يحاول حزب التجمع الوطني للإصلاح في اليمن خلط الأوراق مجددا بعد تقلص مراكز نفوذه سياسيا وميدانيا، ويتبنى الحزب الإخواني خطابا عدائيا متشنجا لاسيما ضد دولة الإمارات، في ظل مخاوف لدى قياداته من فقدان السيطرة على آخر معاقله.
عدن – تقول أوساط سياسية يمنية إن هجوم حزب التجمع الوطني للإصلاح على الإمارات العربية المتحدة لا يخلو من جحود ونكران، للدور الذي لعبته الدولة الخليجية صلب التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، مشيرين إلى أن الحزب الذي يشكل الواجهة السياسية لجماعة الإخوان يسعى لإلقاء مسؤولية إخفاقاته على قوى إقليمية.
وتلفت الأوساط اليمنية إلى أن حزب الإصلاح الذي يتباكى اليوم على وحدة شكلية كان أحد الأطراف الرئيسية التي ساهمت في شق الصف اليمني، قبل تفجر الصراع مع الحوثيين وبعده، مشيرة إلى أن حالة الهستيريا التي تهيمن على الحزب تعود بالأساس إلى خشية قياداته من انهيار ما تبقى من نفوذ عسكري له لاسيما في محافظتي مأرب وحضرموت.
وتوضح الأوساط اليمنية أن حزب الإصلاح يدرك أن مطلب المكونات الجنوبية، في استعادة دولتهم، تعود لما قبل تدخل الإمارات في الساحة اليمنية لدعم السلطة الشرعية في العام 2015، لكن الحزب الإخواني يحاول اليوم قلب الوقائع والادعاء بأن مطالب الجنوبيين ليست سوى مرآة عاكسة لأجندة إقليمية ترعاها الإمارات وتسعى من خلالها لتقسيم اليمن.
وشن رئيس حزب الإصلاح في مأرب مبخوت بن عبود الشريف السبت هجوما عنيفا على الإمارات التي اتهمها بتشجيع مكونات وتمويلها لتمزيق اليمن وفصل جنوبه عن شماله. وقال بن عبود، في ندوة سياسية نظمها الحزب، إن “الانفصال يعد اليوم تحديا كبيرا يواجه اليمنيين، وما كان ليصبح بهذا الحجم لولا وجود التحدي الأكبر المتمثل في انقلاب ميليشيا الحوثي على الوحدة والتعددية السياسية وضعف الشرعية”.
وأشار بن عبود إلى أن التحديات تتمثل في التدخلات الخارجية السلبية، وعدم تحقيق أهداف تدخل التحالف السعودي – الإماراتي في اليمن، إضافة إلى صنع تشكيلات ميليشياوية خارج وزارتي الدفاع والداخلية. واعتبر أن الوحدة اليمنية مثلت نقطة مضيئة في تاريخ اليمن الحديث، والمنطقة العربية، وإن اعترى مسيرتها بعض الأخطاء كحال أيّ تجربة إنسانية، ما فرض حوارا شاملا تمثل في مؤتمر الحوار ومخرجاته في النظام الاتحادي لحل تلك المشكلات، وإعادة الوحدة إلى مسارها الصحيح.
ويأتي الهجوم الإخواني على الإمارات بعد اشتباكات عنيفة جرت بالقرب من منطقة صافر النفطية في شمال مأرب بين مقاتلين ينتمون إلى قبيلة الدماشقة التابعة لقبيلة عبيدة، الموالية لـ”المقاومة الوطنية” التي يقودها العميد طارق صالح، وقوات تابعة لحزب الإصلاح.
وذكرت مصادر يمنية أن الاشتباكات التي يخشى من تجددها، جاءت على خلفية إقدام قوات من “اللواء 23” بالاعتداء على أربعة من أبناء من قبيلة الدماشقة، الأمر الذي استدعى حالة من الاستنفار لدى عناصر القبيلة التي استقدمت تعزيزات لمواجهة اللواء الإخواني.
