تسببت الاضطرابات في البحر الأحمر في تعطيل شحنات منتجات عديدة، بدءا من القهوة إلى الفاكهة، لتصل هذه المرة الحبوب، بجانب التهديد بوقف تباطؤ تضخم أسعار المواد الغذائية الذي وفر بعض الراحة للمستهلكين المتوترين.
واضطرت ناقلات السلع إلى تجنب قناة السويس، واتخاذ طرق أطول وأكثر تكلفة للوصول إلى وجهاتها، بسبب هجمات الحوثيين على السفن التجارية في البحر الأحمر.
وتقوم سفن القمح الأوروبية بتغيير مسارها بشكل متزايد لتجنب قناة السويس المصرية، وسط تزايد المخاطر الأمنية في ممر بحري رئيسي يشكل نحو 15 في المئة من التجارة العالمية.
ورصدت منظمة التجارة العالمية في منصة بيانات القمح الخاصة بها زيادة كبيرة في حصة الشحنات من الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا وروسيا، التي تستخدم مسارات بديلة في طريقها إلى آسيا وأفريقيا.
وبالنسبة للاقتصاد الأوروبي، الذي يتجنب بالفعل ركودا معتدلا في الوقت الذي يحاول فيه التخلص من التضخم المرتفع، فإن التعطيل المطول سيشكل خطرا جديدا على توقعاته وقد يعرقل خطط البنوك المركزية لبدء خفض أسعار الفائدة هذا العام.
وبحسب المنظمة، فقد ارتفعت الحصة إلى 42 في المئة منذ منتصف يناير الجاري من 8 في المئة الشهر الماضي، بينما انخفض عدد الشحنات العابرة عبر قناة السويس بنسبة 40 في المئة عن العام الماضي لتصل إلى نصف مليون طن.
وتشير بيانات المنظمة إلى تباطؤ واردات العالم من القمح المنقولة بحرا، مع انخفاض الكميات حتى منتصف يناير بشكل هامشي عما كانت عليه قبل عام.
ومع ذلك، ترى أن تجارة القمح أثبتت مرونتها، “مع عدم ملاحظة أي انقطاع كبير في الشحنات السائبة المنقولة بحرا”.
ويقول المحللون إن هذه المؤشرات تعد تذكيرا بمدى هشاشة سلاسل الإمدادات الغذائية، والتي تتأثر بالصدمات والأزمات المفاجئة.
وتتوقع مصادر ملاحية تغيير بعض سفن الحبوب مسارها إلى رأس الرجاء الصالح، لكن معظمها ستواصل المخاطرة بعبور قناة السويس، أقصر طريق ملاحي بين أوروبا وآسيا.
لكن محللين وتجار حبوب قالوا لرويترز إن استمرار هجمات الحوثيين على السفن رغم الضربات الأميركية والبريطانية على مواقع الحركة في اليمن، يعني أن المزيد من ناقلات الحبوب ستبتعد عن البحر الأحمر.
وقال إيشان بهانو كبير محللي السلع الزراعية في شركة كبلر “تغير بالفعل مسار نحو ثلاثة ملايين طن من الحبوب من نحو سبعة ملايين طن تمر عادة عبر قناة السويس شهريا”.
وقفز عدد الشحنات التي ابتعدت عن البحر الأحمر الأسبوع الماضي من 20 في المئة إلى 45 في المئة. وتتبعت كبلر 18 سفينة أخرى حولت مسارها وعلى متنها نحو مليون طن من الحبوب.
وأضاف بهانو أن “إحدى السفن المحملة بفول الصويا من الولايات المتحدة إلى الصين وصلت إلى مصر وقررت العودة قبل دخول قناة السويس”.
وقال تاجر حبوب ألماني “من المؤكد أن عدد عمليات تغيير المسار أصبح أكثر خطورة في اليومين الماضيين”، لكنه أوضح، باعتباره مستأجرا نشطا للسفن لشحن الحبوب الخاصة بشركته، أن أعداد كبيرة من ناقلات البضائع السائبة لا تزال تبحر عبر البحر الأحمر.
وانقلبت أسواق الحبوب رأسا على عقب بسبب عدد من اضطرابات الشحن على مدى العامين الماضيين، بما في ذلك تلك الناجمة عن الحرب في أوكرانيا وانخفاض منسوب المياه في قناة بنما.
ويعتقد مراقبون أنه في حال تفاقمت الاضطرابات الحالية، فإنها يمكن أن توقف الانخفاض في تكاليف السلع الغذائية التي بدأت تتسرب إلى أسعار البقالة الأرخص.
وقدرت أكسفورد إيكونوميكس في مذكرة في وقت سابق هذا الشهر، أن المكاسب في أسعار النقل بالحاويات ستضيف 0.6 نقطة مئوية إلى التضخم في غضون عام.
وخلصت إيكونوميكس إلى أنه “في حين يشير هذا إلى أن الإغلاق المستمر للبحر الأحمر لن يمنع التضخم من الانخفاض، فإنه سيبطئ سرعة عودته إلى طبيعته”. ومع ذلك، فإنه لم ير أن هذا يمنع المحور المتوقع لخفض أسعار الفائدة.