في تطور وصفه الأمين العام للأمم المتحدة بـ«المقلق»، واصلت مليشيات الحوثي موجة الاعتقالات في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها بما في ذلك صنعاء.
ففي أعقاب حملة اختطافات شملت أكثر من 60 عاملا إغاثيا، وسعت مليشيات الحوثي من الاعتقالات ضد موظفي الأمم المتحدة والعاملين في المجال الإنساني والموظفين في القطاع الخاص ومناهضين للانقلاب في مناطق سيطرتها.
وقالت مصادر محلية وإعلامية لـ«العين الإخبارية»، إن مليشيات الحوثي اعتقلت 8 موظفين في شركات عاملة في صناعة الأدوية بصنعاء، بالتزامن مع اقتحام منازل سكنية في حي حدة غربي العاصمة المختطفة.
وأكدت المصادر أن مداهمات واسعة للحوثيين شاركت فيها المليشيات النسائية (الزينبيات) طالت عددا من المنازل، أسفرت عن اقتياد العشرات بينهم نساء وعاملون في المجال الإنساني إلى سجن الأمن والمخابرات في السبعين بصنعاء.
وفي واقعة أخرى، أوضحت المصادر أن مليشيات الحوثي داهمت منزلا يتبع رجل الدين محمد علي ناجي العوامي إمام وخطيب جامع التوبة في نقم، وقامت بطرد أسرته للشارع واعتقاله واقتياده إلى سجونها السرية.
وتحدثت المصادر أن اعتقال الحوثيين لرجل الدين العوامي يأتي على خلفية رفضه توجيهات حوثية بتنصيب خطيب موال لها بالقوة بديلاً عن الخطيب السابق في جامعة التوبة بصنعاء.
في السياق، قالت المصادر إن تربويا يدعى حسن محمد يحيى العمري، قتل داخل السجن المركزي بصنعاء إثر مضاعفات مرضية، ورفض المليشيات نقله لأحد المستشفيات لتلقي الرعاية اللازمة.
حواجز أمنية يأتي ذلك، بالتزامن مع نشر جهاز المخابرات التابع لمليشيات الحوثي حواجز تفتيش أمنية جديدة في شوارع ومداخل أحياء سكنية في صنعاء وتنفيذه حملات تفتيش مفاجئة بحق المواطنين للتحقق من هوياتهم، فضلا عن تكثيف الانتشار بجوار المباني والمقار الحكومية الخاضعة لسيطرتها.
في البيضاء، قالت المصادر إن عددا من المواطنين بينهم الشيخ ياسر ناجي الرشدي تعرضوا للاعتقال الأيام الماضية عقب تصديهم لحملة عسكرية استهدفت السطو على أراضيهم في بلدة هدوان، في مديرية الملاجم بالمحافظة.
وفي محافظة إب، اقتحمت مليشيات الحوثي منطقة الأجعوم في مديرية حزم العدين، وقامت بنهب منزل العميد طه الجعمي وترويع النساء والأطفال.
تلك الحملات والاعتقالات الحوثية، أدانها المكتب السياسي للمقاومة الوطنية، معتبرًا إياها «تصرفاً همجياً وعدوانياً لا يمت لأي قيم إنسانية بصلة».
وأكد البيان «ضرورة توفير الحماية الفورية للمدنيين في كافة المناطق التي تتعرض للانتهاكات من قِبل مليشيات الحوثي، وضمان سلامتهم وأمنهم»، داعيا الجهات المعنية لاسيما المنظمات لتوثيق هذه الجرائم وإدانتها.
قائمة مطالبة أممية وفي بيان صادر عنها الثلاثاء، قالت الأمم المتحدة، إن اعتقالات مليشيات الحوثي طالت 24 موظفا محليا في منظمات أممية ودولية بينهم 13 موظفا يعملون في 7 جهات تابعة للمنظمة الدولية.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، مليشيات الحوثي إلى الإفراج الفوري عن جميع موظفي الأمم المتحدة بما في ذلك الـ13 الذين اعتقلوا مؤخرا.
وناقش الأمين العام للأمم المتحدة خلال اجتماعه مع مبعوثه إلى اليمن هانس غروندبرغ في الأردن على هامش مشاركته في مؤتمر رفيع المستوى حول غزة، حملة القمع المتصاعدة على الفضاء المدني من قبل مليشيات الحوثي.
ووصف غوتيريش حملات الاعتقالات الحوثية بأنها «تطور مقلق»، مشيرًا إلى أن اختطاف مليشيات الحوثي للمدنيين والموظفين الأمميين، يثير مخاوف جدية بشأن التزام الحوثيين بحل تفاوضي للصراع.
وفيما أدان غوتيريش بشدة «جميع عمليات الاحتجاز التعسفي للمدنيين»، طالب مليشيات الحوثي بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع موظفي الأمم المتحدة المعتقلين.
وأشار إلى أن حملة اعتقالات مليشيات الحوثي التعسفية طالت العشرات من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والعاملين في مجال الإغاثة، حيث تشير التقارير إلى اعتقال أكثر من 60 عاملا إغاثيا في منظمات مختلفة.
وكشف مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن أن هناك 4 موظفين اعتقلهم الحوثيون سابقا يعملون لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، فيما يعمل الموظفون الأمميون ممن تم اعتقالهم مؤخرا وعددهم 13 لدى 7 جهات.
انتهاكات مستمرة وينتمي 6 من الموظفين الأمميين للمفوضية السامية لحقوق الإنسان، واثنان إلى اليونسكو و5 موظفين بمعدل موظف من مكتب المبعوث الخاص ومنظمة الصحة العالمية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي واليونيسيف وبرنامج الأغذية العالمي.
كما اعتقلت مليشيات الحوثي ما لا يقل عن 11 من العاملين في المجتمع المدني، وفقا للبيان الأممي، حيث هناك اثنتان من موظفي الأمم المتحدة وواحدة على الأقل من إحدى منظمات المجتمع المدني من النساء.
وشدد الأمين العام ومبعوثه الخاص على تضامن الأمم المتحدة مع جميع العاملين في المجال الإنساني والجهات الفاعلة في المجتمع المدني الذين يلعبون دورا حاسما في تقديم الدعم والمساعدة المنقذة للحياة للشعب اليمني.
إلى ذلك، رفضت الأمم المتحدة قطعا «الادعاءات المشينة بحق موظفي الأمم المتحدة» من قبل مليشيات الحوثي التي شملت اتهامهم بالتجسس والتخابر لصالح أمريكا واسرائيل.
ووفقا للأمم المتحدة فأن حملة الاعتقالات الحوثية تفاقم المخاوف بشأن حالة الطوارئ الإنسانية في اليمن، مشيرة إلى أن 17.6 مليون شخص، يعانون انعدام الأمن الغذائي.
كما لا يزال هناك 4.5 مليون نازح داخليا في جميع أنحاء البلاد، وقد اضطر عدد كبير منهم إلى النزوح عدة مرات على مدى أكثر من 9 سنوات من الحرب الحوثية.