تدرس الإدارة الأميركية احتمال إلغاء الحظر على مبيعاتها من الأسلحة الهجومية للمملكة العربية السعودية، في خضم مساع حثيثة لإعادة تصويب مسار العلاقات الثنائية التي اهتزت بفعل جملة من القضايا الخلافية.
وكانت إدارة الرئيس جو بايدن أعلنت في يناير 2021 تجميد مبيعات الأسلحة للسعودية في إطار ما أسمته بإعادة تقييم العلاقات الدفاعية بين البلدين، وقد ترافق ذلك مع حملة ممنهجة استهدفت المملكة بشأن الحرب في اليمن ومقتل الصحافي جمال خاشقجي.
ولا يستبعد مراقبون أن تخطو الإدارة الأميركية صوب رفع الحظر لكن ذلك يبقى رهين ما سيتم التوصل إليه خلال زيارة بايدن المرتقبة إلى المنطقة.
وقالت ثلاثة مصادر مطلعة الاثنين إن مسؤولين سعوديين كبارا حثوا نظراءهم الأميركيين على إلغاء سياسة بيع الأسلحة الدفاعية فقط لأكبر شريك لها في الخليج خلال عدة اجتماعات عقدت في الرياض وواشنطن في الأشهر الأخيرة.
وأوضح مصدران أن المناقشات الداخلية الأميركية غير رسمية وفي مرحلة مبكرة وليس هناك قرار وشيك. وقال مسؤول أميركي لوكالة رويترز إنه لا توجد مناقشات تجري مع السعوديين بشأن الأسلحة الهجومية “في هذا الوقت”. ويستعد الرئيس الأميركي الأسبوع الجاري للقيام بجولة في منطقة الشرق الأوسط تشمل إسرائيل والسعودية، حيث من المرجح أن يناقش خلالها مع القيادة السعودية الملفات الخلافية، ومن بينها مسألة الأسلحة.
وأعرب بايدن في وقت سابق عن تطلعه إلى إعادة ضبط العلاقات الفاترة مع السعودية في وقت يريد فيه زيادة إمدادات النفط الخليجية، إلى جانب تعزيز العلاقات الأمنية العربية مع إسرائيل لمواجهة التحديات الأمنية التي تفرضها إيران.
وفي الداخل من المؤكد أن يثير أي تحرك لإلغاء القيود المفروضة على الأسلحة الهجومية معارضة في الكونغرس، بما في ذلك المعارضة المتأتية من أعضاء حزب بايدن الديمقراطي والجمهوريين المعارضين الذين انتقدوا السعودية بشدة، حسب قول مساعدين في الكونغرس.
وبعد فترة وجيزة من توليه منصبه في أوائل العام الماضي اتخذ بايدن موقفا صارما تجاه السعودية في علاقة بالصراع اليمني المستمر منذ نحو ثماني سنوات، وأيضا في ارتباط بملف حقوق الإنسان ولاسيما اغتيال خاشقجي.
وكان بايدن قد وعد كمرشح للرئاسة بجعل السعودية دولة “منبوذة” دوليا. وأعلن في فبراير 2021 وقف الدعم الأميركي للعمليات الهجومية في اليمن بما في ذلك “مبيعات الأسلحة ذات الصلة”.
وغضبت السعودية، أكبر زبائن السلاح الأميركي، على تلك القيود التي جمدت مبيعات الأسلحة التي ظلت الإدارات الأميركية السابقة تزود بها الرياض على مدى عقود، واعتبرت أن الخطوة تخلّ عنها في أوج استهدافها من قبل الحوثيين الموالين لإيران في اليمن. وإثر تفجر الصراع الروسي – الأوكراني وجد بايدن نفسه في موقف صعب، في ظل الحاجة الماسة إلى المملكة وباقي الدول التي تشكل تحالف أوبك لضخ المزيد من النفط بعد العقوبات الغربية التي فرضت على روسيا.
وأدركت إدارة بايدن فداحة ما أقدمت عليه تجاه المملكة، فبدأت بتغيير موقفها بشكل متدرج درءا للحرج، خصوصا وأن الرياض تعاطت بذكاء شديد مع ضغوط زيادة إمدادات النفط للأسواق العالمية وتمسكت بحلفها مع روسيا ضمن تحالف أوبك+.
وأشاد البيت الأبيض بالسعودية في أوائل يونيو لدعمها تمديد الهدنة التي توسطت فيها الأمم المتحدة في اليمن مسرح أسوأ أزمة إنسانية في العالم.
وقالت واشنطن إنها حريصة على تحقيق وقف شامل لإطلاق النار، وهو ما تريده السعودية التي شكل لها الانخراط في النزاع من أجل دعم السلطة الشرعية استنزافا اقتصاديا وعسكريا، لاسيما بعد تذبذب الدعم الأميركي المقدم لها في المجال الدفاعي.
وأوضح شخص مطلع في واشنطن أن الإدارة بدأت مناقشات داخلية حول إمكانية إلغاء القيود المفروضة على مبيعات الأسلحة للسعودية ولكنه أشار إلى أنها لم تصل إلى مرحلة اتخاذ القرار.
وقال مصدر ثان إنه من بين المرات التي أثار فيها المسؤولون السعوديون الطلب المرة التي قام فيها نائب وزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان بزيارة إلى واشنطن في مايو الماضي.
ولم ترد الحكومة السعودية على طلب رويترز للتعليق. لكن المصادر شددت على أنه من غير المتوقع صدور إعلان خلال زيارة بايدن في الفترة من 13 إلى 16 يوليو والتي ستشمل التوقف في إسرائيل والضفة الغربية.