مع استمرار الصراع الدائر في اليمن منذ أكثر من 9 سنوات، تحذر دوائر تحليلية من أن الفئات الأكثر هشاشة في المجتمع اليمني باتت تدفع الثمن الأكبر لاستمرار ما يصفه كثيرون بـالحرب الباردة في البلاد، جراء تشبث جماعة الحوثي بمواقفها المتعنتة، ومواصلتها العدوان على المدنيين الأبرياء.
ويشدد المحللون على أن الأطفال اليمنيين يقبعون الآن على رأس قائمة الشرائح المجتمعية، التي تتحمل تبعات عرقلة هذه الجماعة، للجهود الإقليمية والدولية الرامية، لتحويل حالة اللا سلم واللا حرب الراهنة إلى وقف لإطلاق النار، يفتح الباب أمام استئناف العملية التفاوضية، بين الأطراف المعنية بالصراع.
فالوكالات الأممية والمنظمات الإغاثية، وعلى رأسها منظمة اليونيسيف، تحذر من أن 6 ملايين طفل يمني، أصبحوا على شفا مواجهة مجاعة فعلية، مع غياب أي مؤشرات على قرب انتهاء الصراع المتواصل في بلادهم، منذ أواخر عام 2014.
يُضاف إلى ذلك، معاناة قرابة 2.2 مليون طفل يمني من سوء التغذية الحاد، واحتياج نحو 12.9 مليون منهم إلى المساعدات الإنسانية، من أصل أكثر من 23.4 مليون شخص، في مختلف أنحاء البلاد.
كما يقود استمرار الصراع، بفعل العقبات التي يضعها الحوثيون على طريق إيجاد وقف مستدام للمعارك، إلى افتقار ما يقرب من 9.2 مليون طفل إلى المياه النقية الصالحة للشرب وخدمات الصرف الصحي، بجانب اضطرار أعداد هائلة من الأطفال اليمنيين، إلى النزوح من ديارهم مع أُسرهم فراراً من الاعتداءات الحوثية، ما يجعلهم لقمة سائغة، للاستغلال وأعمال العنف، وإرغامهم على الزواج المبكر، والزج بهم قسراً كذلك في ساحات القتال.
ووفقاً للمحللين، أفضت الحرب المتواصلة في اليمن، أيضا إلى توسيع رقعة ظاهرة عمالة الأطفال، وذلك بعدما أجبر الصراع الكثير من الأُسر، على إرسال صغارها للعمل وكسب الرزق، بعدما انهار الاقتصاد المحلي على وقع الأزمة، ما أدى إلى أن يعاني ما يزيد على 80% من السكان من الفقر.
وبحسب تقديرات نشرتها مجلة «إنترناشيونال بوليسي دايجست» على موقعها الإلكتروني، استناداً إلى تقارير منظمات دولية ومحلية معنية بحماية الطفولة، تضاعفت أعداد الأطفال اليمنيين الذين أُدْخِلوا سوق العمل، بواقع 4 مرات على الأقل، منذ اندلاع الأزمة.
وبالإضافة إلى ذلك، أفضى الصراع إلى تدمير أكثر من 2783 مدرسة أو تضررها، ما يعني حرمان ما يزيد على 2.7 مليون طفل من حقهم في التعليم، بحسب أرقام أوردتها منظمة «أنقذوا الأطفال» غير الحكومية الدولية المختصة بحماية الطفولة.
وحذر الخبراء من أن استمرار الأزمة في اليمن، بما تقود إليه من انهيار للقطاع التعليمي، يلحق أضراراً كبيرة بالتطور المعرفي والنفسي وكذلك الصحة العقلية لنحو 10.6 مليون طفل في سن المدرسة في البلاد.