اعتبر خبراء أن العقوبات التي فرضتها وزارة الخزانة الأمريكية الخميس، على شبكة دولية لتمويل مليشيا الحوثي تضم 13 كيانا وشخصا مرتبطين بإيران من شأنها خنق التمويل الإيراني.. بينما قلل آخرون من آثار تلك العقوبات باعتبار الحوثيين مليشيا انقلابية وليس كيان دولة.
وأدرجت الإدارة الأمريكية شبكة سعيد الجمل مطلع 2021 ضمن دائرة العقوبات، قبل أن توسعها عام 2022 لتشمل أكثر من 11 شخصا وكيانا ضمن ذات الشبكة.
ومساء الخميس، وسعت الخزانة الأمريكية دائرة العقوبات لتشمل 13 فردًا وكيانًا جديدين مسؤولين عن تمويل مليشيات الحوثي في خطوة تخنق شريان الانقلاب وحبله السري، وفق مراقبين.
وتعد الشبكة الدولية المملوكة لسعيد الجمل أخطر أذرع مليشيات الحوثي المالية لارتباطاتها العابرة للحدود الممتدة بين إيران وتركيا واليونان والصومال وسوريا ولبنان وروسيا ودول أخرى في المنطقة.
وجاءت العقوبات الأمريكية الجديدة ضد شبكة الحوثيين التمويلية في أعقاب هجمات بحرية شنتها المليشيات ضد السفن في البحر الأحمر، فضلا عن هجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة التي أطلقت باتجاه إسرائيل.
ويرى خبراء يمنيون، في تصريحات منفصلة لـ"العين الإخبارية"، أن العقوبات تعد ضربة مهمة على خطى تصنيف الحوثي منظمة إرهابية باعتبارها تطول أهم القنوات الدولية للمليشيات.
وأشار الخبراء إلى اعتماد الحوثي على مصادر مالية محلية كثيرة أبرزها استغلال ميناء الحديدة (غرب) عسكريا وماليا بما فيه نقطة للهجمات البحرية ضد سفن الشحن ما يستدعي من الإدارة الأمريكية العمل من أجل تحييد الميناء الحيوي.
"خطوة مهمة"
ويعتبر القيادي في المجلس الانتقالي الجنوبي، منصور صالح، أن العقوبات الأمريكية تعد "خطوة مهمة على طريق تصنيف مليشيات الحوثي منظمة إرهابية، كما حدث في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب".
ويقول صالح، إن "الجديد في العقوبات الأمريكية يكمن في أنها استهدفت شبكة معقدة لتمويل الحوثي وفيلق القدس (تابع للحرس الثوري الإيراني) ومن شأن ضرب هذه الشبكة أن يحدث تأثيرا في عملية تمويل الأنشطة الحوثية".
واستدرك قائلا: "نعتقد أن هناك مجالات تمويل واسعة للحوثيين تحصل عليها بطرق مختلفة خاصة في الداخل، حيث تسيطر على أهم الموارد المالية والاقتصادية في اليمن".
ويرى صالح أنه "على المدى القريب المنظور لا نعتقد أن هذه العقوبات ستؤثر بشكل فعلي وحقيقي على تمويل أنشطة المليشيات، كونها تحصل على موارد كافية من عائد الضرائب والجمارك وإيرادات ميناء الحديدة"..
كما أن لها "أشكالا مختلفة من الجباية وكلها توظف في تمويل المليشيات عسكريا، ناهيك عن استمرار عملية تهريب السلاح والأموال للمليشيات دون رقابة دولية حقيقية".
وعن مدى تأثير العقوبات الماضية على تمويل الحوثيين، أعرب صالح عن أسفه لتمكن الحوثيين من "الإفلات من تبعات العقوبات الماضية، حيث ظل تمويلهم الخارجي مستقرا وهو ما منحهم إمكانية الصمود، بل وترتيب أوضاعهم الداخلية".
ولفت إلى أن السبب على "ما يبدو يكمن في أن العقوبات استهدفت عناصر غير فاعلة أو مؤثرة خاصة من قيادات المليشيات التي تقيم في الداخل ولا توجد لديها مصالح خارجية كبيرة يمكن استهدافها، إضافة إلى وجود منافذ تهريب متعددة للمال والسلاح".
ليس دولة
ما قاله القيادي الجنوبي تطرق إليه أيضا الخبير في شؤون الجماعات الإرهابية في اليمن، سعيد بكران، معتبرا أن العقوبات الأمريكية ضد أفراد أو كيانات أو شركات تمول الحوثيين، "تكررت خلال السنوات الماضية، حيث أن مثل هذه الإجراءات لا تشكل أي تهديد فعلي للحوثيين".
وقال بكران ، إن "هذه الإجراءات تنطلق من فكرة أن هذه الجماعة الحوثية عبارة عن كيان دولة يمكن أن يتأثر، أو أن لها ارتباطات بشركات أو كيانات دولية يمكن للعقوبات أن تؤثر على اقتصادها أو مجريات عملها المالي، وهذه فكرة خاطئة، لأن مليشيات الحوثي يمكن أن تنشئ أكثر من كيان أو شركات في حال فرضت عليها عقوبات".
وتابع: إن "العقوبات لا تلحق أي ضرر بالمليشيات، لأن آلية عملها وتصميمها، مختلف كليا عن نظام العقوبات الأمريكي المصمم على أساس إحداث تأثيرات على منظومات اقتصادية لدول أو جهات منظمة أو جهات لديها ارتباطات بمؤسسات دولية، وجميعها لا توجد في الحوثيين".
وأوضح أن "جماعة الحوثي تستخدم ارتباطات سرية ومتجددة، ولا تعتمد على الشخصيات التي يمكن قد يكون ظهر ارتباطها أو كشفت في بعض التقارير، فتسارع مباشرة إلى تغيير الأسماء وتشكيل كيانات وشركات جديدة وتنوع بشكل كثيف من كياناتها المالية، بحيث لا يصيب جهازها المالي الضرر".
وعن مدى التأثير، أكد بكران أنه "عمليا لا يتعدى التأثير الجانب الإعلامي أو المعنوي".