كشفت مصادر اقتصادية يمنية عن اتخاذ الجماعة الحوثية سلسلة من الإجراءات التي تستهدف تشديد الخناق على الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا وتجفيف إيراداتها المالية، مشيرة إلى أن هذه الإجراءات لا تستهدف القطاع الاقتصادي والمالي الحكومي فقط بل تمتد إلى شركات القطاع الخاص العاملة في المناطق المحررة والتي باتت تواجه حزمة من القرارات الحوثية التي تحد من نطاق نشاطها.
ولفتت هذه المصادر إلى أن الحوثيين أجبروا الشركات والموردين في مناطق سيطرتهم على تحويل بضائعهم وحاوياتهم التجارية إلى ميناء الحديدة بدلا من ميناء عدن. كما فُرضت عقوبات مالية على أي بضائع قادمة عبر المنافذ البرية بين المناطق المحررة والأخرى الخاضعة لسيطرة الميليشيات الحوثية، حيث نُصِبت نقاط جمركية في تلك المناطق.
وقالت مصادر إعلامية إن الحوثيين باتوا يمنعون دخول الكثير من المنتجات القادمة من المحافظات المحررة، ويتعمدون تأخيرها لأسابيع في النقاط الجمركية المستحدثة، بهدف إضعاف شركات القطاع الخاص العاملة في المحافظات الجنوبية وابتزازها وإجبارها على نقل نشاطها الاقتصادي إلى المحافظات الخاضعة لسلطة الحوثيين التي تضم الكتلة السكانية الأكبر في اليمن.
وحذّر مراقبون وخبراء اقتصاديون يمنيون من انعكاس الإجراءات الحوثية، التي ترقى إلى حرب اقتصادية مفتوحة، على الوضع الاقتصادي والمالي ضمن المناطق المحررة، في ظل غياب أي إجراءات مماثلة من قبل الحكومة الشرعية لعكس نتائج وآثار الإجراءات الحوثية التي طالت القطاع الخاص في المحافظات المحررة.
كما حذروا من العواقب السياسية لمثل هذه الإجراءات التي تزيد من حالة الاحتقان الشعبي في المحافظات المحررة وتُضاعف الضغط الشعبي على الشرعية.
وقال الباحث الاقتصادي اليمني ماجد الداعري إن “إجراءات الحوثيين لخنق الشرعية تأتي في إطار الحرب الاقتصادية المتكاملة التي تفرضها الميليشيات على الجنوبيين وسكان المناطق المحررة بعد تمكنهم من إرهاب الشركات التجارية وإيقاف تصدير النفط بهدف مضاعفة الأزمة الاقتصادية”.
وأشار الداعري في تصريح لـ”العرب” إلى أن “الإجراءات لا تقتصر على منع الحوثيين دخول مواد معينة إلى مناطقهم أو إيقاف تصدير النفط وإجبار التجار والشركات والوكلاء الملاحيين على تحويل معاملاتهم إلى ميناء الحديدة، مستغلين صمت التحالف على مزاعمهم الفارغة بفتح الأجواء ورفع آلية التفتيش الأممية عن السفن التجارية وتدفق إمدادات النفط إلى ميناء الحديدة دون أي قيود، وإنما تمتد إلى التمسك بشروطهم التعجيزية في دفع الشرعية لرواتب موظفي مناطقهم بمن فيهم العسكريون لديهم”.
ومن شأن هذه الإجراءات أن تزيد من حدة الأزمة الاقتصادية وانهيار قيمة العملة المحلية وعجز الدولة عن دفع رواتب موظفيها أو الإيفاء بأي التزام من التزاماتها.
ووصف الباحث السياسي اليمني محمود الطاهر ما يقوم به الحوثي تجاه الاقتصاد اليمني بأنه “عملية تدمير سيتضرر منها الشعب بشكل كامل، وليس الحكومة اليمنية، وهي عملية تبدو مدروسة، الهدف منها زيادة ضغط الحجم الشعبي على مجلس القيادة الرئاسي، لإظهار عجزه أمام الشعب أولا، وثانيًا أمام المجتمع الدولي، لكي يسوّق نفسه على أنه البديل الناجح، وقادر على كل شيء”.
واعتبر الطاهر في تصريح لـ”العرب” أن “الميليشيا الحوثية تحاول توظيف هذا الضغط الاقتصادي بهدف وضع شروط أكثر قسوة في المفاوضات الجارية لتمديد الهدنة”.
وجاء التصعيد الحوثي على الصعيد الاقتصادي بعد سلسلة من الهجمات التي شنتها الميليشيات المدعومة من إيران على موانئ تصدير النفط في حضرموت وشبوة وتسببت وفقا لرئيس الحكومة اليمنية معين عبدالملك في خسارة الشرعية ما يقارب المليار دولار أميركي نتيجة توقف تصدير النفط.
وتضافرت الإجراءات الحوثية لمنع تصدير النفط وفرض إجراءات أحادية تستهدف خنق المنظومة الاقتصادية الهشة في المحافظات المحررة، مع قرارات اتخذتها الحكومة اليمنية لرفع سعر الدولار الجمركي في الوقت الذي أعلن فيه الحوثيون عن إعفاءات جمركية وضريبية للبضائع القادمة عبر ميناء الحديدة، وهو ما حدا بالغرفة التجارية والاقتصادية في العاصمة المؤقتة عدن إلى رفع دعوى قضائية للمطالبة بإلغاء القرار الحكومي.