أن الغلاء وجد له موطنا في اليمن خلال هذه الفترة وخاصة مع التطورات المتسارعة والأزمات التي يشهدها العالم وسواء أكانت هذة الأزمات سياسية أو اقتصادية، حيث أدى إستمرار إرتفاع الأسعار في اليمن إلى الحد من وصول الكثير من الأسر إلى الغذاء خاصة بالنسبة لأولئك الذين لديهم دخل غير منتظم أو مصدر دخل رئيسي واحد فقط، حيث تواجه ملايين من الأسر في أنحاء البلاد فجوات في استهلاك الغذاء أو تستخدم استراتيجيات سلبية لمواجهة سبل العيش لتلبية احتياجاتهم، وذلك بسبب أن أسعار المواد الغذائية لاتزال أعلى بكثير من المتوسط ، وذلك لإن الريال اليمني لم يستقر بعد ومازال في تقلب مستمر رغم تشكيل مجلس رئاسي جديد تولَّى صلاحيات هادي بالكامل، ورغم إعلان السعودية والإمارات عن تقديم حزم مساعدات مالية كبيرة (أكثر من 3 مليارات دولار) لم تُمنح حتى الآن.
أسباب ارتفاع الأسعار : هناك عدة عوامل خارجية وأخرى داخلية أدت إلى إرتفاع الأسعار في اليمن، فالعوامل الخارجية ترتبط بارتفاع أسعار النفط العالمية والغاز مما أنعكس مباشرةً على أسعار معظم السلع والخدمات المستوردة من الدول الصناعية وبالتالي انعكس آثار هذه الزيادة بصفة خاصة على التجارة والخدمات والقطاع الصناعي وقطاعات البناء والتشييد،مما أدى إلى رفع التكلفة ، وبشكل عام إدى ذلك إلى إرتفاع الأسعار وبذلك يكون المستهلك أو المستعمل النهائي للسلعة أو الخدمة هو الضحية بالدرجة الأولى وخاصة ذوي الدخول المحدودة من موظفين وعمال ومتقاعدين . اما العوامل الداخلية فهي ترتبط بنظام السوق المفتوح التي تعتبر من أهم مسببات الارتفاع الكبير لأسعار السلع والخدمات باليمن ، وكذلك عدم وجود هيئة رقابة للأسعار يمكنها أن تضبط الأسعار وتتحكم في نسبة الإرتفاع غير الطبيعية. هذا بالإضافة إلى عدم تفعيل قانون حماية المستهلك، حيث لو كانت هناك هيئة رقابة حكومية لمراقبة الأسعار كان بالإمكان السيطرة عليها وعدم زيادتها دون مبرر. كذلك فإن من أهم مسببات ارتفاع الأسعار في اليمن هو عدم تدخل المؤسسات المحلية المعنية بمراقبة السوق
. هذا وبالإضافة إلى أن معظم الوكالات التجارة وموردي المواد الاستهلاكية إلى اليمن هي شركات أجنبية تسعى للربح السريع والمباشر بغض النظر عن اعتبارات كثيرة سواء اقتصادية كانت أو اجتماعية.
وكذلك هناك عوامل أخرى مساعدة في التأثير على ارتفاع الأسعار هي: 1 ـ ارتفاع أسعار الوقود والغاز بشكل غير منطقي 2 ـ ارتفاع الإيجارات سواء التجارية أو السكنية 3 ـ ارتفاع أسعار الخدمات الأساسية في الدولة كوسائل النقل والمواصلات والشحن والتخزين والتبريد.
4 - جشع بعض التجار الذي يعد خيانه للوطن وعبثا بمقدراته الاقتصادية والاجتماعية ، فمن غير المعقول أن يتغير سعر نفس الدواء على سبيل المثال من صيدلية إلى أخرى ومن يوم إلى اخر وكذلك أسعار السلع من بقالة لاخرى ...
تأثير غلاء الأسعار على حياة المواطنين : إن الظروف الاقتصادية السيئة التي يعاني منها المجتمع اليمني ستلقي بظلالها على السكان ، فارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية وغيرها من المواد في الأسواق ستؤدي إلى مشكلات اجتماعية وشخصية عديدة تطال معظم أفراد الأسرة وتعمل على زعزعة الاستقرار النفسي والعاطفي لديه، فان سوء التغذية والمسكن السيئ يؤثر على سلامة الفرد من الناحية الفيزيقية والنفسية وقدرته على التكيف الاجتماعي.
