في قمة الرياض الأخيرة، طالب زعماء 57 دولة عربية وإسلامية جميع دول العالم إلى "وقف تصدير الأسلحة والذخائر إلى إسرائيل"، على خلفية الهجوم الذي يشنه جيشها على الفلسطينيين بقطاع غزة منذ ما يزيد عن الشهر.
بيان القمة رفض توصيف الحرب الانتقامية الإسرائيلية على أنها دفاع عن النفس أو تبريرها تحت أي ذريعة، مؤكداً أن ما يقوم به الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة يرقى إلى "جرائم حرب".
مطالبة زعماء الدول العربية والإسلامية بوقف تسليح إسرائيل يُشير بشكل واضح إلى الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا والتي سارعت إلى مد إسرائيل بالأسلحة والذخائر لشن عملية انتقامية ضد قطاع غزة عقب الهجوم الذي شنته المقاومة الفلسطينية على الداخل الإسرائيلي في الـ7 من أكتوبر الماضي.
هذا الموقف الغربي والمسارعة إلى مد إسرائيل بالأسلحة والذخائر، لا يزال مستمراً على الرغم من حجم الحصيلة البشرية الكبيرة في صفوف المدنيين في قطاع غزة جراء الغارات العنيفة والقصف براً وبحراً وجواً أودت بما يزيد عن 11 ألف قتيل بينهم 4600 طفل ونحو 30 ألف جريح.
المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، كشف في بيان له الخميس الماضي، بأن جيش الاحتلال الإسرائيلي أسقط أكثر من 25 ألف طن من المتفجرات على قطاع غزة، بما يعادل قنبلتين نوويتين، وذلك منذ بدء عدوانه في السابع من أكتوبر الماضي، داعيا إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة في حجم المتفجرات وفي الأسلحة المحرمة دوليا التي يستخدمها الكيان الصهيوني.
إصرار الدول الغربية على مد إسرائيل بالأسلحة والذخائر على الرغم من المجازر البشرية بحق المدنيين في غزة، يعيد التذكير بموقف هذه الدول خلال سنوات الحرب في اليمن، وقيامها بإعلان وقف تزويد دول التحالف بالأسلحة والذخائر تحت ذريعة سقوط ضحايا مدنيين بغارات التحالف التي تستهدف مليشيات الحوثي.
ولعل الموقف الألماني يعد أبرز مثال على حجم التناقض والنفاق في المواقف الغربية من الأحداث في المنطقة العربية، حيث تعد ألمانيا من أوائل الدول الغربية التي سارعت إلى إعلان حظر صادرات الأسلحة إلى السعودية عام 2018م، وبررت الحكومة الألمانية ذلك بأنه بسبب "انخراط السعودية في حرب اليمن، التي صنفت كواحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم".
وبعيداً عن هذا التبرير الذي لا يعكس الحقيقة كاملة، فالموقف الألماني جاء حينها متزامناً مع مواقف مشابهة اتخذتها دول أوروبية كبريطانيا وإيطاليا في سياق الضغوط التي مارستها الدول الغربية على دول التحالف لمنع معركة تحرير مدينة الحديدة، تحت ذريعة المخاوف على حياة سكانها.
هذه المخاوف ورفع لافتات "الإنسانية" من الدول الغربية ومن ألمانيا تحديداً بوجه التحالف، غاب اليوم تماماً في الموقف مع إسرائيل وحربها العنيفة ضد غزة، بل إن ألمانيا اليوم تتزعم الموقف الغربي المنحاز وبشدة إلى جانب إسرائيل، عبّر عنها الموقف الأخير للمستشار الألماني أولاف شولتس، الأحد الماضي، برفضه وقفاً "فورياً" لإطلاق النار في قطاع غزة.
وفي الـ19 من أكتوبر الماضي أكد وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس في زيارته إلى تل أبيب أن "ألمانيا تقف إلى جانب إسرائيل، وإلى جانب شعبها". وقال مخاطباً نظيره الإسرائيلي يوآف غالانت، "سنفعل كل ما يمكننا القيام به لدعمكم.. الدعم المادي".
وهو ما أكده تقرير نشره موقع "دويتشه فيله DW" الألماني عن ارتفاع صادرات الأسلحة الألمانية لإسرائيل عشر مرات منذ هجوم الـ7 من أكتوبر، موضحاً أن قيمة أذون صادرات الأسلحة إلى إسرائيل التي أصدرتها الحكومة الألمانية حتى الثاني من تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري وصلت إلى قرابة 303 ملايين يورو.