ميليشيا الحوثي الإرهابية تعيش، هذه الأيام، أسوأ مراحل مشروعها السياسي في اليمن والمنطقة، وكل ما ينعق به المتحدثون باسم الحوثي وينقله البعض من وسائل الإعلام اعتادت أن “تعتاش” على تضخيم الفوضى ولو ادعت المصداقية، ليس أكثر من ضجيج إعلامي لا وجود له على أرض دولة الإمارات.
هذا يدركه العقلاء والموضوعيون ويمكن أن ينقلوا ما يرونه من مشاهد بأن الإمارات تعيش يومها وكأن لا شيء يحدث فيها غير إعلام الناس بما حدث.
أما عن الاستهداف المتكرر والمقصود بتهديد استقرار الإمارات والآمنين فيها؛ والذي يبدو أن الحوثي استمرأ ما يقوم به، فإن المسألة ليست عابرة أو طارئة، بل تم الترتيب والتخطيط لها منذ فترة، سواء كان ذلك من قبل التنظيم الإرهابي الحوثي، أو ممن عينه أن يكون ساعي بريده لتوصيل “رسائله الفاشلة”، ثم يدعي أنه هو صاحب “الرسالة” إلى الإمارات.
ورغم أن الجميع يشكك بذلك، فهو ليس قادرا من حيث التخطيط أو الكفاءة لأن يكون حتى ساعي بريد، لأنه مجرد مجموعة إرهابية تعمل لصالح مشروع سياسي في المنطقة بدأ ينهزم ويتراجع في العراق ولبنان واليمن.
كل ذلك يحيلنا إلى الحديث عن الأسباب أو العوامل التي تدفع بميليشيا تحتضر وتعيش فشلا في تحقيق أهدافها إلى استعداء الرأي العام العالمي، وليس فقط دولة مثل الإمارات لديها كفاءة قتالية وقدرات دفاعية عالية تمكنها من القضاء على مشروع جماعة الحوثي بالكامل؛ وقد بدأ الأمر فعلا.
لعل السبب الأول يكمن في إدراك قادة جماعة الحوثي الإرهابية، وبقناعة تامة، أن مشاركة دولة الإمارات في التحالف العربي هو السبب الرئيسي لكل ما تعاني منه الميليشيا من هزائم وحالة التراجع في المجتمع اليمني، بل إن تحركات الدبلوماسية الإماراتية على المستوى الدولي بدأت تقنع المترددين والموهومين وتؤتي ثمارها بحقيقة هذا التنظيم وفعله الإرهابي.
فكان عليهم (أن يحاولوا) أن يبتزوا الإمارات من خلال عرض إيقاف الاستهداف مقابل الانسحاب من التحالف العربي، دون أن يدروا أن مسألة محاربة الإرهاب بالنسبة إلى دولة الإمارات مشروع استراتيجي ومبدأ لا يمكن التراجع عنه.
أما السبب الثاني، فهو ذلك الهاجس النفسي وحالة القلق السياسي التي يعيشها قادة التنظيم، ويصل الأمر في أحيان أخرى إلى من يقف وراء مشروعهم التخريبي في المنطقة، ليس فقط بسبب حالة الانكسار العسكري الميداني في اليمن والتي تحققها ألوية العمالقة المدعومة إماراتيا، وإنما كذلك من الهواجس والقلق الناتج عن “استراتيجية ناعمة” تمارسها الإمارات بهدوء وذكاء، من خلال إظهار الجانب الإنساني والحضاري والتنموي لها، وفق مؤشرات ومعايير دولية تخاطب عقول وقلوب الباحثين عن الاستقرار والأمن والعيش الكريم من الشباب والأجيال القادمة. في مقابل الآخرين من أصحاب المشروعات التي ينوب الحوثي وغيره عنها، وكل ما تفعله هو ترديد شعارات سياسية فارغة المضمون، وفي أحسن الأحوال تدمير التجارب الناجحة وتخريبها.
السبب الثالث، تقديريا، لا يمكن استبعاد أن يكون للاستهداف علاقة بلغة التخاطب الإيراني – الأميركي وسياسة الشدّ والجذب بين طهران وواشنطن في المفاوضات، التي تتم حاليا في فيينا، والتي تشهد نوعا من التباطؤ والتأخر في الحركة نحو الأمام. باعتبار أن النقطة الأساسية التي يسعى المفاوض الإيراني إلى تحقيقها هي الاعتراف بنفوذ إيران في المنطقة والتي تسببت في حالة من الفوضى ما زالت المنطقة تعاني منها منذ التوقيع على الاتفاقية النووية في عام 2015، والتي يحاول الخليجيون عدم تكرارها في المفاوضات الحالية.
الدعاية الإعلامية السيئة، هي كل ما ساقته الاستهدافات الحوثية على الجماعة الإرهابية، وعلى كل من حاول تبرير موقفها، سواء من الدول أو الأشخاص. أما بالنسبة إلى الدول الطبيعية والباحثة عن الأمن والاستقرار فقد استفزتهم تلك المغامرات، وأعلنوا دعمهم الصريح للموقف الإماراتي، خاصة وأن الحوثيين “غاية مناهم تسجيل إصابات بشرية”.
أما دولة الإمارات فزاد إصرارها على إنهاء هذا المشروع والقضاء عليه، وبدأت العمل فعليا لتحقيق ذلك مستخدمة كل الخيارات. فمع تصديها لكل صاروخ دخاني حوثي، تدمر القاعدة التي تم إطلاق الصاروخ منها خلال دقائق، وكأن بالإمارات تزيد بذلك من انكسارات الحوثي المادية والمعنوية.
وعلى المستوى الميداني ألوية العمالقة، المدعومة إماراتيا تتنقل من تحرير مدينة يمنية إلى أخرى، يساندهم في ذلك الشعب اليمني المحب لوطنه. أما على المستوى الدبلوماسي فالدول المؤثرة في السياسة الدولية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، تساند الموقف الإماراتي. وبقي على الحوثي أن يدرك أن هاجسه النفسي وقلقه على مستقبل مشروعه ومخاوفه ستتحقق، ليعلن انتهاءه قريبا.