قال المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، الى أن "الوضع الإقليمي يعقّد من إمكانية إحراز تقدم في اليمن، والتحديات مستمرة أمام تحقيق السلام في اليمن".
وأشار غروندبرغ، في جلسة مجلس الأمن الدولي بشأن اليمن، الى أن "جماعة أنصار الله مستمرة بالمعارك والقصف بالمسيّرات"، مشدداً على "الاستمرار في إجراء تحضيرات لوقف نار شامل في أرجاء البلاد وتسوية عامة، مع العمل على الإفراج عن الأسرى والمعتقلين".
وبحسب الأمم المتحدة، أودت الحرب الدائرة في اليمن، حتى أواخر 2021، بحياة 377 ألف شخص، كما ألحقت بالاقتصاد اليمني خسائر تراكمية تقدر بـ126 مليار دولار، في حين بات 80% من الشعب اليمني بحاجة إلى مساعدات إنسانية.
النص كامل: إحاطة المبعوث الأممي الخاص هانس غروندبرغ إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة
شكرًا سيدي الرئيس. أخاطبكم اليوم من عدن، حيث التقيت برئيس المجلس القيادي الرئاسي الدكتور رشاد العليمي، ونائب الرئيس عيدروس الزبيدي، بالإضافة إلى رئيس الوزراء ووزير الخارجية. ناقشنا في هذه الاجتماعات الحاجة الملحة إلى معالجة تدهور الأوضاع المعيشية لليمنيين وإلى إحراز تقدم نحو تأمين التوصل إلى اتفاق خارطة طريق ينهي الحرب ويفتح طريقًا نحو السلام العادل. ولقد شجعتني البيئة البنّاءة التي عقدت فيها هذه الاجتماعات، فلم يحاول من حاورتهم تجنب التحديات التي نواجهها، بل أكدوا على التزامهم بالهدف طويل الأمد لحل النزاع في اليمن.
سيدي الرئيس، في اليوم الدولي لتعددية الأطراف والدبلوماسية من أجل السلام، والذي نحتفل به في 24 أبريل، ذكّرنا الأمين العام للأمم المتحدة بأن الحوار والدبلوماسية والحلول متعددة الأطراف هي أضمن سبيل نحو عالم يسوده السلام والعدل. فبفضل الحوار والجهود الدبلوماسية والتفاوض اتخذت الأطراف في ديسمبر من العام الماضي خطوة شجاعة نحو الحل السلمي في اليمن عندما اتفقت على مجموعة من الالتزامات التي سيتم تفعيلها من خلال خارطة الطريق الأممية. هذه الالتزامات من شأنها تحقيق وقف إطلاق نار على مستوى البلاد، وضمان الإغاثة المطلوبة بشدة لليمنيين، وبدء عملية سياسية جامعة لإنهاء النزاع بشكل مستدام.
إلا إن التحديات التي أبرزتها في الإحاطات السابقة لا تزال تعرقل التقدم، وأبرزها الوضع الهش في المنطقة. فقد استمرت الأعمال العدائية على الرغم من أننا شهدنا انخفاضًا في الهجمات على السفن التجارية والعسكرية في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي، بالإضافة إلى انخفاض عدد الضربات الجوية الأمريكية والبريطانية ضد أهداف برية داخل اليمن. وتمثل تهديدات أنصار الله بتوسيع نطاق الهجمات استفزازًا مقلقًا في وضع مضطرب بالفعل. مع استمرار الوضع الإقليمي في تعقيد قدرتنا على تحقيق تقدم في اليمن، فإنني أكرر دعوة الأمين العام للأمم المتحدة إلى وقف إطلاق النار في غزة، وأحث جميع الأطراف المعنية على خفض التصعيد في البحر الأحمر ومحيطه.
داخل اليمن، ظل الوضع الأمني على طول الخطوط الأمامية قيد الاحتواء خلال الشهر الماضي. ومع ذلك، أشعر بالقلق إزاء استمرار الأنشطة العسكرية، مثل القصف ونيران القناصة والاشتباكات المتفرقة والهجمات بطائرات دون طيار وتحركات القوات، في الضالع والحديدة ولحج ومأرب وصعدة وشبوة وتعز. في 27 أبريل، لقيت امرأتان وثلاث فتيات حتفهن بشكل مأساوي في محافظة تعز جراء هجوم بطائرة دون طيار أثناء جمعهن الماء قرب منزلهن، مما يبرز المخاطر الجسمية التي يتعرض لها المدنيين في ظل غياب الحل عن الوضع الراهن. كما أنني قلق إزاء تهديدات الأطراف بالعودة إلى الحرب، بما في ذلك تصريحات وأفعال أنصار الله فيما يخص مأرب. دعوني أكون واضحًا، إن زيادة العنف لن تكون حلاً للنزاع؛ بل ستفاقم من المعاناة التي نشهدها اليوم وقد تفقدنا فرصة التوصل إلى تسوية سياسية. مرة أخرى، أدعو الأطراف إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس في أفعالهم وخطابهم خلال هذه المرحلة الهشة.
