يمارس إخوان اليمن ضغطا سياسيا غير مسبوق لإبعاد محافظ شبوة عوض بن الوزير العولقي، الذي أجهض مخططاتهم في المحافظة النفطية.
وعاد الهدوء إلى عاصمة محافظة شبوة، عتق، الأربعاء، بعد بسط قوات العمالقة وقوة دفاع شبوة السيطرة على كافة مناطق المدينة بما في ذلك معسكرات كانت خاضعة للمتمردين، ليفتح الإخوان معركة سياسة أخرى.
وقالت مصادر حكومية لـ"العين الإخبارية" إن حزب التجمع اليمني للإصلاح (فرع الإخوان باليمن) وبعد فشل ضغطه العسكري والأمني على الأرض عبر التمرد والانقلاب، لجأ لممارسة الضغط السياسي على الحكومة اليمنية والمجلس الرئاسي لإقالة محافظ شبوة الذي يحظى بدعم شعبي وسياسي وعسكري غير مسبوق".
أحد أوجه الضغط، تسريبات نشرتها مواقع إخبارية إخوانية تزعم تقديم عضو المجلس الرئاسي الممثل لحزب الإصلاح عبدالله العليمي استقالته ردا على تعاطي مجلس القيادة الرئاسي مع الأوضاع في مدينة عتق.
لكن المصادر نفت صحة تلك الأنباء التي اعتبرتها مجرد "تسريبات إخوانية" للضغط على مجلس القيادة الرئاسي للإطاحة بمحافظ شبوة، وهو "أمر لن يحدث"، وذلك بعد نجاح الرجل في فرض هيبة الدولة وإخماده أوسع تمرد عسكري منذ إعلان نقل السلطة للمجلس الرئاسي في يناير/كانون الثاني الماضي.
دعم سياسي كبير إلى جانب الدعم القبلي والشعبي الواسع قدم عدد من المكونات السياسية المنضوية في المجلس الرئاسي دعما سياسيا كبيرا للعملية العسكرية التي أطلقها محافظ شبوة لإخماد تمرد الإخوان وفرض الأمن والاستقرار.
أبرز هذه القوى الفاعلة في المجلس الرئاسي هي المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة عيدروس الزبيدي والمقاومة الوطنية بقيادة طارق صالح، وقوات العمالقة بقيادة عبدالرحمن المحرمي، وهذه الأخيرة لعبت دورا محوريا في حسم المعركة على الأرض وإخماد التمرد.
وكان المجلس الانتقالي أدان كافة أعمال الفوضى والتمرد والعصيان، مؤكدا دعمه الكامل لكافة الإجراءات التي أعلن عنها محافظ شبوة، بما في ذلك محاسبة المتورطين في الانقلاب وإحالتهم للمحاكمة على خيانتهم للشرف العسكري.
كذلك، أصدر المكتب السياسي للمقاومة الوطنية بيان ترحيب بإجراءات العولقي في فرض الأمن والاستقرار وإعادة الهدوء إلى العاصمة عتق التي شهدت ما وصفها بـ"الأحداث المأساوية" منذ فجر الإثنين الماضي.
وجدد المكتب السياسي للمقاومة الوطنية في شبوة دعوته للمشائخ والأعيان والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني وجميع أبناء المحافظة إلى الوقوف صفا واحدا لدعم المحافظ "باعتباره المسؤول الأول في المحافظة" والممثل للشرعية الدستورية.
محافظ عدن وزير الدولة في اليمن أحمد حامد لملس، أكد من جانبه أن "أمن واستقرار محافظة شبوة من أمن واستقرار العاصمة عدن وباقي محافظات البلاد".
وأعرب عن قلقه من محاولة "بعض القوى جر شبوة إلى مربع العنف والاقتتال خدمة لأجندات خبيثة ومصالح ضيقة"، في إشارة للإخوان وأطماعهم في المحافظة النفطية.
ودعا لملس في بيان له "كل شرفاء شبوة ورجالها الأوفياء الى الالتفاف حول المحافظ، لإرساء دعائم الأمن والاستقرار وإعادة مؤسسات الدولة"، مجددا دعمه لكل الجهود التي قادها المحافظ لتجنيب المحافظة الصراعات ولتنفيذ القرارات الرئاسية.
عداء إخواني خلافا عن كون محافظ شبوة ينتمي سياسيا للحزب الحاكم؛ حزب المؤتمر الشعبي العام، إلا أن الرجل الذي يتمتع بنفوذ قبلي واسع النطاق بات العدو الأول للإخوان في المحافظة ذات الثقل السياسي والاقتصادي.
