اتهمت مصادر في صنعاء قادة الميليشيات الحوثية بالوقوف خلف تصاعد جرائم خطف الفتيات، وذلك بعد تسجيل اختفاء عدد من الفتيات من مختلف الأعمار بينهم طالبات، وذلك بالتزامن مع ارتفاع معدلات الجريمة في مناطق سيطرة الجماعة الانقلابية.
وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن صنعاء شهدت خلال الأسابيع القليلة المنصرمة تسجيل جرائم اختطاف عدة ضحاياها فتيات من مختلف الأعمار بينهن طالبات. وكشفت المصادر عن أن آخر تلك الجرائم وليس أخيرها تمثلت في اختطاف طالبة قبل يومين في أثناء عودتها من مدرستها القريبة من حي «جولة تعز»، حيث لم يكشف عن مصيرها حتى اللحظة. وأفاد مقربون من أسرة الفتاة بأنهم أبلغوا أجهزة أمن الميليشيات بصنعاء عن فقدانهم ابنتهم حال عودتها من مدرسة «أم سلمة» بعد تلقيها التعليم اليومي فيها، مشيرين إلى أن الجماعة لم تحرك ساكناً حيال ذلك البلاغ. وأشاروا إلى استمرار عملية البحث التي أجروها في مناطق متفرقة بصنعاء منذ أيام بعيداً عن سلطة الجماعة وأجهزتها الأمنية على أمل العثور عليها، مؤكدين عدم تحصلهم على أي معلومات تكشف عن مكان وجودها.
وتأتي هذه الحادثة بعد أيام قليلة من واقعة تعرض الطفلة مروة الحمادي، لجريمة اختطاف في أثناء عودتها من مدرستها بحي مذبح في صنعاء من قبل عصابة يُعتقد انتماؤها للجماعة بقيادة شخص يدعى جميل شعبين المنحدر من محافظة المحويت. وأوضحت ذات المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن تلك الجريمة سبقها بفترة وجيزة وقوع حادثة اختطاف أخرى مماثلة تعرضت لها فتاة عشرينية على يد أحد قيادات الجماعة في صنعاء وسط تكتم وتحفظ حوثي شديد وإخفاء لكامل تفاصيل ومجريات الواقعة.
وعلى صلة بالموضوع، شكا سكان في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» من ارتفاع معدلات الاختطاف بصفوف الفتيات في مناطقهم، وأشاروا إلى أن الجرائم من ذلك النوع توسعت أخيراً في مناطق وأحياء وشوارع العاصمة بشكل لافت في ظل استمرار حكم الجماعة الانقلابية. وكان عشرات المواطنين الغاضبين في صنعاء قد نفّذوا مطلع الأسبوع الجاري وقفة احتجاجية استنكاراً لتغاضي وصمت الجماعة وتسترها على جريمة اختطاف الطفلة الحمادي وتصاعد منسوب الجرائم من هذا النوع بحق الفتيات.
واتهم عدد منهم قادة ومشرفين في الميليشيات بالوقوف وراء انتشار جرائم الاختطاف، ورأوا أن نسب جرائم الاختطاف وغيرها من الجرائم الأخرى لم ترتفع إلى أعلى مستوياتها ولم تسجل أرقاماً قياسية في مدنهم إلا في عهد حكم وسيطرة الجماعة الحوثية.
ودعا ناشطون من المنظمات الدولية المعنية بالطفولة وحقوق الإنسان إلى التدخل لمعرفة معلومات حول مصير عدد من الأطفال المفقودين (إناثاً، وذكوراً) في صنعاء ومدن أخرى، وإلى ممارسة الضغط على سلطات الانقلابيين للكشف عن مصيرهم والعصابات التي تقف وراء اختطافهم وأماكن وجودهم.
من جهته، اتهم أحد السكان في أحد الأحياء الغربية من العاصمة، رُمز إلى اسمه بـ«ن.ص»، منظمات دولية عاملة في مناطق سيطرة الجماعة بأنها تتغاضى عن انتهاكات الميليشيات المتكررة ضد الأطفال.
وقال: «إن سجل الميليشيات مليء بالجرائم والانتهاكات المرتكَبة بحق الأطفال والتي غالباً تبدأها الجماعة بعملية الخطف القسري والتجنيد الإلزامي ورفض تواصلهم مع أهاليهم واستخدامهم دروعاً بشرية في جبهات القتال».
وفي ظل تنامي ظاهرة اختطاف الأطفال والفتيات وتوسعها في مناطق سيطرة الانقلابيين، يتهم ناشطون يمنيون الميليشيات الحوثية بالوقوف وراء هذه الحوادث بدافع التجنيد أو الابتزاز أو الاستغلال.
ويتزامن تصاعد هذه الظاهرة مع ما تشهده مناطق سيطرة الجماعة ومنها العاصمة صنعاء وريفها ومحافظات إب وذمار وصعدة وعمران والمحويت وريمة من فوضى عارمة وانفلات أمني غير مسبوق يرافقه ارتفاع في معدل جرائم القتل والخطف والسرقة والسطو المسلح.
ويرى مراقبون يمنيون أن الأسباب التي تقف خلف اختفاء الأطفال في صنعاء ومدن أخرى تحت السيطرة الحوثية تأتي إما بهدف الضغط على معارضي الميليشيات وإسكات المنتقدين لسياساتها وجرائمها وإما لغرض تجنيد المختطفين للقتال، وإما لابتزاز ذوي وأسر الأطفال وإجبارهم على دفع فدية مقابل إطلاق سراحهم.
وكانت منظمات حقوقية قد طالبت بفتح تحقيق سريع في جرائم اختطاف الأطفال والنساء في صنعاء والكشف عن مرتكبيها ومحاكمتهم، وعدّت تلك الجرائم سابقة خطيرة تمس بـ«الشرف والعرض وتسيء لذوي الضحايا المختطفات إساءة بالغة كما تمثل عاراً وجريمة كبرى في المجتمع اليمني وتتنافى مع الشرائع والأديان كافة».