كما أدت ارتفاع الأسعار إلى انتشار الظواهر السلبية مثل الكسب غير المشروع كالرشاوى والعمولات وغيرها بين بعض ضعاف النفوس من العاملين في الوظائف الحكومية والقطاع الخاص وزيادة الأمراض النفسية والانتحار وارتفاع نسب الطلاق والعنوسة، وتفشي ظاهرة التسرب المدرسي بين الطلبة ، إضافة إلى انشغال الأسرة بحل المشكلات الاقتصادية المترتبة على هذه الزيادة مما يتسبب في إهمال تربية الأطفال تربية سليمة والانشغال عن همومهم خصوصاً في مرحلتي الطفولة والمراهقة، كما تعد جريمة السرقة من أبرز الآثار السلبية لظاهرة الغلاء، على اعتبار الغلاء ضمن العوامل الرئيسة المؤدية إلى انتشار ظاهرة السرقات التي يقدم عليها بعض المراهقين والشباب الذين يتوقون إلى إثبات أو تركيز أنفسهم في المجتمع.
التوصيات : 1. اتخاذ قرارات فورية لتشديد الرقابة على الشركات والتجار ومنع الاحتكار وعدم تركهم يتحكمون في السوق كما يشاؤون.
2. يجب أن تكون هناك قوانين صارمة لمحاربة من يستغلون غياب الرقابة لتحقيق أرباح غير مشروعة.
3. فرض تسعيرة جبرية على السلع الغذائية التي لا يمكن للمواطن الاستغناء عنها كالألبان ومشتقاتها واللحوم بأنواعها والخضراوات بحيث تكون في متناول الجميع بما فيهم ذوي الدخل المحدود
4. اتخاذ مبادرة بخفض أسعار السلع الغذائية، مبادرة تشترك فيه الحكومة والشركات الكبرى والمواطنون ومجلس الشورى. 5. خفض رسوم الخدمات الحكومية حيث تبدأ الشركات الكبرى والوزارات الخدمية بخفض رسومها وإعلان هذه المبادرات في وسائل الإعلام لتقتدي بها بقية القطاعات.
6. توعية المستهلك بالاستغناء عن الكماليات وبمقاطعة وعدم شراء السلع التي تقدمها الشركات المحتكرة والتي يرتفع سعرها مع مرور الوقت مهما كانت الحاجة اليها.
7. تشجيع المستهلكين على التبليغ بالتجار المخالفين . ختاماً : وختاماً اود القول بان كلنا نعرف أن التضخم هذه الأيام ظاهرة عالمية، وأن الحكومات تسعى للسيطرة على تداعياته، لكن لا يعني وجود تضخم أن ترتفع الأسعار إلى هذا الحد غير المحتمل، فهناك طرق يمكن من خلالها السيطرة على هذا الغلاء، وأرى من وجهة نظري أن المسؤولية هنا جماعية ليست على عاتق الحكومة وحدها، ومبدئيا لابد من بدء مبادرات على الفور لخفض أسعار السلع الغذائية بكافة أنواعها ورسوم الخدمات الحكومية، وعلى الشركات الكبرى أن تثبت للمواطنين أنها شركات وطنية فعلا لا قولا، وأنا متأكد أن هناك الكثير من الأسر أصبحت تستغني عن سلع غذائية كثيرة ومع ذلك لم تستطع أن تجاري الغلاء، ولذلك يجب على الحكومة ان تمنع الاحتكار اذ يعد من ابرز اسباب الغلاء فهو ممقوت ويضرب الاقتصاد والتجارة، لذلك على حكومتنا اليمنية الرشيدة أن تدرس هذا الأمر جيدا، وألا تجعل للاحتكار مكانا في الاقتصاد اليمني، فعندما يكون العرض كبيرا، الناس تتشجع وتشتري لأن الأسعار ستكون معقولة وفي متناول الجميع، أما الاحتكار فيقلل من العرض وبالتالي ترتفع الأسعار ويعزف الناس عن الشراء وتصاب الأسواق بالشلل ،لذلك أتمنى أن يتحرك مجلس الشورى وينسق مع الحكومة لإيجاد الحلول لهذه المشكلة التي ضجت الأصوات بالشكوى منها وما كان لها أن تفعل هذا لولا الشعور بوطأة الغلاء، والمشكلة الكبرى أن الدخل ثابت إن لم يقل عن ذي قبل، وأسأل الله أن يجنب بلادنا شر الغلاء.