لم يسلم شيء في اليمن من عدوان ميليشيات الحوثي الإرهابية، لا بشر ولا حجر ولا تاريخ.
فعلى مدار أعوام الحرب التي أشعلت العصابة الانقلابية نيرانها بفعل إطاحتها الحكومة الشرعية في خريف 2014، تحولت الكثير من المعالم التاريخية اليمنية إلى أطلال، وتم تخريب متاحف البلاد، ودُمِّرَت مقتنياتها، أو هُرِّبَت إلى الخارج.
وبحسب التقديرات المنشورة، نُهِبَت خلال السنوات الماضية أكثر من 4250 قطعة أثرية يمنية، وبيع الكثير منها لهواة جمع التحف في دول غربية كبرى، على رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، وذلك على الرغم من الجهود الدولية المكثفة التي بُذِلَت لتعقب هذه الآثار المُهرَّبة، وإعادتها إلى اليمن، قبل طرحها في دور المزادات.
ويؤكد خبراء غربيون، أن الفوضى التي عمت اليمن جراء الانقلاب الحوثي، تشكل السبب الرئيس في فتح الباب أمام مهربي الآثار، لنهب تراث البلاد الفريد من نوعه، بوتيرة غير مسبوقة، وذلك في ظل انشغال القوى الإقليمية والدولية المعنية بالملف اليمني بجوانبه السياسية والعسكرية والاقتصادية والإنسانية.
فعلى وقع الخسائر البشرية والمادية الفادحة التي يُلحقها المسلحون الانقلابيون بمقدرات اليمن، ما أوقعه فريسة للأزمة الإنسانية الأسوأ من نوعها في العالم وحصد أرواح قرابة 377 ألفاً من بَنيِه وحوَّل ملايين آخرين إلى لاجئين أو نازحين، لا يلتفت الكثيرون داخل البلاد وخارجها، إلى الدمار الهائل الذي ألحقته اعتداءات العصابة الحوثية بالكثير من المواقع الأثرية التي يُدرج بعضها على قائمة التراث العالمي التي تعدها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونيسكو».
ومن بين أشهر المعالم التي دمرها العدوان الحوثي، مدينة صنعاء القديمة، المأهولة بالسكان منذ أكثر من 2500 سنة والتي كانت عاصمة مؤقتة لمملكة سبأ في القرن الأول الميلادي، وكذلك مدينة «شبام» الواقعة في محافظة حضرموت، والتي تعود إلى القرن الـ16، بجانب مدينة زبيد بالحُديدة، والتي شكلت حاضرة لليمن بين القرنيْن الـ13 والـ15.
كما لم يتورع الحوثيون عن إضرام النيران في بعض المواقع والمتاحف التاريخية اليمنية، مثل المتحف الوطني في مدينة تعز، وهو عبارة عن مبنى شُيّد خلال الحكم العثماني لليمن، واسْتُخْدِمَ بعد خروج العثمانيين من البلاد في أعقاب الحرب العالمية الأولى، قصراً لولي العهد وقتذاك.