أعلن مجلس الشيوخ الأميركي تأجيل التصويت على قرار بشأن الحرب في اليمن، والذي من شأنه وقف أي دعم أو مشاركة أميركية في هذا الصراع الدائر منذ ثماني سنوات، بما في ذلك التعاون اللوجستي والأمني وتجميد مبيعات الأسلحة.
وكان نواب من الديمقراطيين والجمهوريين في الكونغرس الأميركي قد تقدموا بمشروع قرار يقضي بـ”وقف مشاركة القوات الأميركية في أي أعمال هجومية في حرب اليمن، وتجميد كل المساعدات العسكرية”.
ويرى مراقبون أن تأجيل البت في هذا القرار يعود إلى توافق جرى مع إدارة جو بايدن، حيث أن الظرفية الحالية لا تبدو مناسبة للمصادقة عليه، لاسيما مع التهديدات التي تطلقها جماعة الحوثي تجاه الملاحة الدولية، والتي تفرض تحركا دوليا لمواجهتها.
وهددت جماعة الحوثي الثلاثاء باتخاذ إجراءات عسكرية حال الاقتراب من المياه الإقليمية اليمنية، وذلك بعد ساعات من إعلان الجيش المصري توليه مهام دولية جديدة في البحر الأحمر تشمل مضيق باب المندب وخليج عدن.
ووفق وكالة الأنباء (سبأ) التابعة للحوثيين، قال وزير الدفاع في حكومة الجماعة (غير معترف بها) محمد ناصر العاطفي إن “مضيق باب المندب وخليج عدن والبحر العربي والامتداد الإقليمي لأرخبيل سقطرى والجزر اليمنية هي أرض يمنية سيادتنا عليها كاملة”.
وأضاف العاطفي في تصريح أن “القوات المسلحة (الحوثية) اتخذت كافة الإجراءات التي تضمن التعامل بقوة وحزم مع أي تطور يمثل تهديدا أو المساس بالسيادة الوطنية أو الاقتراب من السيادة البحرية”.
وتابع “هناك خيارات تأديبية سيتم اتخاذها والإعلان عنها في الوقت المناسب.. لا يلومنا عليها أحد إن لجأنا إليها، لأننا قدمنا كل السبل للوصول إلى نهاية إيجابية، لكن العدو يأبى إلا أن يسير عكس التيار، وقد أعذر من أنذر”.
وخلافًا لموقف الحوثيين قال المتحدث باسم المجلس الانتقالي الجنوبي باليمن علي الكثيري في بيان “نرحب بتولي القوات البحرية المصرية قيادة قوة المهام المشتركة (153) لمواجهة التهديدات والتحديات التي تستهدف أمن واستقرار المنطقة”.
وهذه القوة، بحسب الكثيري، “تتمثل مهامها في مكافحة أعمال التهريب والتصدي للأنشطة غير المشروعة، خاصة الأنشطة الإرهابية في مناطق البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن”.
وأردف أن “تولي مصر قيادة القوة يأتي انطلاقا من دورها المحوري في تأمين المنطقة والممرات البحرية ومكافحة الإرهاب والقرصنة، بما يعزز الأمن والسلام الإقليمي والدولي”.
ويسيطر المجلس الانتقالي على العاصمة اليمنية المؤقتة عدن ومحافظات جنوبية أخرى أبرزها أرخبيل سقطرى.
وفي وقت سابق الثلاثاء أعلن الجيش المصري تولي قواته البحرية مهام دولية جديدة في البحر الأحمر تشمل مضيق باب المندب وخليج عدن، إثر توليها للمرة الأولى قيادة “قوة المهام المشتركة 153 الدولية”.
وهذه القوة تضم كلا من مصر والسعودية والإمارات والأردن والولايات المتحدة، ويتركز نطاق عملها في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن.
ومن خليج عدن ومضيق باب المندب تمر أعداد كبيرة من سفن التجارة العالمية التي تعرضت خلال السنوات الأخيرة لهجمات وصفتها الولايات المتحدة ودول خليجية كالسعودية بـ”الإرهابية”.
ويخشى المجتمع الدولي أن تعمد جماعة الحوثي إلى تصعيد في المنطقة بما يهدد هذا الطريق الحيوي، في سياق مساعيها لابتزاز السلطة الشرعية وسحب المزيد من التنازلات منها.
ويرى المراقبون أن تهديدات الحوثيين يبدو أنها لعبت دورا رئيسيا في فرملة اندفاعة بعض نواب الكونغرس بشأن وقف أي دعم للتحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن، بهدف فسح المجال للتعاطي مع هذه التهديدات.
وكان السيناتور الديمقراطي بيرني ساندرز، صاحب مقترح التصويت على القرار، قد ألمح في وقت سابق إلى تأجيل النظر في القرار، لكنه أشار إلى أنه مستعد لإعادة طرحه في المستقبل القريب في حال لم تقم الإدارة الأميركية بما يتوجب لإنهاء هذا الصراع.
ويحبس اليمنيون أنفاسهم مع مؤشرات على أن البلد مقبل على تصعيد عسكري خطير سيتجاوز جغرافيته، مع فشل كل الجهود المطروحة لتجديد الهدنة الإنسانية التي انتهت في الثاني من أكتوبر الماضي.
واستنكر المبعوث الأميركي الخاص إلى اليمن تيموثي ليندركينغ في وقت سابق هجمات الحوثيين التي استهدفت الملاحة الدولية، معتبرًا أنها خطيرة جدًا.
وأشار ليندركينغ إلى أنه من الضروري حماية خطوط الملاحة البحرية في هذه المنطقة وتدعيم القدرات الدولية لمواجهة مثل تلك الهجمات.
وأكد أنه “لا يمكن أن نسمح لأي طرف بالاعتقاد أن هناك حلًا عسكريًا للأزمة ويجب أن نواصل التركيز على جهودنا السياسية للتوصل إلى حل سلمي”.
وحول إمكانية أن تعيد الولايات المتحدةُ الحوثيينَ إلى قائمة المنظمات الإرهابية قال المسؤول الأميركي “الإدارة الحالية أزالت الجماعة من القائمة لأسباب بينها ما هو إنساني من أجل تسهيل وصول المساعدات إلى الشعب الذي يعاني من أزمات”.