ويشير مراقبون إلى أن حزب الإصلاح الذي وجد نفسه على هامش الأحداث وفقد نفوذه العسكري في العديد من المحافظات يحاول اليوم إعادة خلط الأوراق من خلال القيام بعمليات استفزازية في عدد من المناطق التي تتواجد بها فصائل يمنية محسوبة على الإمارات وبينها المقاومة الوطنية.
ويلفت المراقبون إلى أن الحزب الإخواني يخشى من خسارة مأرب، كما حصل بالنسبة إلى محافظة شبوة العام الماضي، لاسيما في ظل حديث عن توجه مجلس القيادة الرئاسي إلى نشر تشكيلات عسكرية بقيادة طارق صالح في مدينة مأرب.
ويرى المراقبون أن الحزب يعمد اليوم إلى استباق أيّ سيناريو قد يقود إلى خروجه من مأرب عبر إثارة التوترات مع قبائل موالية للمقاومة الوطنية. ويسيطر عناصر الإصلاح على مدينة مأرب، وهي آخر منطقة خارجة عن سيطرة الحوثيين في شمال اليمن، بعد أن كان سلّم العديد من المناطق خلال السنوات الماضية للجماعة الموالية لإيران.
ويتزامن الاستفزاز الإخواني في مأرب مع نذر تصعيد في حضرموت، لاسيما بعد التعيينات التي أصدرها رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي التي تهم وادي وصحراء حضرموت، حيث تتواجد المنطقة العسكرية الأولى التابعة للإصلاح.
وجاءت تلك التعيينات التي أعلن الحزب الإخواني عن رفضه لها بعد زيارة قام بها العليمي إلى الإمارات، ومن بينها تعيين القيادي في قوات “النخبة الحضرمية” المقرّب من المجلس الانتقالي العقيد الركن عامر عبدالله محمد بن حطيان، أركان حرب المنطقة العسكرية الأولى، خلفا للعميد يحيى أبوعوجاء، المحسوب على الإصلاح.
ويرى متابعون أن جماعة الإخوان تعاني حالة من التخبط واليأس وهو ما ينعكس في هجومها على الإمارات وفي فتح أكثر من جبهة مع مكونات السلطة الشرعية أي المجلس الانتقالي الجنوبي، والمقاومة الوطنية، وهو ما لا يخدم جهود الوحدة التي تزعم الجماعة رغبتها في المحافظة عليها.
ويلفت المتابعون إلى أن الجماعة لم تتنكر فقط لجهود الإمارات في المواجهة مع الحوثيين، بل وأيضا للسعودية، وهو ما انعكس في الإعلام الإخواني الذي ذهب في خطابه حد الزعم بوجود تخادم “سعودي – حوثي”.
وتشن قناة بلقيس الذراع الإعلامية لإخوان اليمن هذه الأيام حملة ضد السعودية من خلال الاستعانة بـ”محللين” دورهم التشكيك في نوايا المملكة، على غرار رئيس دائرة التوجيه المعنوي سابقا اللواء محسن خصروف الذي وصف دور التحالف العربي بالهدام في اليمن.
وقال خصروف للقناة الإخوانية “إن الفكرة الجوهرية لعاصفة الحزم هي استعادة الدولة اليمنية المختطفة من خلال انقلاب عسكري، ولكن مرّ عام ولم نلمس إنجازات في الميدان غير ما حدث في البداية من تحرير لعدن، ووصول الجيش في مأرب إلى مشارف صنعاء”.
وأضاف “فجأة تحوّلت عاصفة الحزم إلى نشاط إقليمي هدَّام، داخل اليمن، بدلا من دعم الجيش الوطني لمحاربة الميليشيا والانتصار للدولة، أصبحنا نرى قوة في الساحل وقوة في لحج وقوة في صعدة، بمسميات لا علاقة للجيش الوطني بها”.