تشهد محافظة إب، الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي، تزايداً مقلقاً في الفوضى الأمنية.. تسلط سلسلة الأحداث الأخيرة الضوء على حالة الانهيار الأمني والانفلات الاجتماعي المستفحل في المحافظة، في ظل غياب الدور الفعّال للأجهزة الأمنية التي أُفرغت من مهامها، وترك السكان تحت رحمة عصابات مدعومة من الحوثيين.
قُتل خمسة أشخاص في حادثتين منفصلتين في محافظة إب، وسط فوضى أمنية متصاعدة؛ وأفادت مصادر محلية بأن اشتباكات نشبت بين مسلحين في قرية العوادر بمديرية فرع العدين، إثر خلاف نشب بين المواطن عبده صالح الغبشي، وهو بائع سلاح من المنطقة، وعدد من الأشخاص من شرعب، تعز؛ تطور النزاع بسرعة إلى إطلاق نار أسفر عن مقتل الغبشي برصاص أمين الشرعبي، أحد المسلحين القادمين من شرعب، ليقوم نجل الغبشي بردة فعل عنيفة قَتل فيها الشرعبي واثنين من مرافقيه قبل أن يلوذ بالفرار.
وفي حادثة أخرى، أُطلق النار على الشاب أسامة الرعوي، حارس مزرعة للقات في منطقة السحول، على يد مجهولين؛ تقع هذه الحادثة في إطار سلسلة من الاعتداءات المسلحة التي تتزايد في إب، وسط انحلال أمني واسع وانتشار عصابات النهب التي تعمل في الغالب تحت حماية وتوجيهات من قيادات حوثية.
وشهدت منطقة السحول بمحافظة إب حادثاً أثار رعب الأهالي، إذ هاجمت عصابة مسلحة منزل المواطن بلال الصائدي، مطلقة وابل من الرصاص ومتسببة في إصابة الصائدي وشقيقه؛ وأفادت مصادر محلية أن هذه العصابة تعمل تحت توجيه قيادي حوثي بارز، ويُعتقد أن الهجوم جاء كوسيلة ضغط لإجبار الصائدي على التنازل عن حقوقه في صفقة تجارية؛ أثار الهجوم حالة من الهلع بين الأهالي، لا سيما بسبب كثافة إطلاق النار واستخدام قنبلة يدوية.
ومؤخراً، أصيب طفلان في اشتباكات بين عصابات مسلحة بمدينة إب، وسط اتساع رقعة الاشتباكات؛ واتهم السكان المليشيا بتوفير الحماية والدعم للعصابات للاستعانة بها في قمع السكان ونهب ممتلكاتهم، بعد أن أفرجت عن عدد من السجناء المتورطين في جرائم خطيرة واستخدمتهم في صفوفها الأمنية.
عمل مشرفو الحوثيين في إب على تأجيج الخلافات القبلية بين الأهالي في مديرية الشعر، حيث دعموا عائلة معينة لحفر طريق داخل أراضي عائلة أخرى على الرغم من توفر طرق بديلة؛ وحاولت وساطات محلية سابقاً تهدئة الموقف، لكن قيادات حوثية أقدمت على اختطاف بعض أفراد العائلة المعارضة للمشروع، في محاولة لتمكين العائلة المدعومة من إكمال الطريق وفرض سيطرتها؛ يخشى الأهالي أن تتحول الخلافات إلى مواجهات مسلحة، مما يزيد من حدة الصراعات القبلية في المحافظة.
وفي مديرية السياني، عبّر السكان عن رفضهم لمشروع كسارة حجارة، يُعتقد أنه تابع لقيادات حوثية؛ أثار المشروع قلق الأهالي لما يُمكن أن يُلحقه من أضرار صحية بسبب موقعه القريب من القرى السكنية؛ ورداً على الاحتجاجات، هدد القيادي الحوثي يحيى القاسمي، باستخدام القوة ضد المعترضين، كما أقامت الجماعة نقاط تفتيش جديدة في المنطقة، متوقعة مواجهات محتملة مع الأهالي.
تشير تصاعد الأحداث والانتهاكات المتتالية إلى واقع أمني متدهور في محافظة إب، وسط انتشار واسع للجريمة وغياب الدور الأمني؛ ويرى المراقبون أن استمرار أعمال العنف والنزاعات القبلية، إلى جانب المشاريع الاستثمارية الحوثية المشبوهة، تزيد من معاناة المواطنين ويضعهم أمام تحديات متفاقمة.