سيدي الرئيس، رغم هذه التحديات، أرى أن الوصول إلى حل سلمي وعادل ما زال ممكنًا. خلال الشهر الماضي، زادت جهودي ومكتبي للانخراط داخل اليمن وفي المنطقة مع الحكومة اليمنية وأنصار الله ومختلف الأصوات اليمنية، بما في ذلك الأحزاب السياسية والنساء والناشطين في المجتمع المدني، فضلاً عن المجتمع الدولي. إن الرسائل التي نسمعها أثناء هذه اللقاءات تعكس رغبة مستمرة في إيجاد حل سلمي للنزاع. ينادي اليمنيون بالمساواة كمواطنين أمام القانون، وبالفرصة للاستفادة من كامل قدرات بلادهم الاقتصادية، وبتحسين الخدمات وبالحكم الرشيد. هذه النداءات تتطلب في نهاية المطاف التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب ويبدأ عملية سياسية.
سيدي الرئيس، إن النهج الذي أتبعه لتحقيق هذه الأهداف يقوم على ثلاثة محاور أساسية. أولاً، أواصل الحوار مع الأطراف لإحراز تقدم بشأن خارطة الطريق الأممية بدعم من المجتمع الدولي والدول الإقليمية، لا سيما المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان. ولتحقيق هذه الغاية، عقدت اجتماعات في عدن والرياض ومسقط مع كبار المسؤولين في الحكومة اليمنية وأنصار الله والجهات الإقليمية ذات الصلة.
ثانيًا، أواصل بحث سبل التهدئة وبناء الثقة. يتطلب ذلك تعاونًا دوليًا منسقًا وحسن نية من قبل الأطراف لاتخاذ خطوات أولية نحو العمل معًا من أجل تخفيف الجوانب الأشد صعوبة من المعاناة. وفي الوقت الحالي، ينخرط مكتبي مع اليمنيين لتيسير إطلاق سراح المحتجزين على خلفية النزاع، وفتح الطرق، وتحسين القطاع الاقتصادي والمالي. فعلى سبيل المثال، انخرط فريقي الاقتصادي بشكل موسع مع الأطراف والفاعلين الرئيسيين حول التطورات الأخيرة في القطاع المصرفي. آمل أن يوفر ذلك العمل فرصة لمناقشة القضايا الاقتصادية على نطاق أوسع أيضًا . أحث الأطراف على العمل بحسن نية مع مكتبي لإيجاد حلول مقبولة للطرفين تخفف من التصعيد وتعطي الأولوية لصالح الشعب اليمني.
ثالثًا، أواصل التحضير من أجل وقف إطلاق نار على مستوى البلاد واستئناف عملية سياسية جامعة. ولتحقيق هذه الغاية، يعمل مكتبي مع مجموعة واسعة من الفاعلين تشمل ممثلين عن السلطات المحلية، وجهات أمنية ومسؤولين عسكريين، وصانعي السياسات الاقتصادية، وجهات فاعلة في المجتمع المدني، وصحفيين، وقادة مجتمعيين، ووسطاء محليين، وممثلين عن القطاع الخاص. كما أستمر في منح الأولوية لأجندة المرأة والسلام والأمن، وقد نظم مكتبي مؤخرًا العديد من الاجتماعات مع اليمنيات واليمنيين لبحث كيفية تعزيز المشاركة الفعالة للنساء في كافة جوانب عملية السلام.
أؤكد تصميمي، سيدي الرئيس، على مواصلة توجيه جميع جهودي نحو تمكين اليمنيين من التوصل إلى وقف لإطلاق نار على مستوى البلاد وبدء عملية سياسية جامعة تضع الأسس لسلام دائم. هناك خطوات ملموسة وحاسمة يمكن للأطراف اتخاذها الآن. على الرغم من أن حالة عدم اليقين في المنطقة تؤثر على اليمن، ولكن يجب ألّا نغفل عن القيمة الجوهرية للسلام طويل الأمد. ولتحقيق هذه التطلعات المشتركة، سأحتاج إلى دعم المنطقة وهذا المجلس. إن شعب اليمن لا يتوقع أقل من ذلك. شكرًا سيدي الرئيس