بات النقل البحري في البحر الأحمر وبحر العرب أكثر من أي وقت مضى، في خطر محدق بعد أن أطلق الحوثيون طائرات موجهة بدون طيار ضد سفن الشحن.
وبهذه الخطوة تكون مليشيا الحوثي قد بدأت مرحلة جديدة من العمليات الإرهابية بتهديد سفن الشحن عقب هجماتهم الأخيرة التي طالت سفنا نفطية في الموانئ المحررة الشرقية والجنوبية للبلاد، إذ استخدم الانقلابيون المدعومون إيرانيا أسلحة موجهة بالنظام العالمي لسواتل الملاحة، وفق تقرير أممي قدم إلى مجلس الأمن مؤخرا.
وتتعقب "العين الإخبارية"، في هذا التقرير هجمات مليشيات الحوثي البحرية ضد سفن الشحن منذ 2016 وحتى نهاية 2022 وماهية الأسلحة المستخدمة وكيف طورت المليشيات عملياتهم الهجومية التي بدأت بالهجمات التقليدية المسلحة وصولا إلى الطائرات المسيرة.
من الألغام لـ"الزوارق" في 2015 بعد تمدد الحوثيين على الساحل اليمني، نشر الحوثيون ألغاما بحرية بدائية قرب باب المندب.
وبرغم خطورة تلك الألغام على سفن الشحن، إلا أن حواجز الألغام التي شيدتها المليشيات لم تستطع منع قوات التحالف العربي في تأمين الممر الاستراتيجي وصولا إلى المخا 2017 والحديدة 2018.
في 2016، انتقل الحوثيون لشن هجمات مباشرة على السفن جنوب البحر الأحمر باستخدام صواريخ "كروز" المضادة للسفن، والتي طالت 3 سفن هي "swift” ومدمرتين أمريكيتين إحداها "يو إس إس ميسون"، لترد البحرية الأمريكية بضربات مركزة على أهداف ساحلية للحوثيين.
في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2016، هاجم الحوثيون باستخدام زوارق محملة بالرشاشات ومسلحين مزودين بالقنابل اليدوية ناقلة الغاز "سبيريت" بالقرب من باب المندب قبل أن ينتقلوا لتفخيخ الزوارق وإطلاقها عن بعد.
وكان أول هجوم بالزوارق المفخخة في 19 يناير/كانون الثاني 2017، عندما هاجمت 3 زوارق مشحونة بالمتفجرات فرقاطة سعودية قرب ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 2 وإصابة 3 آخرين من طاقمها.
وشهد العام نفسه 4 هجمات حوثية، حيث كرر الحوثيون استخدام 3 زورق في الهجوم على 3 سفن تابعة للتحالف لكن تم اعتراضها كلها في 10 مارس/آذار 2017 لتعود المليشيات لاستخدام الصواريخ الموجهة لمهاجمة سفينتين إماراتيتين قبالة وفي ميناء المخا في 20 مارس/آذار و14 يونيو/حزيران من العام ذاته.
وفي 2018، شن الحوثيون أكثر من 7 هجمات على سفن الشحن واتبعوا ذات نهج الهجمات بالزوارق والصواريخ الموجهة وعلى أكثر من 4 نقاط ساحلية، لكن أغلبها كانت قبالة ميناء الحديدة والصليف وقرب جزيرة حنيش، كما شنوا أول هجوم على الموانئ السعودية واستهدفوا ميناء جازان انطلاقا من ميناء الحديدة. ففي 6 يناير/كانون الثاني تعرضت سفينة "نيبان" لهجوم حوثي وهجوم آخر استهدف سفينة للتحالف في 24 مارس/آذار وفي 3 أبريل/نيسان تعرضت سفينة "أبقيق" السعودية لهجوم مماثل وفي 10 مايو/أيار أطلق زورق للمليشيات صاروخا موجها على ناقلة النفط التركية "إنجي إيبلو" وفي 24 يوليو/تموز استهدف هجوم صاروخي خامس سفينة "آرسان" السعودية.
كما استهدفت مليشيات الحوثي في 3 يونيو/حزيران سفينة "فوس ثيا" التابعة لبرنامج الغذاء العالمي قرب جزيرة حنيش وبواسطة 3 زوارق، وفي 30 سبتمبر/أيلول استهدفوا سفينة سعودية كانت راسية في ميناء جازان.
أما عام 2019، فلم يشهد سوى هجومين استهدف الأول سفينة تجارية في 8 يوليو/ تموز جنوب البحر الأحمر، والثاني ضرب سفينة الشحن "حسن" في 5 ديسمبر/كانون الأول.
