاب الناس تعبت، ولم تعد تمتلك الطاقة للصبر على ما يحدث؛ أشخاص كانوا فاتحين محلات كمصدر رزق يعيشون عليها فاقتربوا من التوقف وإغلاق مصادر رزقهم، البيوت التي يمتلكُ أهلها بعض المال قامت بأخذ الغاز من السوق السوداء في سيحوت والذي يتم استيراده من حضرموت بقيمة كلية مع التوصيل ما يقارب العشرين ألفاً، أما بيوت الفقراء والمساكين فقد لجأت إلى الحطب، وإنني أخشى على من كان سبباً فيما يحدث أن ترفع دعوة في جوف الليل من إحدى هذه البيوت تكون سبباً في أزمة تحل عليه لها بداية ولا نهاية لها. وإننا من هنا نرفع صوتَنا إلى هرم السلطة بالمحافظة أن يتم النظر بشكل عاجل في هذا الموضوع؛ بحيث يتم فصل مخصص عتاب عن مخصص سيحوت ويتم فيه مراعاة التعداد السكاني لعتاب وأن يتم قطع دابر الفساد والعشوائية، أو أن يتم إلزام المحطة في سيحوت بإعطاء عتاب نصيب يتطابق مع عددها السكاني، بالإضافة إلى توزيعه في وقته المحدد دون التحجج بأعذار غير منطقية، وما رفعنا هذا النداء إلا ثقةً منا بأنه سيتم النظر في موضوعنا وإعطائنا حقوقنا، وأن أصواتنا إذا وصلت إلى أصحاب الشأن والاختصاص فلن يتساهلوا في الأمر.