كشفت تعاليق متشائمة أدلى بها مسؤولان أميركيان بشأن مآل جهود حل الأزمة اليمنية سلميا عن وجود حالة من عدم الرضا الأميركي عن الجهود الجارية لإطلاق مسار سلام في البلد، والتي تقودها الأمم المتحدة وتدعمها المملكة العربية السعودية بقوّة.
ونقلت صحيفة بلومبيرغ عن مسؤول بوزارة الخارجية الأميركية قوله إن خارطة الطريق التي أعلنت الأمم المتحدة عن وضعها كإطار لاتفاق سلام مرتقب في اليمن لا يمكن أن تنفّذ ما لم يوقف الحوثيون هجماتهم على خطوط الملاحة البحرية.
وجاء ذلك أياما بعد إدلاء سفير الولايات المتّحدة لدى اليمن ستيفن فاجن بتصريحات مماثلة قال فيها إنّ السلام اليمني المنشود لايزال بعيد المنال، معتبرا أن خارطة الطريق لن تكون قابلة للتطبيق على المدى القريب بالنظر إلى نوايا الحوثيين ودوافعهم وتعقيدات الصراع.
وتساءل متابعون لشؤون المنطقة حول ما إذا كان كلام المسؤوليْن الأميركييْن بمثابة ملاحظات موجّهة إلى الرياض بشأن تمسّكها بالسلام مع جماعة الحوثي رغم ما تبديه الجماعة من تعنّت في مواصلة إثارة التوتّر في البحر الأحمر.
وتوقّع هؤلاء أن تكون واشنطن راغبة في أن تحدّ السعودية، على الأقل في الوقت الحالي، من مرونتها إزاء الحوثيين وأن تجعل من تعليق جهود السلام ورقة ضغط عليهم لوقف تهديداتهم لخطوط الملاحة والتي استدعت ردّا عسكريا عليها من قبل الولايات المتّحدة وبريطانيا دون النجاح في وقفها إلى حدّ الآن.
ويدعم هذا الطرحَ ربطُ المسؤول الأميركي الذي لم تكشف الصحيفة عن هويته بين خارطة الطريق الأممية للسلام في اليمن وحالة التوتّر في البحر الأحمر، حيث قال إن واشنطن أبلغت الأطراف المعنية بالملف اليمني ومن بينها السعودية، أن العناصر الرئيسية للخطة التي تقودها الأمم المتحدة والتي تم الإعلان عنها في ديسمبر الماضي لا يمكن المضي فيها ما لم تنهِ جماعة الحوثي هجماتها على السفن.
وأظهرت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن خلال الفترة السابقة قدرا كبيرا من التساهل والمرونة إزاء الجماعة الموالية لإيران وألغت تصنيفها من قبل الإدارة السابقة بقيادة دونالد ترامب كجماعة إرهابية، فيما اعتمدت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أسلوب الضربات الانتقائية المحسوبة بدقة ردّا على هجمات الحوثيين على السفن التجارية.
وأوحى كل ذلك بأن واشنطن متوافقة مع الرياض بشأن إمكانية صنع السلام مع الحوثيين وأنّها حريصة على أن تُبقي الباب مفتوحا أمام الجهود الأممية والإقليمية والدولية العاملة على إيجاد حل سياسي للصراع اليمني.
لكن التصريحات الأخيرة للمسؤولين الأميركيين صبّت في اتجاه معاكس تماما وعكست منظورا أميركيا مخالفا للمنظور السعودي بشأن الحل السلمي في اليمن.
متابعون يتساءلون حول ما إذا كان كلام المسؤوليْن الأميركييْن بمثابة ملاحظات موجّهة إلى الرياض بشأن تمسّكها بالسلام مع جماعة الحوثي
وتمّ في ديسمبر الماضي الإعلان عن إحالة المسودة الأولية لخارطة الطريق إلى المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ ليُضفي عليها الصبغة الأممية. وقال غروندبرغ وقتها إن “الحكومة اليمنية والحوثيين التزما باتخاذ خطوات نحو وقف إطلاق النار على مستوى البلاد، والانخراط في الاستعدادات لاستئناف عملية سياسية شاملة تحت رعاية الأمم المتحدة”.
وتشمل تلك الخطوات دفع رواتب موظفي القطاع العام في مناطق الشرعية والحوثيين على حد سواء واستئناف صادرات النفط، وفتح الطرق بين المناطق ومواصلة تخفيف القيود المفروضة على مطار صنعاء وميناء الحديدة.
وبدا تقليل واشنطن من فرص تحقيق السلام بمثابة تصعيد سياسي معادل لتصعيد ميداني في المواجهة العسكرية الأميركية – البريطانية مع الحوثيين.
وأعلنت مليشيات الحوثي الجمعة عن شن طيران التحالف الذي تقوده واشنطن ولندن ضد الجماعة لغارتين على معسكر الصيانة في العاصمة صنعاء، بالإضافة إلى خمس غارات على مطار الحديدة وميناء الصليف على البحر الأحمر.
وجاءت هذه الغارات امتدادا لتصعيد ملحوظ في عمليات التحالف أوقع أكبر قدر من الخسائر في صفوف الحوثيين منذ شروعه في الردّ على هجماتهم.
ولم يفلح التحالف في وقف هجمات الحوثيين الذين يسيطرون على مناطق واسعة في اليمن، حيث تميّزت ضرباته ضد الحوثيين بالانتقائية والحذر الشديد، لكنّ الضربات الأخيرة التي وجهها إلى الآلة الحربية والبنية التحتية للجماعة، حملت ملامح تغيير في نهج التحالف باتجاه ممارسة قدر أكبر من الردع ضدّهم.
وفي وجه آخر للتصعيد توعّدت جماعة الحوثي بتكثيف “عملياتها المشتركة” مع الميليشيات العراقية ضد إسرائيل. وذكر يحيى سريع المتحدث العسكري باسم الجماعة عن تنفيد “عمليتين عسكريتين مشتركتين مع المقاومة الإسلامية العراقية” على ميناء حيفا، بينما نفى الجيش الإسرائيلي حدوث ذلك.