كشفت وثائق رسمية عن جملة قرارات أصدرتها الحكومة الشرعية في عدن لمعالجة أزمة توقف عائدات تصدير النفط جراء الهجمات التي شنتها مليشيات الحوثي على موانئ التصدير بالمناطق المحررة.
وأشارت الوثائق إلى قرارات أصدرها المجلس الاقتصادي مؤخراً، وتهدف في مجملها إلى رفع نسبة الإيرادات المحصلة بالمناطق المحررة لتعويض انقطاع عائدات النفط الخام المصدر منذ 3 أشهر. وعلى رأس هذه القرارات الموافقة على رفع السعر الجمركي على البضائع المستوردة من 500 ريال إلى 750 ريالا للدولار الأمريكي، مع استثناء المواد الأساسية من هذا القرار.
كما أصدر المجلس الاقتصادي قراراً برفع تعرفة الاستهلاك لخدمات المياه والكهرباء بالمناطق المحررة بشكل تدريجي، دون توضيح نسبة الرفع، بالإضافة إلى رفع سعر بيع المشتقات النفطية المكررة محلياً في مأرب من 175 ريالا للتر الواحد الى 487.5 ريالاً، وكذا رفع سعر أسطوانة الغاز من 2100 ريال إلى 3000 ريال.
وسارعت الحكومة إلى تطبيق هذا القرارات، وبخاصة قرار رفع تعرفة الدولار الجمركي بنسبة 50% ابتداءً منالثلاثاء، وهو ما قوبل برفض واسع من قبل المستوردين الذين نفذوا إضراباً شاملاً وامتنعوا عن تخليص معاملاتهم في حرم جمرك المنطقة الحرة في عدن. كما هاجم اتحاد الغرف التجارية والصناعية هذا القرار ووصفه بالـ"خطوة جنونية"، محذراً من أنه سيزيد من معاناة المواطنين جراء ارتفاع أسعار السلع والبضائع المستوردة، ملوّحاً باللجوء إلى القضاء ورفع دعوى ضد وزارة المالية.
وتأتي هذه القرارات ضمن مساعي الحكومة والمجلس الرئاسي إلى احتواء تداعيات انقطاع عائدات تصدير النفط الخام والتي تشكل نحو ثلثي الإيرادات بالموازنة العامة، وفق أحدث تقرير صادر عن البنك المركزي في عدن. تقرير البنك الصادر حول النصف الأول من العام الجاري 2022م، يشير إلى أن إيرادات النفط بلغت خلال هذه الفترة نحو 836 مليار ريال من إجمالي الإيرادات العامة التي بلغت نحو 1222 مليار ريال، أي أنها تمثل نحو 68% من إجمالي الإيرادات العامة، في حين بلغ إجمالي الإيرادات غير النفطية نحو 386 ملياراً فقط.
محاولات الحكومة لتعويض هذا النقص الكبير في الإيرادات من خلال مضاعفة الإيرادات غير النفطية، يراه مختصون حلاً ناقصاً إذا لم يتزامن مع خطوات جادة من قبل الحكومة لتخفيض باب النفقات واتخاذ إجراءات حقيقية وصارمة لوقف كل أشكال الفساد والعبث المالي والإداري، لتقليص النفقات.
ويشير المختصون إلى عجز الحكومة عن تحصيل كافة الإيرادات المركزية إلى حسابات البنك المركزي في عدن، وعلى رأسها إيرادات بيع المشتقات النفطية والغاز المحلي في مأرب، حيث لا تزال السلطات هناك ترفض بشكل قطعي توريدها إلى البنك في عدن.
مستدلين بما ورد في قرارات المجلس الاقتصادي برفع سعر أسطوانة الغاز المباع في مأرب من 2100 ريال إلى 3000 ريال، في حين أن سلطات مأرب كانت قد أقرت قبل نحو سنة رفع سعرها إلى 3550 ريالاً، وهو ما يعكس مدى جهل الحكومة بملف الغاز المنزلي.
وينبه المختصون إلى أن تداعيات وقف تصدير النفط لا يقف عند مسألة الإيرادات، بل إن أهم تداعياتها هي تأثيرات توقف عائدات النفط على استقرار العملة المحلية بالنظر إلى كونها أحد أهم موارد العملة الصعبة، في ظل عجز الحكومة منذ تشكل مجلس القيادة الرئاسي قبل 9 أشهر عن الإيفاء بالشروط والالتزامات المرتبطة بتقديم الوديعة من قبل السعودية والإمارات.