في منتصف ديسمبر من العام 2022، تمكن تنظيم القاعدة من الاستيلاء على شحنة طائرات مسيرة، كانت تحت حماية قوة عسكرية موالية لتنظيم الإخوان على الطريق الدولي الرابط بين محافظة مأرب ووادي حضرموت، جنوب شرق اليمن.
التصريحات العسكرية، حينها، أكدت أن الحادثة كانت مدبرة بعد أن خرجت الشاحنة من مأرب صوب وادي حضرموت، حيث تسليم شحنة الطائرات المسيرة في كمين مدبر على طريق العبر، بعد استهداف القوة العسكرية المكلفة بحمايتها.
سقوط شحنة الطائرات المسيرة مثلت نقطة فاصلة في تطوير قدرات التنظيم الإرهابي باليمن، خصوصاً بعد الضربات الموجعة ضد معاقله الرئيسة في المحافظات الجنوبية المحررة.
دعم حوثي لا محدود
لم تكن شحنة الطائرات المسيرة وإيصالها لعناصر التنظيم الإرهابي بعيدة عن مخططات المليشيا الحوثية، التي سهلت وصول هذا الدعم عبر خطوط التهريب القادمة من إيران عبر السواحل اليمنية الخاضعة لسيطرتها أو الحدود العُمانية.
وأوضحت المصادر العسكرية، أن شحنة الطائرات الإيرانية، كانت في طريقها بالأصل إلى مليشيا الحوثي، إلا أن الشحنة تم تحويلها بالتعاون مع القوات العسكرية الإخوانية في مأرب ووادي حضرموت لصالح تنظيم القاعدة كدعم استراتيجي لإنقاذ التنظيم من الانهيار والسقوط بعد الضربات والحملات الأمنية في شبوة وأبين، مشيرة إلى أن المليشيا الحوثية وعبر خبراء إيرانيين ساهموا في تدريب عدد من عناصر القاعدة لتركيب واستخدام الطائرات المسيرة لشن هجمات انتحارية ضد المناطق المحررة.
وقالت المصادر إن امتلاك القاعدة لطائرات مسيّرة Drone ، يشكل تطورا خطيراً ليس بالنسبة للحرب ضد الإرهاب باليمن، بل يعد تهديداً لدول الجوار والعالم، الذي سيكون عرضة لشن هجمات انتحارية عبر تلك الطائرات التي تمتاز بالتخفي والمناورة والهجوم.
وقالت مصادر استخباراتية يمنية، إن تنظيم القاعدة في اليمن تلقى، خلال الفترة الماضية، دعماً عسكرياً لا محدوداً من ميليشيا الحوثي بإيعاز إيراني بهدف ضرب القوات العسكرية والأمنية بالمحافظات المحررة، خصوصا محافظتي أبين وشبوة اللتين تشهدان عمليات واسعة لدحر الإرهاب وتطهير أوكاره.
ووفقاً للمعلومات الاستخباراتية، فإن الدعم الحوثي تضمن أسلحة نوعية، وعبوات ناسفة مموهة، إلا أن الدعم وصل إلى تعزيز التنظيم بطائرات مسيرة، ودوائر وقطع إلكترونية حديثة للبث والاستقبال تم تطويرها محلياً من قبل مليشيا الحوثي عبر خبراء إيرانيين ومن حزب الله متواجدين في غرفة عمليات في صنعاء.
وأشارت المصادر إلى أن الأجهزة الحديثة التي تم إرسالها لتنظيم القاعدة تتضمن أجهزة تحكم حديثة خاصة بالطائرات دون طيار، وأجهزة تفجير عن بعد حديثة تستخدم لتفجير العبوات الناسفة التي يتم تصنيعها من قبل الحوثيين وزرعها لاستهداف تحركات القوات الجنوبية المشاركة في عمليتي "سهام الشرق" و"سهام الجنوب" في كل من أبين وشبوة. كما أن بعض الأجهزة التي تم إرسالها للقاعدة مخصصة لصناعة العبوات الناسفة المموهة، بعض من تلك العبوات تم ضبطها قرب حواجز أمنية وعسكرية بالمحافظتين.
وأكدت أن محافظة البيضاء، الخاضعة لسيطرة الحوثيين، أصبحت بذات الوقت معقلاً رئيسياً للتنظيم الإرهابي ولعناصره الفارين من عمليتي "سهام الشرق" في أبين و"سهام الجنوب" في شبوة.
وأوضحت المصادر الاستخباراتية أن تنظيم القاعدة باليمن عجز عن تطوير قدراته العسكرية خلال الفترة الماضية، في ظل الانشقاقات وتخبط عناصره وقلة التمويل، الأمر الذي دفع بقيادات التنظيم إلى خلق قناة تواصل مع المليشيا الحوثية من أجل الحصول على دعم مالي وعسكري للاستمرار والبقاء. وبرز الدعم بشكل واضح في عمليات الإفراج عن عناصر التنظيم في السجون اليمنية وأيضاً تسليم مناطق في البيضاء للتنظيم لإدارتها وإعادة ترتيب صفوفه. ناهيك عن الدعم العسكري اللا محدود مقابل استهداف المناطق المحررة وضرب القوات الجنوبية.
