كشفت مصادر أمنية يمنية في العاصمة المختطفة صنعاء عن قيام الميليشيات الحوثية بتسريح دفعة جديدة من عناصر الشرطة والأجهزة الأمنية في مناطق سيطرتها، تضم آلافاً من مختلف الرتب، بعد أن أحيل آلاف من زملائهم إلى التقاعد القسري خلال العامين الماضيين، وإحلال عناصر طائفية بدلاً منهم، إلى جانب المجاميع الحوثية التي تم تعيينها في مختلف المناصب داخل الوحدات والأجهزة الأمنية.
ووفق ما ذكرته مصادر لـ«الشرق الأوسط»، فإن وزير داخلية الانقلاب عبد الكريم الحوثي، وهو عمّ زعيم الميليشيات، عمل منذ تعيينه في هذا الموقع على استبعاد كل الضباط الذين كانوا في مواقع قيادية داخل الوزارة أو الجهات التابعة لها، وقام بتعيين عناصر طائفية بدلاً منهم، كما قام بتسريح آلاف من العناصر الذين كانوا يعملون في ديوان الوزارة والكليات والمعاهد والمناطق الأمنية وأقسام الشرطة، لأنه لا يثق في ولائهم للجماعة وفكرها الطائفي.
ويقول أحد الضباط، الذين أبعدوا عن أعمالهم أخيراً، إنه ومجموعة كبيرة من زملائه كانوا قد أرغموا على حضور ما تسمى الدورات الثقافية (الطائفية) التي ألزم جميع منتسبي أجهزة الأمن بحضورها كشرط لاستمرار حصولهم على الرواتب الشهرية الأساسية، وهي الدورات التي تستمر بين 3 أسابيع وشهر، بهدف التأكد من اعتناقهم الفكر الطائفي والإيمان به، إلا أن ذلك لم يحل دون ضمّهم إلى قائمة جديدة، تضم نحو 9 آلاف من الضباط وضباط الصف والأفراد، أحيلوا للتقاعد القسري مطلع هذا العام.
وكان الوزير الحوثي أصدر العام 2021 قراراً بالاستغناء عن خدمات نحو 3 آلاف من منتسبي الداخلية والوحدات الأمنية، كما اتخذ قراراً منتصف العام الماضي بإحالة نحو 2000 من الضباط وضباط الصف والأفراد من مختلف الوحدات الأمنية إلى التقاعد، مع أنهم عملياً لا يمارسون أي مهام منذ تولي الحوثي مهمة قيادة الوزارة، وفق ما تقوله مصادر في أوساط المسرّحين لـ«الشرق الأوسط» حيث عمل الحوثي على تغيير كل القيادات وتعيين عناصر طائفية.
«المركز الأميركي للعدالة»، وهو منظمة حقوقية يمنية تعمل من داخل الولايات المتحدة، ندّد بهذه الخطوة الحوثية وأكد أن قرار الإحالة للتقاعد تم من دون منح هؤلاء مستحقاتهم القانونية، ووصفه بأنه انتهاك للدستور ولقانون التأمينات والمعاشات وللحقوق الاقتصادية لهؤلاء المتقاعدين، حيث يتم حرمانهم وأسرهم من العيش الكريم والحماية من الفاقة والعوز. وأوضح المركز الحقوقي، في بيان، أن إجراءات الإحالة إلى التقاعد للأفراد والضباط والموظفين لا تقتصر على الذين بلغوا السن القانونية؛ ولكن «تجري عملية فرز وتصفية على أساس المذهب والمنطقة والولاء»، حيث يتم اختبار الولاء للانقلابيين الحوثيين من خلال ما يعرف بالدورات الثقافية، وهي تجمعات تشبه المعسكرات الداخلية يتم فيها إخضاع المشاركين لدروس فكرية طائفية.
ووفق ما يذكره منتسبون للأجهزة الأمنية، فإن الانقلابيين يقومون باختيار العناصر التي يتم إحلالها وفق اعتبارات مذهبية وجهوية، بعد إخضاعهم لدورات قصيرة ومكثفة في المعاهد الأمنية، تشمل دورساً طائفية وتعبئة فكرية، ما يعني تحويل المؤسسات الأمنية إلى كيانات طائفية جهوية بصورة مخالفة للقانون.
وبحسب مصادر حكومية، فإن الانقلابيين الحوثيين قاموا منذ سنوات بدمج آلاف من عناصرهم في الوحدات الأمنية، ومعظم هؤلاء تم تجنيدهم مع اجتياح العاصمة صنعاء، وكانوا يعرفون بـ«الأمنيات»، وهم من صغار السن، وأغلبهم من محافظتي صعدة وحجة، أو من عناصر سلالة الحوثي التي كانت تقيم في صنعاء، وكل هؤلاء لم يتلقوا أي تدريبات أمنية أو قانونية، وإنما يشرف عليهم أحد عناصر المخابرات، ويقومون بتنفيذ توجيهاته