لم يكتفِ الحوثيون بحربهم العسكرية المدمرة على الجنوب في 2015 وما بعدها، ولكنهم شنوا حربا اقتصادية خلال 2023 على موانئ وموارد الجنوب؛ بهدف الانقضاض عليها.
حرب مليشيات الحوثي الاقتصادية كانت مدروسة بعناية لإلحاق أكبر الأثر بالجنوب والمواطنين ، خاصة بعد أن عزلت تهديدات وقصف المليشيات أهم موانئ وحرمت البلاد من موارده، حيث بات ميناء عدن المتضرر الأكبر والضحية الأساسية من وراء قيام مليشيات الحوثي بإجراءات وممارسات انعكست على الميناء الجنوبي الهام.
الضرر الاقتصادي الذي اقترفه الحوثيون في الجنوب خلال 2023 أكدته الحكومة عبر تقرير اقتصادي موسع، صادر قبل أيام، أشارت فيه إلى أن التصعيد العسكري للميليشيا الحوثية منذ أواخر العام 2022 “باستهدافها الموانئ النفطية وحربها الاقتصادية على الواردات من المناطق المحررة، خلف ركودا في صادرات النفط وانخفاض العائدات الجمركية بسبب تراجع حركة الملاحة الدولية في ميناء عدن لصالح ميناء الحديدة.
• تصاعد الأزمة ومع حلول العام 2023، تصاعدت حدة الحرب الاقتصادية الحوثية على الجنوب، مستفيدة من تخفيف القيود على ميناء الحديدة في إطار الجهود الدولية لإحلال السلام.
وبالتالي تفاقمت الصعوبات المالية والحكومة والتي باتت عاجزة عن الإيفاء بأبسط التزاماتها المتمثلة في دفع مرتبات موظفي القطاع العام. خبراء اقتصاديون أشاروا إلى أن مليشيات الحوثي دائما ما تضاعف الرسوم الجمركية في مراكزها المستحدثة بشكل متكرر على البضائع القادمة من ميناء عدن، وكافة الإجراءات تأتي بقرارات حوثية غير معلنة.
وقال الخبراء: “عقب قيام الحكومة بتحريك الدولار الجمركي في الموانئ الجنوبية اتخذت مليشيات الحوثي خطوة مماثلة، وهي تحريك السعر الجمركي، ورفع الرسوم الجمركية بأرقام مضاعفة على البضائع القادمة من ميناء عدن، لكنها كانت بقرارات غير معلنة”.
ورفعت لمليشيات الأعباء الجمركية والرسوم غير القانونية بشكل متزايد، لكنه بشكل سري، دون أن يكون هناك أية قرارات معلنة من هذا النوع، وهناك عشرات الشاحنات إن لم يكن المئات في المراكز الجمركية المستحدثة لمليشيات الحوثي، وهي أكثر من 8 مراكز، ما يضطر التجار إلى صرف النظر عن استيراد بضائعهم عبر ميناء عدن، أو في المنافذ الجنوبية.
الخبراء الاقتصاديون أكدوا أن “هذه الرسوم الجمركية وغير القانونية تزيد الأعباء على المستهلك، وتفاقم من مشكلة الأمن الغذائي، وتدهور الوضع المعيشي في الجنوب”.
مصادر تجارية في صنعاء أفادت بأن المليشيات الحوثية تسعى إلى إجبار مجموعة شركات هائل سعيد التجارية، وهي أكبر مجموعة تجارية يمنية؛ على إيقاف عمليات طحن الحبوب في عدن والمحافظات المحررة، وتحويل عمليات الطحن إلى مطاحن في مدينة الحديدة تحت سيطرة المليشيات.
إلا أن المليشيات أصرت على موقفها، وضاعفت من الجبايات التي تفرضها على الشركات التجارية التي تنقل بضائعها من ميناء عدن برا، ووعدت الشركات والتجار الذين يستوردون عبر ميناء الحديدة بتخفيض الجبايات المفروضة عليهم. وخلال تلك الفترة احتجزت ميليشيات الحوثي أكثر من 300 شاحنة القمح القادمة من ميناء العاصمة عدن في منطقة الراهدة اليمنية (224 كلم جنوب صنعاء)، حيث استحدث الحوثيين منفذا جمركيا غير قانوني للحصول على جبايات من التجار والشركات على البضائع والسلع التي تعبر البلدة قادمة من مناطق الجنوب .
•• استهداف ميناء عدن لم تتوقف ممارسات المليشيات الاقتصادية المضرة بالاقتصاد ، ففي شهر أغسطس/آب اتخذت مليشيات الحوثي إجراء جديدا مستهدفة من خلاله نشاط الاستيراد عبر ميناء عدن. وقالت مصادر محلية إن مليشيات الحوثي رفعت جمارك البضائع القادمة من ميناء عدن إلى المناطق الخاضعة لسيطرتها بنسبة 100%.
وذكرت المصادر أن الحوثيين ضاعفوا الجمارك بالإضافة إلى الجبايات بشكل كبير وغير مسبوق ضد الشاحنات القادمة من ميناء عدن، فيما رفضوا السماح للعديد من الشاحنات المحملة بالبضائع إلا بمضاعفة الجمارك عكس ما كانت عليه سابقًا.
وبينت المصادر أن الحوثيين اشترطوا على التجار وسائقي الشاحنات التجارية دفع الجمارك المضاعفة أو العودة والدخول عبر ميناء الحديدة الخاضع لسيطرتهم، وبحسب مراقبين فإن مليشيات الحوثي تسعى من خلال رفع الجمارك واستمرار الجبايات ضد الشاحنات القادمة من ميناء عدن دفع التجار نحو التحول إلى ميناء الحديدة التابع لهم.
ويرى مراقبون أن هذه الإجراءات الحوثية شكلت خطرًا كبيرًا على نشاط الاستيراد في ميناء عدن الذي بات يشهد تراجعًا كبيرًا وقد أظهرت الأسابيع الماضية أنه بات خاليا بالفعل من السفن.
وبحسب آخر تقرير لخبراء الأمم المتحدة المعني فقد أدى “تحويل الواردات من عدن إلى الحديدة إلى خسارة فادحة في الإيرادات قدرها 637,36 مليار ريال يمني في الجنوب خلال الفترة من نيسان/أبريل 2022 إلى حزيران/يونيو 2023 مع تحقيق الحوثيين لمكسب كبير”.