مع زيادة هجماتها ضد قطاع غزة، يرتفع منسوب التوتر بين إسرائيل وحليفتها الكبرى، الولايات المتحدة، وفق ما باتت تفيض به وسائل الإعلام الإسرائيلية، حتى وصف بعضها علاقتهما الآن بالعداء والحرب.
وانعكاسا لهذا، ذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت”، وهي أشهر الصحف الإسرائيلية، في تقرير لها نُشر الأحد:
الإدارة في واشنطن مخطئة في تحليلها للشرق الأوسط، وتعتقد أنها ستعزّز موقعها في المنطقة من خلال الحصول على هدنة إنسانية وتزويد القطاع بالوقود.
إسرائيل بجانب قتالها في عدة جبهات في غزة والعراق واليمن ولبنان، تواجه معها الآن الجبهة الأميركية.
على هذه الجبهة، لا نطلق النار، لكننا نواجه ضغوطا منها لتخفيف آثار الحرب على قطاع غزة و”حماس”.
هذه الضغوط تُجبر الجيش الإسرائيلي على تسريع عملياته لإنجاز أكبر قدر ممكن من العمل قبل فرض وقف إطلاق النار، ونتوقّع لذلك مزيدا من الضحايا.
هذا مجرّد مجال واحد سوف يتضرّر فيه جيش الدفاع الإسرائيلي ودولة إسرائيل إذا فقدا الظهر الأميركي جزئيا أو كليا.
لكن هناك لحظات في حياة أي دولة يتعيّن عليها فيها أن تقف بثبات حتى أمام حليفها الكبير. أميركا تريد تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط على حساب إسرائيل؛ حتى تتمكّن من التركيز على تحقيق النصر في الحرب الروسية الأوكرانية، والتنافس مع الصين على الهيمنة، ولتستعيد مكانتها في الشرق الأوسط التي فقدتها أمام بكين وإلى حد ما أمام موسكو.
لحظة التصعيد إلى حرب إقليمية تتعارض مع صراعات واشنطن الأخرى الأكثر أهمية بالنسبة إليها، وهي التي تمنع إسرائيل في توسيع حربها. في الوقت نفسه، تريد أميركا الاستفادة من الحرب الحالية في التوصّل إلى حل دائم للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني على أساس حل الدولتين، وهو هاجس للرؤساء الأميركيين منذ الثمانينيات؛ ولهذا السبب يحث الرئيس الأميركي، جو بايدن، ووزير الخارجية أنتوني بلينكن، الحكومة الإسرائيلية باستمرار على صياغة خطة لليوم التالي للحرب.
إن الحرب على الجبهة الأميركية بدأت للتو، ومن المتوقع أن تشتد.
لذا، سيكون لزاما على الحكومة الإسرائيلية أن تتخذ قرارات صعبة، بما في ذلك الرفض الصريح لقبول المطالب الأميركية التي تعني وقف العمليات قبل القضاء على “حماس” كقوة عسكرية.
الحرج الأميركي
عن الخيوط التي أدت لتعقيد العلاقات بين الحليفين الشهيرين لهذه الدرجة، يقول المحلل السياسي والخبير في العلاقات الدولية جاسر مطر، لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن حكومة بنيامين نتنياهو وضعت واشنطن في حرج كبير أمام العالم.
يوضّح مطر أن واشنطن دعمت تل أبيب بشدة في بداية المعارك، إلا أن الاستهداف الإسرائيلي الواسع للمدنيين وقتل الآلاف جعلا هذا التأييد محل نقد كبير داخل وخارج أميركا.
على هذا، يتابع مطر: “طالبت الولايات المتحدة إسرائيل بالتوقف عن استهداف المدنيين، لكن دون جدوى، ويبدو أنها هددت إسرائيل بسحب دعمها العسكري أو تقليله إذا لم تقبل بتهدئة أو إدخال مساعدات إنسانية إلى القطاع”. في المقابل، هاجم مسؤولون إسرائيليون الولايات المتحدة، معتبرين موقفها مساندا للفلسطينيين، ويتوقّع المحلل السياسي أن هذا الهجوم “ورقة ضغط هدفها تحريك اللوبي الإسرائيلي في أميركا؛ لتخفيف ضغوط واشنطن على تل أبيب”.
نتنياهو يتحدَّى
وقال نتنياهو، الأحد، للأطقم الجوية والقوات البرية في قاعدة رامون الجوية بجنوب إسرائيل: “لن يكون هناك وقف لإطلاق النار من دون عودة رهائننا.. نقول هذا لأعدائنا وأصدقائنا.. سنستمر حتى نهزمهم”.
وشارك آلاف الإسرائيليين، مساء السبت، في وقفة احتجاجية أمام مقر إقامة نتنياهو في القدس، مطالبينه بالتنحّي عن منصبه فورا، وإعادة الرهائن من غزة، بعد إعلان حماس، السبت، ارتفاع عدد القتلى منهم خلال قصف إسرائيل للقطاع إلى 60 شخصا.
عرض أميركي جديد
ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، الأحد، أن واشنطن عرضت عدة خطوات على إسرائيل لتقليل الخسائر في صفوف المدنيين. وفق ما نقلته عن مسؤولين أميركيين، من بين تلك الخطوات تزويد تل أبيب بقنابل أصغر حجما؛ لمنع المساس بالمدنيين عند استهداف قادة حماس وبنيتها التحتية