شبوة الهدف الأول
قبل أيام، أعلن تنظيم القاعدة في اليمن مسؤوليته عن الهجوم الجوي الذي استهدف موقعا عسكريا تابعا لقوات دفاع شبوة، في منطقة المصينعة في مديرية الصعيد جنوب غرب محافظة شبوة. الهجوم تم تنفيذه بطائرة مسيرة مطابقة للطائرات التي تستخدمها الميليشيات الحوثية والمصنوعة إيرانياً. أسفرت العملية الإرهابية عن إصابة أركان حرب اللواء، القائد أحمد السليماني.
وسربت حسابات تابعة لتنظيم القاعدة، على مواقع التواصل الاجتماعي، بيانات سابقة تؤكد أن التنظيم نفذ هجوما سابقا قبل نحو شهر، واستهدفت قوات دفاع شبوة المتمركزة في منطقة المصينعة، بعد عملية تأمينها وتطهيرها ضمن "سهام الجنوب" أواخر العام الماضي.
الطائرات المنفذة للهجومين، تطابق للطائرات المسيرة التي جرى الاستيلاء عليها من قبل التنظيم في ديسمبر من العام الماضي. وهو ما يؤكد أن التنظيم تمكن من تشغيل تلك الطائرات بمساعدة ميليشيا الحوثي وخبراء إيرانيين يديرون عمليات الطائرات المسيرة في اليمن.
محافظ شبوة الشيخ عوض محمد بن الوزير، رد على التصعيد الإرهابي المزدوج ضد قوات دفاع شبوة، بالتأكيد على أن السلطة المحلية مستمرة في خطواتها من أجل تعزيز الأمن والاستقرار ومحاربة الإرهاب.
وثمن المحافظ ابن الوزير كل التضحيات التي قدمتها قيادة وضباط وأفراد ألوية دفاع شبوة في سبيل حفظ أمن واستقرار المحافظة وسكينة أبنائها. وأكد أن هذه الأعمال الإرهابية لن تثني الأبطال في القوات الأمنية والعسكرية من بسط الأمن وحماية كافة المصالح في كافة أرجاء شبوة.
ودعا المحافظ ابن الوزير المواطنين إلى القيام بواجبهم إلى جانب إخوانهم في الوحدات الأمنية والعسكرية وتفويت الفرصة أمام أدوات الإرهاب، والتصدي لكل مخططاتهم الإجرامية.
خطر كبير
الكثير من المحللين النشطاء أكدوا أن المليشيا الحوثية تحاول من خلال تطوير قدرات تنظيم القاعدة الإرهابية استهداف المحافظات الجنوبية التي نفضت غبار الإرهاب وأفشلت المشروع الإيراني الذي يستهدف المنطقة.
الناشط فهد الخليقي قال، في منشور على صفحته في فيسبوك، إن امتلاك تنظيم القاعدة لطيران مسير تطور خطير ويؤكد العلاقة الواضحة بين مليشيا الحوثي والتنظيمات الإرهابية لاستهداف القوات الجنوبية فقط، مضيفا: "ما عجز عنه الحوثي في الجنوب يريد تحقيقه عبر أذنابه، ولكن لن يكون له ذلك أبدا".
فيما سلطان العولقي قال إن حصول تنظيم القاعدة الإرهابي على الطائرات المسيرة، جاء بدعم الإخوان المسلمين الذين يحاولون منع سقوط التنظيم وتعزيز قدراته للاستمرار في تهديد المحافظات الجنوبية، موضحا أن القاعدة في اليمن أول منظمة إرهابية تمتلك طائرات مسيرة، بعيداً عن التنظيمات الإرهابية المتواجدة في سوريا والعراق التي لم تتحصل على هذه المنظومة.
وأضاف العولقي: هناك معلومات عن امتلاك القاعدة في البيضاء تحديدا 20 طائرة مسيرة، قدمتها الميليشيات الحوثية كهدية وعربون صداقة للتنظيم مقابل استغلال هذه المنظومة الحديثة ضد الجنوب. هذا التحرك الإرهابي الخطير سيهدد الإقليم والعالم، ويجب التحرك لدعم القوات الجنوبية من أجل إفشال هذا المخطط الخطير الذي سيتضرر منه الأشقاء والأصدقاء.
ويؤكد بشير البريكي، إعلامي في قوات دفاع شبوة، أن تحركات عناصر تنظيم القاعدة في شبوة بتصعيد هجماتهم ضد قوات دفاع شبوة، تأتي بالتزامن مع تحركات مليشيات الحوثي بالجبهات الحدودية وهو ما يؤكد تخادمهم ضد القوات الجنوبية.
وقال إن القوات الجنوبية، في مقدمتها قوات دفاع شبوة، رفعت جاهزيتها من أجل حفظ الأمن والاستقرار، والتصدي لأية هجمات أو مخططات تريد النيل من شبوة ومن الإنجازات والانتصارات التي تحققها خصوصا في جانب محاربة الإرهاب والتطرف.
وأشار البريكي إلى أن التنظيم فقد قدراته وتسليحه، ولم يعد قادراً على أداء وظيفته والمهمة الموكلة له جراء الضربات الموجعة التي تلقاها خلال السنوات الماضية