ويعود سر عداء الإخوان للوزير إلى منتصف 2021، عندما كانت شبوة بمثابة "إمارة مغلقة" للتنظيم الإرهابي الذي استغل سيطرته على السلطة المحلية واختطافه للشرعية في نسج أذرع أمنية وعسكرية وإعلامية وسياسية، قبل أن يكسر المحافظ تلك العزلة انطلاقا من موقعه كمرجعية قبلية للمحافظة ما عُدّ تقويضا فعليا لأحلام الجماعة.
آنذاك، أدرك البرلماني العولقي انطلاقا من تزعمه أكبر القبائل وهي العوالق، ما تشكله القبيلة من ركيزة أساسية في حكم المجتمع المحلي في شبوة، فلجأ إلى إطلاق فتيل الانتفاضة القبلية للإطاحة بسلطة الإخوان، لاسيما بعد سقوط 3 مديريات بقبضة الحوثي في سبتمبر/أيلول 2021.
منذ ذلك الحين، تحول الرجل إلى حائط صد لمؤامرات الإخوان في شبوة الغنية بالنفط والغاز والتي توجت مؤخرا بانهيار آخر ما تبقى من قوة عسكرية وأمنية موالية للتنظيم الإرهابي شيدها على مدار سنوات بدعم وتمويل خارجي لتحقيق أطماع دول إقليمية.
وخلال مواجهته لتمرد قيادات الإخوان، عاد إلى المشهد مجددا ثمار التحالف القبلي والأمني والعسكري الذي تحقق في شبوة وبدعم كبير من التحالف العربي، وذلك منذ تسلم الرجل السلطة المحلية في المحافظة، ليشكل السر في صمود المحافظة وهزيمتها للحوثيين والإخوان.
فعسكريا، باتت المحافظة ضمن عمليات أقوى قوة يمنية ضاربة وهي قوات العمالقة، وأمنيا تشكلت قوة دفاع شبوة على أنقاض النخبة الشبوانية التي حاربها الإخوان في 2018.
على الجانب القبلي، ما أن "شدت خيول العوالق" بعد آخر نداء وجهه زعيم قبائل العوالق عوض الوزير العولقي، سارعت كل قبائل شبوة لتشد خيول الخليفي وبني هلال والنعماني والحارثي والمصعبي والحميري وسعدي بلعبيد خلف المحافظ.
كما امتد ذلك إلى الجانب السياسي إثر الثقل الكبير الذي يتمتع به المحافظ بين كل المكونات السياسية المنضوية تحت مظلة المجلس الرئاسي عدا الإخوان.
فشل مخطط الإخوان ليس المحافظ عوض الوزير العولقي سر انتصار شبوة فقط وإنما التحالف العريض والفريد الذي تأسس منذ يناير/كانون الثاني الماضي في المحافظة قبليا وأمنيا وعسكريا وسياسيا، بفعل دعم واسع من قبل التحالف لمواجهة خطر مشروع إيران.
ووفقا للمحلل السياسي اليمني عمار القدسي، فإن محافظ شبوة معروف بولائه السياسي كمؤتمري (نسبة لحزب المؤتمر الشعبي) حتى إنه رجل لم يتبن من موقعه مطالب فك الارتباط التي رفعها الإخوان يافطة لتمرير مشروعهم وأجنداتهم في شبوة.
ويرى المحلل السياسي في حديث لـ"العين الإخبارية" أن تمرد الإخوان في شبوة، الذي شاركت فيه قوات في محور عتق وقوات النجدة إلى جانب القوات الخاصة، "دلالة واضحة على الإعداد المسبق للمعركة والتي سعت لفرض أمر واقع ينتهي بإقالة الرجل الأول في المحافظة وهو عوض الوزير، وتفكيك شرعية الأرض".
"كما كانت المؤامرة تستهدف إخراج القوات الفاعلة من خارج المحافظة (العمالقة ودفاع شبوة) لتعود شبوة مجددا كـ"إمارة مغلقة" للتنظيم الإرهابي لتحقيق أجنداته المحلية والخارجية وهو ما لن يحدث وذلك بعد حسم العمالقة المعركة وطرد فلول التمرد الإخواني بمباركة شعبية وسياسية ورئاسية"، يضيف القدسي.
وكانت قوات العمالقة طهرت كافة المناطق التي اتخذها المتمردون الإخوان نقطة انطلاق، منها معسكرات القوات الخاصة والنجدة واللواء 21 ميكا ومقر قيادة محور عتق، ونحو 5 حواجز أمنية في مداخل ومخارج المدينة الحيوية.