الرئيسية > عربية دولية > انسحاب إيراني من البحر الأحمر... الحوثيون في عزلة استخباراتية قاتلة

انسحاب إيراني من البحر الأحمر... الحوثيون في عزلة استخباراتية قاتلة

في تحوّل مفاجئ بدأت البحرية الإيرانية (نداجا) انسحاباً تدريجياً من البحر الأحمر وخليج عدن، لتُسجّل بذلك أول غياب كامل لها عن هذه المنطقة الحيوية منذ أكثر من خمسة عشر عاماً.. يأتي هذا التطور في وقت بالغ الحساسية للحوثيين، الذين لطالما اعتمدوا على التواجد الإيراني في دعم تحركاتهم العسكرية والاستخباراتية ضد الملاحة الدولية.

 

وبحسب مجلة The Maritime Executive فإن غياب السفن الإيرانية عن خطوط الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن أصبح ملحوظاً منذ عدة أشهر، دون أن يُسجّل أي نشاط للأسطول رقم 101 التابع لنداجا، الذي كان من المفترض أن يخلف الأسطول 100 والذي اقتصرت مهمته على تدريب 200 طالب من جامعة الإمام الخميني، مع توقف في مدينة مومباي الهندية في فبراير الماضي.

 

وكان آخر ظهور فعلي للبحرية الإيرانية في هذه المنطقة عبر الأسطول 99 الذي ضم الفرقاطة "دينا" والسفينة اللوجستية "بوشهر" أواخر عام 2024؛ ومنذ ذلك الحين لم يُرصد أي انتشار بحري إيراني في الممرات الدولية، ما زاد من غموض الموقف الإيراني خصوصاً مع تصاعد الحضور الأميركي في المنطقة.

 

صور أقمار صناعية حديثة التقطت في مارس 2025 أظهرت تكدساً لافتاً للسفن الحربية الإيرانية في قاعدة بندر عباس، بما في ذلك خمس فرقاطات وسفينة استخبارات من طراز "زاغروس" فضلاً عن غواصتين من أصل ثلاث غواصات "كيلو" الراسية في الحوض الجاف؛ اللافت أن الغواصة الإيرانية الوحيدة العاملة لم تُشاهد في موقعها المعتاد، وسط ترجيحات بأنها تتعقب مجموعة "كارل فينسون" الأميركية المتواجدة في خليج عُمان.

 

وتزامن الانسحاب الإيراني مع تعزيز غير مسبوق للوجود العسكري الأميركي، عبر تمركز مجموعتين من حاملات الطائرات الأميركية في مياه البحر الأحمر وخليج عدن؛ هذا التواجد المكثف يُشكّل رسالة استراتيجية قوية ويؤشر إلى إعادة رسم معالم التوازن البحري في المنطقة.

 

يُرجّح أن يكون الانسحاب الإيراني ناتجاً إما عن إعادة تصميم شاملة لاستراتيجية التمركز البحري وتكتيكات التمويه، أو تمهيداً لانكفاء مؤقت في ظل الضغوط الدولية المتزايدة والمراقبة الأميركية المكثفة؛ وفي الحالتين يشكّل هذا الغياب ضربة موجعة للحوثيين، الذين باتوا يواجهون عزلة استخباراتية حادة بعد أن فقدوا عينهم الطولى التي طالما زودتهم بالمعلومات الحيوية من قلب البحر.

 

وإذا ما استمر هذا الانسحاب فإنه يُعد تحولاً نوعياً في معادلة الصراع البحري في البحر الأحمر، ويفتح الباب أمام إعادة توزيع النفوذ، في ظل الجهود الدولية الحثيثة لتأمين خطوط الملاحة، وتحجيم قدرة الحوثيين على تهديدها؛ وبذلك تكون طهران قد بدأت - ربما مُكرهة - بفك الارتباط التدريجي مع مشروعها العسكري البحري في المنطقة، تاركة أذرعها المحلية تتخبط في عزلة استراتيجية قاتلة