الرئيسية > عربية دولية > فرنسا تنزع «قناع» الإخوان.. معركة متأخرة «لكنها حاسمة»

فرنسا تنزع «قناع» الإخوان.. معركة متأخرة «لكنها حاسمة»

ضغوط كبيرة تضعها فرنسا على تنظيم الإخوان، سواء على المستوى الرسمي أو الإعلامي، بعد الكشف عن تزايد نفوذه وخطورته بالبلاد.

ووفق مجلة “كوزر” الفرنسية، فإن فرنسا بدأت تتخذ خطوات ملموسة لنزع “القناع” عن جماعة الإخوان، ووقف تمددها المتصاعد داخل المجتمع الفرنسي، بعد سنوات من التساهل مع توغل التنظيم.

وبينما يرى مراقبون، أن الدولة تتأخر كثيراً في التحرك، تؤكد السلطات الفرنسية أن المعركة مع هذا التيار الأيديولوجي قد بدأت فعلاً، وهي معركة وجودية لحماية أسس الجمهورية، وفقاً للمجلة الفرنسية.

ودعت المجلة الفرنسية إلى ضرورة حظر تنظيم الإخوان في فرنسا.

وأشارت “كوزر” إلى أنه “لفترة طويلة، تغاضت فرنسا عن الأنشطة الاجتماعية للجمعيات على أراضيها، لكنها باتت تدرك اليوم أن العديد من تلك الجمعيات لم تكن سوى واجهات لحركة الإخوان، المصنفة منظمة إرهابية في عدة دول”.

وأمام هذا التغلغل، أطلقت باريس حملة واسعة لـ”رفع القناع”، تهدف إلى تحييد نفوذ الجماعة على المستويات المالية والسياسية والاجتماعية، بحسب المجلة الفرنسية.

وعي متأخر… لكنه حاسم

مجلة “كوزر” قالت إن السياسيين والمجتمع الفرنسي تلقوا صدمة من حجم النفوذ الذي باتت تملكه الجماعة، لافتة إلى أن تقريرا استخباراتيا بعنوان “الإخوان المسلمون والإسلام السياسي في فرنسا” أوصى بإطلاق آليات جديدة لوقف انتشار الأيديولوجيا الراديكالية، خاصة داخل بعض الأوساط العربية التي يُنظر إليها كأرض خصبة لخطاب الإخوان.

كما دعت المجلة إلى حظر نهائي للتنظيم في فرنسا ومصادرة أمواله.

وفي خطوة غير متوقعة، دعا التقرير ذاته إلى إدراج تعليم اللغة العربية في المدارس الحكومية كوسيلة لمحاصرة نفوذ الإخوان، إذ أظهرت دراسات أن الجماعة استغلت احتكارها لتعليم اللغة لنشر أفكارها بين الأجيال الناشئة.

غير أن الحكومة أبدت تحفظاً على المقترح، إذ ذكر وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو، في وقت سابق، أن الأولوية تظل لإتقان اللغة الفرنسية.

ورغم كون اللغة العربية هي ثاني أكثر اللغات استخداماً في فرنسا بحوالي 4 ملايين ناطق، إلا أنها لا تُدرّس إلا في نحو 3% فقط من المدارس الثانوية والإعدادية.

وكان “معهد مونتين” قد حذر منذ عام 2018 من استغلال الإخوان لتعليم اللغة كوسيلة لتجنيد الشباب، وأوصى حينها بدمجها ضمن النظام التعليمي الرسمي.

وفي مواجهة هذا التمدد الهادئ، قررت السلطات الفرنسية التخلي عن الحذر.

ووفق تصريحات رسمية، تدور الآن “حرب صامتة” ضد التنظيم الذي يوصف بأنه سري ومتخفي وتخريبي، يستغل الحريات الديمقراطية لزعزعة أسس الجمهورية من الداخل.

ماكرون يتحرك

وفي 21 مايو/أيار، وعقب اجتماع لمجلس الدفاع، كلّف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حكومته باتخاذ إجراءات عملية للحد من تأثير الإخوان المسلمين.

كما أصدر قصر الإليزيه بيانًا شدد فيه على خطورة هذا “الاختراق الأيديولوجي” الذي يعتبر تهديدًا مباشرًا للتماسك الوطني.

ومن المتوقع دراسة حزمة من الإجراءات الإضافية خلال شهر يونيو/حزيران الجاري.

وزير الداخلية، برونو ريتايو، صرّح بأن الجماعة “تمثل تهديدًا مباشرًا للجمهورية”، وتسعى إلى “تفكيك النسيج الاجتماعي وتقويض القيم الفرنسية”، مشيرًا إلى نية الحكومة قطع التمويل الأجنبي عنها، وتجفيف منابع الدعم السياسي والاجتماعي.

ورغم حداثة التحرك الرسمي، تبدو المعركة مع الأيديولوجيا الإخوانية طويلة ومعقدة، خاصة أن الجماعة تغلغلت عبر عقود في الهياكل المجتمعية.