ويرجع تراجع هجمات الحوثيين الإرهابية إلى حراك أممي في البحر الأحمر عقب توقيع اتفاق ستكهولم أواخر العام 2018، والذي استغله الحوثيون بالسيطرة على الحديدة حتى اليوم.
جيل "شارك 33" وظهور "الدرونز" في عام 2020، شهد البحر الأحمر زيادة في أعداد الهجمات الحوثية بالقوارب المفخخة من نوع "بلو فيش" ذات المحرك الواحد، كما تم نشر جيل جديد من الزوارق المفخخة "شارك 33” ذات المحركين، قبل أن تنتقل لاستخدام "الدرونز" لأول مرة في هجمات بحرية في العام التالي.
وكانت الهجمات الحوثية في عام 2020 كالتالي: في 3 مارس/آذار اقتربت 3 زوارق مسلحة من سفينة "غلاديولوس" قبالة ميناء الحديدة وفي 17 مايو/ أيار تعرضت ناقلة النفط البريطانية "stotta pal” لهجوم مماثل باستخدام زورقين، وفي 3 أكتوبر/تشرين الأول، تعرضت سفينة "سيرا" لهجوم في ميناء رضوم في شبوة المحررة وهو أول هجوم في بحر العرب.
وفي 2 نوفمبر/ تشرين الثاني استهدف زورق حوثي سفينة "أجراري" بينما ضربت 3 زوارق أخرى سفينة سعودية وناقلة "بي دبليو راين" في 14 ديسمبر / كانون الأول 2020.
أما في عام 2021، هاجم زورقان حوثيان سفينة "تورم هرميا" التي ترفع علم سنغافورة في ينبع بالسعودية في 27 أبريل/نيسان وفي 30 يوليو/تموز من العام ذاته، شنت المليشيات أول هجوم بطائرة مسيرة على ناقلة النفط "ألبرتا" في ميناء جيزان.
وجاء الهجوم بالطائرة المسيرة عقب يوم واحد من هجوم حمل بصمات إيرانية على سفينة "ميرسر ستريت في خليج عمان في 29 يوليو/تموز، لتتعرض لاحقا سفينة "سافيز" الإيرانية الراسية في جزر دهلك بالبحر الأحمر لهجوم بلغم بحري أجبرها على المغادرة بعد سنوات من تقديم الدعم للحوثيين.
وافتتحت مليشيات الحوثي عام 2022، بقرصنة سفينة "روابي" الإماراتية في 2 يناير/كانون الثاني بعد تعرضها لهجوم مسلح قاده الإرهابي منصور السعادي والمهرب العابر للحدود أحمد حلص.
وفي 19 مايو/ أيار من العام الماضي انفردت "العين الإخبارية" بنشر تفاصيل حصرية عن هجوم حوثي مسلح استهدف يخت "لاكوتا" قبالة سواحل الحديدة الجنوبية لتنقل المليشيات بعده بشن سلسلة هجمات في بحر العرب.
وتثبت هجمات مليشيا الحوثي في بحر العرب وقوفها خلف استهدف سفينة "سيرا" في ميناء رضوم حيث تعرض لهجوم متقدم بطائرة مسيرة استهدف السفينة "هانا" وذلك في 18 أكتوبر/تشرين الأول 2022، كما شنت المليشيات بعده بـ3 أيام هجوم بـ3 طائرات مسيرة هجوم على ناقلة النفط "نيسوس كيا" في ميناء الضبة في حضرموت.
وفي 9 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي هاجمت طائرة حوثية مسيرة ناقلة المواد الكيمائية "أرام" في ميناء "قنا" في شبوة ما أدى لإصابة هنديين، وفي 21 من ذات الشهر نفذت المليشيا الإرهابية هجوما بطائرات مسيرة وصواريخ على سفينة "براتيكا" في ميناء الضبة ما أدى إلى وقف تصدير النفط من قبل الحكومة اليمنية وحرمانها من أكبر مصدر للإيرادات.
وخلافا للهجمات في بحر العرب، تستغل مليشيات الحوثي الهدنة الهشة في إعادة نصب للرادار عسكري في جزيرة كمران شمال الحديدة، وفقا لمصادر عسكرية تحدثت لـ"العين الإخبارية".
يأتي ذلك عقب شهور من استعراض مليشيات الحوثي أسلحة وصواريخ لاستهداف سفن الشحن منها صاروخ "المندب 1" و"المندب 2".
وبحسب تقرير الخبراء المعني باليمن والمقدم إلى مجلس الأمن مؤخرا فإن الخصائص الخارجية للصواريخ الحوثية المضادة للسفن تتشابه مع خصائص صواريخ إيرانية.
وقد أطلقت مليشيا الحوثيين صاروخين على الأقل منهما في البحر ما ينذر بتصاعد تهديد سفن الشحن بشكل خطير.