الرئيسية > اخبار محلية > مليشيا الحوثي تحول صنعاء الى سجن كبير لليمنيين والأجانب

مليشيا الحوثي تحول صنعاء الى سجن كبير لليمنيين والأجانب

خلافا عن كونها معتقلا ضخما لليمنيين، تعد صنعاء بمثابة سجن كبير متعدد الجنسيات تتخذ فيه مليشيات الحوثي الأجانب رهائن سياسية.  

 

فمن عرض البحر الأحمر غربا، إلى شوارع صنعاء ومحافظات اليمن الخاضع للانقلاب شمالا، اختطفت مليشيات الحوثي الرعايا الأجانب من دول أوروبية وآسيوية وأمريكية وأفريقية وزجّت بهم في سجون صنعاء. أحدهم، البريطاني لوك سيمونز الذي أبصر النور أخيرا خارج المعتقلات الحوثية بعيد 5 أعوام من اعتقاله من قبل المليشيات في صنعاء وإخضاع زوجته ذات الجنسية اليمنية وطفله للإقامة الجبرية.  

 

وأطلقت مليشيات الحوثي سراح سيمونز وعائلته مع 11 أجنبيا آخرين من 6 جنسيات كانوا معتقلين في صنعاء، يوم الأحد، بُعيد وساطة عمانية وتسهيلات سعودية لنقلهم إلى مسقط، لتكشف العملية حجم السجن الكبير الذي باتت تشهده صنعاء للرعايا الأجانب. وقال مصدر أمني لـ"العين الإخبارية"، إن سيمونز كان معتقلا لدى ما يسمى "جهاز الأمن والمخابرات" التابع لمليشيات الحوثي، والذي لفّق له تهمة التخابر واعتقله في زنزانة انفرادية بصنعاء ومنع عنه حتى الزيارات الأسرية. وبحسب الجانب البريطاني فإن لوك سيمونز وجد نفسه في معتقلات مليشيات الحوثي دون تهمة أو محاكمة منذ عام 2017، حيث كان يبلغ من العمر 25 عاما، فيما كان ابنه يبلغ من العمر بضعة أشهر فقط آنذاك.  

 

وتستخدم مليشيات الحوثي الرهائن الأجانب الذين تعتقل غالبيتهم في سجون سرية بصنعاء، ورقة مساومة لأهداف متعددة سياسية وعسكرية واقتصادية، ومنح دول معينة حق المقايضة لتعزيز دورها الدبلوماسي دوليا.  

 

امتداد لجهود التحالف يأتي الإفراج عن البريطاني سيمونز وزوجته وطفله و7 هنود وفلبيني وإندونيسي وإثيوبي ورهينة من ميانمار، امتداد لجهود تحالف دعم الشرعية باليمن في تسهيل أو تحرير الرعايا الأجانب من قبضة مليشيات الحوثي.  

 

وكان آخر هذه العمليات في يناير/كانون الثاني الماضي، حين تم تحرير مواطنتين أمريكيتين من قبضة الحوثيين بصنعاء، والذين حاولوا احتجازهن بقوة السلاح.  

 

العملية الخاصة أزاحت عنها واشنطن ووزارة الدفاع السعودية، الستار، حيث أكد المتحدث باسم الأخيرة، العميد الركن تركي المالكي، في مارس/أذار الماضي، أن الفتاتين الأمريكيتين تم احتجازهما وتعريضهما لسوء المعاملة أثناء زيارة عائلية، كما تم احتجاز جوازات السفر الخاصة بهما.  

 

وفيما حاولت مليشيات الحوثي الخروج لمواراة جريمتها للحديث عن قصة عائلة ملفقة للفتاتين، إلا أن المالكي كشف أن تحريرهما تم عبر "عملية أمنية خاصة" وبطلب من واشنطن ليتم تأمين نقلهما من صنعاء إلى عدن ثم إلى الرياض وتسليمهما للمسؤولين الأمريكيين.  

 

سجل أسود.. اختطافات لكل الجنسيات صارت مليشيات الحوثي صاحبة السجل الأسود من بين كافة الجماعات الإرهابية في خطف الرعايا الأجانب على خطى النظام الإيراني لأغراض مالية وسياسية وعسكرية خصوصا عقب اجتياحها صنعاء في 21 سبتمبر/أيلول 2014.  

 

ومطلع 2015، اختطف مليشيات الحوثي 3 فرنسيين من صنعاء لتفرج عن اثنين منهم عقب 4 شهور بموجب صفقة عمانية، وعادت لاختطاف فرنسية رابعة أواخر العام ذاته.  

 

وفي 15 مايو/أيار 2015، اعتقل الانقلابيون الصحفي الأمريكي كيسي كومبس من صنعاء، قبل إطلاق سراحه بعد نحو شهر إثر إصابته بكسور في عموده الفقري وتدهور صحته ليروي لاحقا قصصا مفزعة من جحيم معتقلات المليشيات منها مقتل أجنبيين أحدهما أمريكي اختناقا في الزنازين الانفرادية.  

 

نهجٌ يكشف أن مليشيات الحوثي تعتقل عشرات الأجانب كرهائن لضمان مكاسب سياسية لتلجأ للإفراج عن 6 منهم، بينهم 3 أمريكيين وبريطاني بصفقة عمانية في مسعى لتهدئة الغضب الدولي ضد إرهابها.  

 

وتتكتم مليشيات الحوثي عن عمليات خطف الأجانب لتعمل في الظلام على مناورة دول العالم، حيث تشير التقارير إلى أن الانقلابيين اختطفوا 65 أجنبيا طيلة 7 أعوام مضت، بينهم ما زالوا في المعتقلات، وآخرون قايضت بهم لتأمين نقل خبراء من الحرس الثوري الإيراني.  

