تعرضت بعض أقدم المباني والمعالم التاريخية بمحافظة المهرة للتدمير بسبب تغير المناخ والأعاصير التي ضربتها خلال السنوات الماضية.
وكان حصن بن مسمار ويسمى أيضا باللغة المهرية (ظيلم ديون)، على موعد مع انهيار جزئي بسبب الإعصار تيج الذي ضرب المحافظة أواخر أكتوبر الماضي وخلف أضرار واسعة وخاصة في مديريتي حصوين والغيضة.
وكان الإعصار مصحوبا برياح شديدة وعرام العواصف وفيضانات مفاجئة كبيرة، مما أدى غالبا إلى خسائر في الأرواح وأضرار جسيمة في البنية التحتية ومن بينها مواقع أثرية وتاريخية.
ويقع الحصن في قلب مديرية قشن باتجاه الشرق، وكان حصنا منيعا لبني مسمار لإدارة شؤون القبيلة وعلاقاتها الخارجية.
ويعد الحصن شاهدا على حروب ومعارك قديمة، وقد أنشأ قبل حوالي 700 سنة بحسب المؤرخين المحليين، ويتكون من ثلاثة أدوار، الثالث منه بني خصيصا للحروب، مؤكدين أنه أحد أقدم الحصون في مدينة قشن، وقد شهد الكثير من الحوادث والشواهد التاريخية.
وكان الحصن يقدم الكثير من الخدمات لقبيلة بني مسمار وأهل المنطقة حينها، فهو إلى جانب كونه قلعة تاريخية منيعة كان يحتوي على مخازن للأغذية بالقرب منه وهي بمثابة دليل آخر على تواجد سوق شعبي للعديد من البضائع.
لكن هذا المعلم التاريخي تأثر بالأعاصير والسيول التي شهدتها محافظة المهرة وخاصة خلال السنوات العشر الماضية، والتي كانت كفيلة على إسقاط أجزاء منه.
تغير المناخ يهدد تراث المهرة التاريخي وتعد أصول التراث الثقافي بمحافظة المهرة مثل المباني التاريخية والمواقع الأثرية والمعالم الأثرية ومحتوياتها ومجموعاتها، فضلا عن جوانبها غير الملموسة، إرثا من ماض عريق يمنح سكانها إحساسا بالمكان والهوية والرفاهية الجمالية.
وتعتبر الأعاصير المدارية من المخاطر الطبيعية الشائعة التي أثرت بشكل كبير على محافظة المهرة وخاصة خلال السنوات العشر الماضية.
ويقول جيسون نيكولز، كبير خبراء الأرصاد الجوية في AccuWeather، إن الأعاصير التي تتشكل في بحر العرب لم يسمع عنها من قبل، ولكن من غير المعتاد أن تتعقب عاصفة بالقرب من اليمن.
وقال نيكولز لمجلة نيوزويك:“ يبدو أنهم يصلون إلى اليابسة كل خمس سنوات أو نحو ذلك”، مضيفا أن آخر إعصار ضرب اليابسة بالقرب من اليمن كان في عام 2018.“ ما ساعده هذا العام هو المزيد من المياه الدافئة، والظروف مناسبة للتنمية”. على جانب بحر العرب هذا العام.”
وتقول منظمة اليونسكو إن تغير المناخ أصبح أحد أهم التهديدات التي تواجه ممتلكات التراث العالمي، مما قد يؤثر على قيمتها العالمية الاستثنائية، بما في ذلك سلامتها وأصالتها، وإمكاناتها للتنمية الاقتصادية والاجتماعية على المستوى المحلي.
وقال فايز علي سهيل بلحاف مدير عام الشؤون الاجتماعية، رئيس لجنة الإغاثة بالمحافظة في تصريحات سابقة إن الإعصار تيج خلف "الكثير من الدمار في الممتلكات العامة والخاصة بمديريات الغيضة- حصوين- حوف".
وأشار رئيس لجنة الإغاثة إلى أن هناك أكثر من 200 منزل تهدمت كليا في مديرية حصوين فقط، إضافة إلى مئات المنازل المتضررة جزئيا وبنسب متفاوتة في المديريات الثلاث. الحفاظ على التراث مسؤولية الجميع
وحول المخاطر والتهديدات التي تطال تراث المهرة جراء تغير المناخ يقول رئيس الدائرة السياسية في لجنة اعتصام المهرة والخبير في تراث المحافظة سعيد عفري إن بعض المعالم الأثرية تضررت من الأعاصير وتغير المناخ وخاصة الإعصار تيج.
ويفيد أن التراث الثقافي بالمحافظة ما زال يقاوم المناخ وتغيراته لكنه لن يصمد ويحتاج إلى بذل جهود كبيرة للحفاظ عليه من الدمار والاندثار.
وأكد أن هناك بالفعل بعض المعالم الأثرية القديمة أو بيوت ومنازل قديمة وكبيرة جدا تضررت في مديرية حصوين تقريبا، ومعظمها ليست معالم وإنما بيوت قديمة.
وأضاف:" نتمنى من الجهات المختصة العمل على إعادتها كما كانت، لافتا إلى أنه يجب على الجميع الحفاظ على التراث ومشاركة السلطة المحلية في التوعية بأهميته بالإضافة إلى المساهمة في البناء والترميم لكي يكون في أمان من أي أضرار قد تلحق به من الأعاصير، أومن عمليات سرقة وغيرها.