سدت مليشيات الحوثي الإرهابية طريق التعليم أمام أبناء اليمن بعد أن حولت الجامعات إلى منافذ للمتاجرة والتربح من أجل ملء خزينتها الحربية.
وأوصد الحوثيون كل الأبواب أمام الطالبة اليمنية “نجلاء خالد” التي صُدمت مؤخرا بفرض المليشيات رسوما مالية لدراسة الطب البشري هي الأغلى عالميا في الجامعات الخاضعة للانقلاب شمالي البلاد.
يتشابه مع مصير نجلاء آلاف الطلاب الذين حرموا من مقاعد التخصصات الطبية في نحو 20 جامعة حكومية وخاصة تخضع للحوثيين بسبب استثمارها من قبل قيادات المليشيات وتحويلها لسوق سوداء مدرة للمال.
وأد الحلم وتقول الطالبة اليمنية لـ”العين الإخبارية”، إنه رغم تفوقها في الثانوية العامة بنسبة 90 بالمائة إلا أن دراسة الطب أصبحت حلما بعيد المنال بعد أن فرضت المليشيات رسوما طائلة للالتحاق بكلية الطب البشري تصل لـ27 ألف دولار.
تستذكر نجلاء خالد التي انتقلت من الحديدة إلى ذمار هربا من الحرب على أمل أن تكمل دراستها الجامعية في الطب الذي لطالما كان حلمها وحلم والدها المغترب في إحدى دول الجوار، كيف أصبحت دراسة الطب في زمن الحوثي حكرا على الأسر السلالية وأغلى سلعة أمام الطلاب المتفوقين.
وبسبب الإقبال الكبير على التخصصات الطبية، تعمد الحوثيون الاستحواذ على مقاعد التنافس الـ50 المجانية في الجامعات الحكومية كمنح لأتباعهم فيما حددت 30 مقعدا للتعليم الموازي، وفتحت الباب واسعا أمام ما يسمى “نظام النفقة الخاصة”، لكنه باب موصد إلا لمن امتلك آلاف الدولارات، وفقا للطالبة اليمنية.
وفتح إقبال الطلاب الكبير على كليات الطب شهية مليشيات الحوثي لجمع المزيد من المال، حيث دعا القيادي النافذ محمد علي الحوثي الجامعات الخاضعة لسيطرة حكومة الانقلاب غير المعترف بها لبدء الدراسة التخصصية في المجالات الطبية بالجامعات من المستوى الأول.
وزعم أهمية “اعتماد كليات تخصصية لكل من القلب، الكلى، المخ، العظام والعمود الفقري، الجهاز التنفسي، الجهاز الهضمي مثل كلية الأسنان”، في إشارة لتجارة ممنهجة تمارسها المليشيات بالعلوم الطبية، متجاهلة كل المعايير الخاصة بدراسة الطب عالميا.
تحويل العلم إلى تجارة كشفت وثيقة صادرة عن جامعة ذمار الخاضعة للحوثيين، تداولها ناشطون وأكاديميون، أن المليشيات فتحت ما يسمى نظام “النفقة الخاصة” في كلية الطب البشري (تخصص طب وجراحة عامة) وألزمت الطلاب اليمنيين بدفع رسوم التحاق تبلغ 4 ألف و500 دولار عن كل عام شريطة أن يُدفع المبلغ مرة واحدة لكل أعوام الدراسة الست بإجمالي 27 ألف دولار.
الوثيقة الحوثية فجرت جدلا واسع النطاق على مواقع التواصل الاجتماعي واعتبرها ناشطون يمنيون بمثابة حرب ممنهجة لجر البلد إلى الظلام بفرض رسوم تفوق رسوم الدراسة في الجامعات الأوروبية التي تقدم تعليما عالي المستوى، ما يشكل أخطر الجرائم المرتكبة في البلاد.
ويتهم اليمنيون مليشيات الحوثي بتعمد سد كل منافذ التعليم أمام أبنائهم والمتاجرة بالتعليم الجامعي لتمويل المجهود الحرب وتطفيش الطلاب ليظل الفقراء مجرد عناصر ووقودا للحرب في سبيل لقمة العيش.
وحسب الأكاديمي اليمني أيوب الحمادي فإن الرسوم المفروضة على دراسة الطب في مناطق الحوثي تستهدف “تحويل العلم إلى تجارة” في بلد يصعب طريق طلابه إلى التعليم ليظلوا مجرد عساكر ومرافقين يستجدون لقمة العيش، ونصح بالبحث عن بدائل منها التعليم خارج اليمن.
وعلقت ناشطة في موقع “فيسبوك” تدعى هاجر خالد قائلة إن مليشيات الحوثي “لم تستطع فرض رسوم كبيرة في المدارس لأن المدرسين بلا رواتب منذ 8 أعوام، فاتجهوا للتعليم العالي بحجة التعليم الموازي أو النفقة الخاصة ليحولوها إلى سوق سوداء للتعليم في وقت لا يجد فيه أوائل الثانوية العامة أي مقاعد في الكليات.
جني الأموال ليست جامعة ذمار وحدها من تتاجر بتعليم الطب، ففي جامعة صنعاء، أكبر الجامعات اليمنية، حددت مليشيات الحوثي رسوم مقاعد ما أسمته “النفقة الخاصة” البالغ عددها 800 مقعد بـ 3200 دولار أمريكي سنويا، وحددت للنظام الموازي (تعليم مسائي) 200 مقعد برسوم 1200 دولار أمريكي لكل طالب سنويا.
ووفقا للناشط والإعلامي عبدالسلام القيسي فإن فرض الحوثي مبلغ من 19200 دولار إلى 27 ألف دولار كرسوم للالتحاق بكليات الطب وإلزام الطلاب بدفع المبلغ مرة واحدة عند التسجيل له أهداف عدة.
ويعتقد القيسي في تصريح لـ”العين الإخبارية”، أن مليشيات الحوثي تسعى بعد جني الأموال من الجامعات، إلى تكوين قاعدة بيانات عن الأسر الميسورة الذي ستدفع لأبنائها هذا المبلغ الكبير لتجبرها لاحقا على تمويل المجهود الحربي كهدف آخر خفي ضد من تصفهم المليشيات بـ”الأسر الثرية”.
وتسعى مليشيات الحوثي جاهدة لجمع الأموال لتمويل عملياتها العسكرية من خلال الجباية والتجارة بالتعليم والصحة والخدمات الأساسية كالكهرباء والغاز وفتح سوق سوداء لكل مقومات الحياة، وفقا للقيسي.