 

وكانت مليشيات الحوثي اختطفت مواطنا أستراليا يدعى كريغ ماكليستر، عام 2016، وأمريكيين في منتصف 2017، فيما اختفى المواطن الأمريكي عبدالباري الكتف على نحو مفاجئ في صنعاء في أغسطس/آب 2018.  

 

والعام الماضي، أعلن برنامج مكافاة من أجل العدالة للخارجية الأمريكية عن مكافأة 5 ملايين دولار أمريكي، لمن يدلى بمعلومات عن عبدالباري الكتف الذي اختطف من صنعاء الخاضعة لقبضة حوثية أمنية مشددة.  

 

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2020، أعلنت واشنطن الإفراج عن أمريكيين كانا مختطفين لدى مليشيات الحوثي في صنعاء، أحدهما ظل 3 أعوام في المعتقل وهو عامل إغاثة، فيما الآخر رجل أعمال وظل قرابة عام في سجون الانقلابيين.  

 

العاملون الأجانب في مجال الإغاثة، طالتهم أيضا اختطافات مليشيات الحوثي الإيرانية واستخدمتهم ورقة ضغط لابتزاز المجتمع الدولي والتحالف العربي.  

 

آخر هؤلاء المختطفين، موظفان أمميان تم اختطافهما في نوفمبر/تشرين الثاني 2021 بصنعاء، فضلا عن 3 آخرين من عاملي الإغاثة بمنظمات دولية، إلى جانب موظفين محليين في السفارة الأمريكية.  

 

من البر إلى البحر الاعتقالات الحوثية للأجانب امتدت من البر إلى البحر، بالتزامن مع قرصنة المليشيات عديد السفن واتخاذ طواقمها من جنسيات متعددة رهائن سياسية عبر نقلهم إلى صنعاء وإيداعهم السجون الوحشية.  

 

إحدى هذه الحوادث كان في فبراير/شباط 2020، عندما جنحت سفينة عمانية تعرف بـ"الراهية" بسبب الرياح إلى جزيرة يمنية قبالة سواحل الحديدة وبدلا من أن تقوم مليشيات الحوثي بتقديم لهم العون لجأت إلى اعتقال طاقمها البالغ 20 بحارا من جنسيات مصرية وهندية وبنغالية.  

 

وبحسب مصادر خاصة لـ"العين الإخبارية" فإن مليشيات الحوثي لا تزال تعتقل حتى اليوم بعضا من طاقم السفينة، فيما أفرجت بعد 10 شهور من قرصنة السفينة عن ربانها وهو قبطان مصري تبعه إطلاق سراح عدد من الهنود.  

 

وذات النهج، مارسته مليشيات الحوثي مع طاقم السفينة الإماراتية "روابي" التي قرصنتها مطلع العام الجاري وقامت باعتقال طاقمهم وغالبيتهم من الجنسية الهندية ونقلهم إلى صنعاء للمساومة السياسية وابتزاز دول التحالف العربي والهند.  

 

سجن كبير.. استنساخ سياسة إيران ويرى خبراء يمنيون أن اختطاف الأجانب إحدى جرائم الحرب للحوثيين والتي تثبت تحويلها ليس لصنعاء فحسب ولكن للمحافظات الشمالية الخاضعة لسيطرتهم بأكملها إلى سجن كبير لكل مواطني العالم.  

 

وقال السياسي اليمني نبيل الصوفي إن مليشيات الحوثي حولت "صنعاء إلى سجن لجنسيات من كل العالم، لا يسجنون بقانون ولا يخرجون بقانون".  

 

وفي تصريح لـ"العين الإخبارية"، قال وكيل وزارة الإعلام اليمنية فياض النعمان، إن "ممارسات المليشيات الحوثية بحق المواطنين والأجانب في مناطق سيطرتها تصنف ضمن الأعمال الإرهابية وهي دخيلة على المجتمع اليمني".  

 

واعتبر النعمان خطف الأجانب دليلا على العنصرية الدخيلة للحوثيين والمشروع الإرهابي للمليشيات التي تفرض سيطرتها على شمال اليمن وغربه بقوة السلاح.  

 

وأضاف أن "مليشيات الحوثي حوّلت مناطق سيطرتها إلى سجن كبير لكل من يرفض فكرها الهدّام والمناطقي الذي تجسد في نهجها واستراتيجياتها، وتحاكي النموذج الإيراني".  

 

وأكد المسؤول اليمني أن سجون صنعاء أصبحت مليئة "باليمنيين والأجانب وتستخدمهم مليشيات الحوثي أوراق ضغط على اليمنيين ودول العالم من أجل تحقيق مكاسب سياسية وعسكرية".  

 

وأشار إلى أن "مليشيات الحوثي تستنسخ الإرهاب الإيراني وتعمل على تطبيقه في مناطق سيطرتها في صنعاء وضواحيها وكل المدن بهدف المساومة السياسية وابتزاز دول العالم عبر مواطنيها بصنعاء والذين يتم اختطافهم من الشوارع أو مقار أعمالهم أو منازلهم".  

 

وترجع تقارير يمنية أول عملية اختطاف للرهائن باليمن إلى عام 1992 عندما اختطف القيادي في الصف الأول للحوثيين مبارك المشن، دبلوماسيا أمريكيا وحاول استغلاله كـ "رهينة" قبل أن تدخل الدولة في تحريره وذلك تزامنا مع تشكيل النواة الأولى للمليشيات أو ما عرف بـ "تنظيم الشباب المؤمن"، في معقلها بصعدة.