أحداث مريبة متسارعة مرّت بها مؤخراً محافظة حضرموت، جعلتْ منها واجهة المشهد السياسي في الجنوب واليمن بشكل عام، لا سيما عقب وصول رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي بمعية وفد في مقدمته شخصيات لا تملك أي ثقل ولا تمثل أي اعتبار بحضرموت، وأخرى عُرِفت بفشلها في السابق، ونحرتْ المحافظة أكثر من مرة، واستثمرتْ معاناة أهلها، وصَعَدتْ بتبنيها المطالب الشعبية فترة من الفترات لتحقيق أهدافها الشخصية الضيّقة.
الجميع يعلم أهمية زيارة رئيس مجلس القيادة الرئاسي لحضرموت، أكبر محافظة جنوبية وثاني أهم محافظة محررة سياسياً بعد العاصمة عدن، لا سيما وهي الزيارة الأولى منذ تأسيس وتشكيل مجلس القيادة بل وتُعد متأخرة جداً، ولكن توقيت الزيارة الحرِج وأهدافها المشبوهة وضعتْ العديد من التساؤلات والاستفسارات عند المتابع للشأن. تساؤلاتٌ واستفساراتٌ عديدة حول أهداف زيارة العليمي لحضرموت وتزامنها عقب تشكيل ما يسمى بـ"مجلس حضرموت الوطني"، وهل تعد زيارة رسمية، أم تثبيت دعائم وأركان هذا المجلس الجديد في المحافظة وتمكينه سياسياً، عقب الإعلان بأنه الحامل السياسي لتطلعات المجتمع الحضرمي، وإلا فما فائدة زيارة رسمية للمجلس الرئاسي سبقتها زيارة مماثلة لنائبي رئيس مجلس القيادة الرئاسي الرئيس القائد عيدروس الزبيدي واللواء فرج البحسني في 18 مايو المنصرم؟! بالإضافة إلى ضيق الوقت الذي أثر بشكل واضح على جدول أعمال الزيارة الأخيرة التي جاءت قبيل إجازة عيد الأضحى بيوم أو يومين.
توقيت حرج، وأهداف مخفيّة وراء زيارة العليمي إلى حضرموت، لا تدل على رغبته في تمكين أبناء المحافظة ولا الاستجابة لحقوق وتطلعات المجتمع الحضرمي، التي إن وجدت، لكان عضو مجلس القيادة الرئاسي اللواء فرج البحسني – الذي علق حضوره في اجتماعات المجلس الرئاسي لانشغال الأخير عن قضايا حضرموت – في أول المستقبلين، والمرحبين بزيارته، ولكان هناك برنامج معد بشكل يرقى إلى حجم المسؤولية والزيارة الرسمية. عدم مصاحبة رشاد العليمي لممثل حضرموت الشرعي في المجلس الرئاسي اللواء فرج البحسني خلال الزيارة الأخيرة، ولا استقباله له، أو ترحيبه به، بالإضافة إلى تأكيد أكثر من عضو في المجلس الرئاسي عدم اطلاعه بعد على الوثائق المتعلقة بـ"مجلس حضرموت الوطني" أو إلمامه ببرنامجه، تشير إلى انفرادية رشاد العليمي وحرصه الشخصي على تمكين المجلس الجديد من محافظة حضرموت أمنياً وسياسياً وإدارياً، بالرغم من عدم موافقة أو اطلاع بقية أعضاء مجلس القيادة الرئاسي التي اشترطها مضامين إعلان نقل السلطة في أبريل من العام الماضي.
مؤشرات وإرهاصات عديدة من زيارة العليمي إلى حضرموت تؤكد إيثار وإرجاء قرار مجلس القيادة الرئاسي لنفسه، دون أخذ أي موافقة من بقية الأعضاء أو إشعارهم، وهو ما يشير إلى استياء كافة أعضاء المجلس من ذلك، ويظهر جلياً في تحفظهم عن التعليق حول الزيارة الأخيرة أو تشكيل المجلس الجديد، أو مشاركتهم في ذلك، وهو ما ستبديه الأيام المقبلة، وإن غداً لناظره قريب.