"لا تقلقوا وسنتعامل مع الأمر".. تلك كانت أول رسالة طمأنة بعثت بها القوات المسلحة الإماراتية وهي تبدأ ملحمة حماية العاصمة عدن من السقوط في قبضة المليشيات الحوثية الإرهابية، في عمل بطولي سيتوقف أمامه التاريخ مدى الدهر.
الكاتب والباحث الأمريكي مايكل نايتس صاحب كتاب 25 يوما إلى عدن، روى تفاصيل جديدة عن الدور الإماراتي العظيم في معركة تحرير عدن.
يقول نايتس، في مقابلة مع قناة "سكاي نيوز"، إنه في الأيام الأولى للحرب كان عناصر المليشيات الحوثية قد بدأت بالتقدم صوب العاصمة عدن، وحينها وصل الجنود الأوائل من دولة الإمارات.
ومع تقدم عناصر المليشيات الحوثية بدباباتهم، بدأ القلق يتسلل إلى قلوب المواطنين خوفا من سقوط العاصمة في قبضة مليشيا الشر والإرهاب، لكن الرسالة الإماراتية كانت مغايرة، فصمد أولئك الأبطال، وطمأنوا أبناء العاصمة: "لا تقلقوا وسنتعامل مع الأمر".
يروي الباحث الأمريكي أن كانت هناك توليفة من القوات الخاصة الإماراتية ميدانياً مع طائرات إماراتية سعودية، وبهذا التضافر، كانوا قد دمروا أكثر من 20 دبابة في بضع ساعات، وبعد ذلك بدأ الأمل يعم أرجاء وأهالي عدن.
نقل الكاتب عن المواطنين قولهم آنذاك: "إذا كان هناك عدد قليل فقط من القوات العربية -الإماراتية تحديدا- أوقفوا الحوثيين من التقدم، ربما هناك فرصة لنصمد ونتقدم أكثر.. وهذا ما فعلوه وصمدوا لأشهر حتى أصبحوا أكثر قوة لمهاجمة الحوثيين لإجبارهم على الانحسار والتراجع كيلومترات من المكان الذي كانوا يوجدون فيه".
وأشار نايتس إلى أن الإماراتيين والسعوديين طافوا في الأرجاء، ويتابع: "في خضم المعركة كانت هناك أشياء إنسانية جميلة لمستها في الجنود الإماراتيين والسعوديين، وهي قربهم من السكان وقدموا الكثير من المساعدات الإنسانية".
وكان مايكل نايتس وهو باحث في معهد واشنطن لسياسات الشرق ومتخصص في الشؤون العسكرية والأمنية للعراق وإيران واليمن ودول الخليج، قد ألَّف كتابا أسماه "25 يوما إلى عدن" عرج إلى الدور العظيم الذي بذله الجنود الإماراتيون في تحرير العاصمة عدن.
روى الكاتب الأمريكي، أنه في الأيام الأولى للحرب، سارعت دولة الإمارات لتقديم العون لمقاتلي المقاومة للدفاع عن ميناء عدن، والذي كان الميناء الأكثر ازدحاما في العالم قبل عقود.
وتحدّث عن دور القوات البحرية والجوية والدفاع الجوي لدولة الإمارات على مدار الساعة وفي ظل ظروف مروعة لإبقاء خطوط الإمداد مفتوحة ومواصلة القصف الدقيق والثقيل على العدو الحوثي.
ويقول: "لقد كان جهداً جماعياً حقيقياً: فالأمة بأكملها ركزت على هدف واحد، وهو تحرير عدن".
وأمضى الكاتب، مئات الساعات في المقابلات إلى جانب العيش جنباً إلى جنب مع أفراد الجيش الإماراتي، فضلا عن جمع قصصهم أثناء انتشارهم على جبهات القتال.
ويقول: "لا يفرح رجال ونساء الإمارات العسكريون بالأعمال المدمرة للحرب. ومثل جميع المحاربين، هم معجبون بدقة وقوة الأسلحة الحديثة، لكنني وجدت مستوى خاصاً من الجدية والنضج في القوات الإماراتية التي كرهت حقاً الموت والبؤس بسبب الحرب".
ويضيف: "كانت القوات الإماراتية بلا شك جيدة أيضاً في الحرب الحديثة: فقد تدربت في صراعات حقيقية إلى جانب أفضل الجيوش الغربية، كما أن القوات الإماراتية تتمتع أيضاً بفهم أفضل للثقافة المحلية في اليمن وعلاقات ممتازة مع أصحاب الأرض".
ووثقت هذه الشهادة جانبا من الدور العظيم الذي لعبته دولة الإمارات لتحرير العاصمة عدن، وهذا الدور لم يتوقف عند سير المعارك، بل عملت على تدريب وتأهيل وتسليح ثلاثة ألوية عسكرية لتكون الحرب على الإرهاب شاملة ومتكاملة وهو ما كان له أفضل الأثر.
وجهود دولة الإمارات العسكرية التي مكّنت الجنوب من التعامل الفعال مع الإرهاب تحظى حتى الآن بتقدير كبير بين الجنوبيين، الذين عبروا في الكثير من المناسبات عن عميق تقدير الجنوبيين لحجم التضحيات الإماراتية في تلك المعركة.
وساهمت تلك الجهود في مزيد من التقارب بين الجنوبيين والإماراتيين بعدما امتزج الدم الجنوبي بالدم الإماراتي في رحلة دحر الإرهاب.