أكدت الباحثة الدولية المتخصصة بشؤون اليمن في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية ماريك ترانسفيلد، أن استمرار تناقض ميليشيا الحوثي الإرهابية، ذراع إيران في اليمن، بشأن عملية السلام، سيؤدي إلى مزيد من التصعيد العسكري.
وقالت "لطالما ظل الحوثيون متناقضين بشأن عملية السلام، فسيكون هناك خطر من أن تؤدي تنازلات التحالف ومناوراته السياسية إلى نتائج عكسية، مما قد يؤدي إلى مزيد من التصعيد العسكري"، لكنها أشارت في الوقت نفسه إلى أنه يمكن أن تقود الهدنة الجارية في اليمن إلى مفاوضات بشأن وقف إطلاق نار طويل الأمد، بيد أن ذلك يتطلب من الحوثيين تقديم تنازلات أكبر.
ونوهت الباحثة الدولية إلى تأثير إيران على الحوثيين بتأكيدها على ضرورة مشاركتها دبلوماسياً كأحد القوى الإقليمية مثل السعودية والإمارات لتحقيق السلام.
ولفتت إلى أنه من المقرر أن تنتهي الهدنة التي تستمر لشهرين في الصراع اليمني الطويل، نهاية مايو، لكن هناك عدة أسباب تبعث على الأمل في أن تمدد الأطراف المتحاربة الاتفاق، ليس أقلها انخفاض العنف في البلاد مؤخرا واستئناف الرحلات الجوية من وإلى مطار صنعاء.
لكنها ترى أن الوضع هش ولا يزال هناك خطر من احتمال انهيار الهدنة، خاصة وأن الحوثيين غير مستعدين للرد بالمثل على التنازلات التي قدمها خصومهم.
وذكرت ترانسفيلد أن الزخم السياسي وراء الهدنة ازداد مع إعلان السعودية في 10 أبريل 2022 عن استقالة الرئيس هادي وتشكيل مجلس رئاسي من ثمانية أعضاء، مشيرة إلى أن رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي قد أقر علناً بأن التدخل العسكري في اليمن فشل في تحقيق أهدافه الرئيسة، ووعد بإحلال السلام في البلاد من خلال عملية أكثر شمولا، وهذا يشير إلى أن الحكومة اليمنية وداعميها في الخليج قد غيروا بشكل ملحوظ نهجهم في عملية السلام، مما يعكس رغبة السعودية في إنهاء الصراع.
وأضافت "وأحد العناصر الرئيسة لهذا النهج الجديد هو محاولة توحيد التحالف المنقسم المناهض للحوثيين على المستوى العسكري والاستراتيجي. ويخلق تشكيل المجلس الرئاسي دورا أكثر بروزا في حكومة الدولة المعترف بها دوليا لشخصيات من الحزب الحاكم السابق، المؤتمر الشعبي العام"، لافتة إلى أن حزب الإصلاح الذي يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه الفرع اليمني لجماعة الإخوان كان سببا في تردد الإمارات في دعم الحكومة التي يقودها هادي.
وقالت "نفذ التحالف العربي العديد من إجراءات بناء الثقة الرئيسة التي يمكن أن تضع الأساس لوقف إطلاق النار على الصعيد الوطني. وتشمل هذه الإجراءات السماح للعديد من ناقلات النفط بالرسو في ميناء الحديدة، مما سمح بإمدادات الطاقة التي تشتد الحاجة إليها بدخول الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون، وفي 6 مايو، أطلقت الحكومة السعودية سراح 163 سجينا حوثيا. وبعد عشرة أيام، لبى التحالف مطلبا آخر للحوثيين وهو إعادة فتح مطار صنعاء أمام الرحلات الجوية التجارية بعد ست سنوات".
واستدركت ترانسفيلد: لكن في حين أشار التحالف العربي والحكومة اليمنية إلى استعدادهما لتغيير مسار عملية السلام، لم يستجب الحوثيون بنفس المستوى من التسوية، ولم ينفذ الحوثيون بعد بعض مكونات الهدنة، مثل التزامهم بإعادة فتح الطرق، خاصة تلك الموجودة في تعز. وهذا المركز الصناعي والتجاري محاصر من قبل الحوثيين وهو معزول إلى حد كبير عن خطوط النقل عبر البلاد، مما يقيد بشدة الحركة التجارية والخاصة.
وأشارت إلى أنه كانت هناك العديد من المبادرات الفاشلة لإعادة فتح الطرق في تعز في السنوات القليلة الماضية. بعد استئناف الرحلات التجارية عبر مطار صنعاء، عين الحوثيون مفاوضين لإجراء محادثات بشأن إعادة فتح الطرق. ولذا فإن المشاركة الحقيقية للحوثيين في مفاوضات فتح الطرق في تعز ستكون إشارة مهمة على التزامهم بتمديد الهدنة. ومع ذلك، فقد استمروا في قتال قوات الحكومة المعترف بها دوليا على خطوط المواجهة الرئيسة، بما في ذلك مأرب والتي كان الحوثيون يحاولون منذ فترة طويلة الاستيلاء عليها.
وتتفق الباحثة بشأن استخدام الحوثي الهدنة كفرصة لإعادة التسلح مع الاستفادة اقتصاديا من شحنات النفط عبر الموانئ أو فرض الضرائب على السكان في المناطق التي يسيطرون عليها، وقالت "لذلك سيراقب التحالف العربي بعناية ليرى ما إذا كان الحوثيون على استعداد لتقديم تنازلات متبادلة".
وترى الباحثة أنه إذا كان الحوثيون مستعدين، فقد يخلق ذلك فرصة للأطراف المتحاربة لبدء محادثات بناءة حول وقف إطلاق نار أوسع وأكثر استدامة، فضلا عن تسوية سياسية طويلة الأجل.
وتشير ترانسفيلد إلى أن الهدنة تُظهر أن جهود السلام الأكثر فاعلية ستأتي من القوى الإقليمية مثل السعودية والإمارات وعليه من الضروري أن تدعم إيران، الداعم الرئيس للحوثيين والدول الأخرى التي تحافظ على الحوار معهم جهود التحرك نحو مفاوضات السلام.